Site icon IMLebanon

تحرير الموصل والمصالح المتداخلة

حذّر نعمان قورتولوش، نائب رئيس الوزراء التركي، من أنّ محاولات تحويل معركة الموصل إلى ذريعة لشن حرب جديدة بـ«أيدٍ ثالثة» قد تسبّب باندلاع صراع عالمي. وسبق لأنقرة أن عارضت بشدة مشاركة الحشد الشعبي العراقي في عملية تحرير الموصل، مُبرِّرةً موقفها بوجود مخاوف من اندلاع صدامات طائفية في المدينة.

تعمل القوات العراقية على تحرير مدينة الموصل من داعش، وإعادتها إلى كنف الدولة العراقية. لكنّ مسار الأمور في الموصل تأخذ طابعاً استراتيجياً، بسبب موقعها بالنسبة إلى سياسات الدول الإقليمية، التي تتدخّل انطلاقَاً من مصالحها.

تناولت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا»، تحرير مدينة الموصل، معتبرةً أنّه يهدّد بتضارب مصالح عديد من البلدان في المنطقة. قد تؤدي العملية إلى تحرير الموصل، التي يسيطر عليها داعش، الى تصادم مصالح عدد من اللاعبين الإقليميين العراق وإيران وتركيا.

تنظر كلّ من ايران وتركيا إلى الموصل، بمثابة امتداد طبيعي لحدود مصالحها في المنطقة. يظهر ذلك من خلال:

– تركيا، التي ترى في الموصل جزءاً من أراضيها اقطتعت منها زمن الإنتداب البريطاني على العراق، بالتوافق مع عصبة الأمم المتحدة آنذاك. وبحسب الخبراء، تنوي تركيا إنشاء في الموصل، «رأس جسر» عسكري على غرار ما فعلته في شمال سوريا بعملية «درع الفرات»، بهدف توسيع دائرة الحماية لأمن بلدها من التدخّل الإيراني في المنطقة.

– إيران، التي تريد شق ممرّ لها إلى سوريا من خلال المرور في الموصل. فالمخطط الإيراني يهدف إلى ربط إيران بسوريا وصولاً إلى حزب الله في لبنان، بهدف تثبيت ما بات يُعرف بالهلال الشيعي. لذا، فهي تشارك في معركة الموصل من خلال دعمها للحشد الشعبي، وتعمل على تغيير ديمغرافية الموصل، من غالبية سنّية إلى شيعية.

لقد بلغت طموحات تركيا بعداً جديداً، حين أعلنت عن استعدادها لتحرير الموصل. واستطاعت تركيا تثبيت قدميها في العراق، من خلال إنشاء وحدات عسكرية تشرف على إعداد جزء من الميليشيات السنّية، لكي تمنع الحشد الشعبي، الموالي لإيران، من الاستيلاء على الموصل.

لم تعد المعركة لتحرير المدينة من داعش، فهي معركة تخطّت الحدود العراقية، إلى تثبيت النفوذ بين الدول الإقليمية المتنازعة في المنطقة.

وتشير «ناشيونال إنترست» إلى أنّ سبب التدخل التركي في العراق، ووضع الثقل في معركة الموصل، يعود إلى الضغوط الإيرانية التي تحاول عبر أتباعها في العراق شقّ ممرّ عبر الموصل إلى سوريا. وبحسب الصحيفة فإنّ النفوذ الإيراني بالذات سيجبر تركيا على التدخّل.

إنّ الأتراك على استعداد للقيام بأيّ شيء للحفاظ على نفوذهم في الموصل. لذلك فإنّ احتمال حدوث صدام مباشر بين إيران وتركيا في الموصل كبير جداً. والطرفان يحاولان عبر قنوات التلفزة الفضائية فرض السيطرة على هذه الاستراتيجية الغنية بالنفط.

إنّ لتركيا مصالح ترتبط ارتباطاً مباشراً بمستقبل الموصل، كما أنّ ذلك سيؤثر مباشرة على مستقبل حلب ودمشق. في المقابل، تمكنت قوات الحشد الشعبي العراقية من تحرير مطار تلعفر بالكامل من قبضة تنظيم داعش الإسلامية، حسبما صرح المتحدث باسم القوات أحمد الأسدي للوكالة الوطنية العراقية للأنباء. هذا ما يؤدي إلى تزايد حدّة الصراع، بسبب التهديد الذي يمثّله الحشد الشعبي وما يمثّله إلى النفوذ التركي في المنطقة.

أخيراً، إنّ عملية تحرير الموصل قد تؤدي إلى وقوع صدامات بين أكراد العراق والقوات التركية، على رغم التفاهمات القائمة بينهما. وهنا ستتعارض مصالح العديد من الدول من بينها إيران والولايات المتحدة خصوصاً، إذا أخذنا في الاعتبار سياسة واشنطن المساندة للأكراد. لهذا السبب تأخر تحرير المدينة ومن الصعوبة التكهّن بما ستحصل عليه كلّ من تركيا وإيران.