معركة قضم المجموعات الإسلاميّة بدأت؟!
رغم الانشغال المحلي بملف قانون الانتخابات الشائك الذي دخل مرحل جديدة من التعقيد على عتبة انقضاء المهل والتلويح بتغيير عنوان المعركة ليصبح التمديد للمجلس القائم، عاد الوضع الامني الى الواجهة مع انفجار الوضع الامني بشكل غير مسبوق في مخيم عين الحلوة، وسط المخاوف المتزايدة من اتساع رقعة المواجهات الى خارجه، مع اعلان حركة فتح اصرارها على انهاء المربعات الامنية فيه ونشر القوة الامنية المشتركة في كامل ارجائه، بدعم من الدولة اللبنانية التي اقتصر دورها حتى الساعة على تسهيل انتقال عشرات المقاتلين من حركة فتح من مخيمات الشمال والجنوب وبيروت الى عين الحلوة للمساهمة في حسم المعركة.
واذا كان ثمة من يزال يعتبر بنظرية المؤامرة رابطا بين انفجار عين الحلوة وتأجيل الانتخابات النيابية، تجمع الاوساط المتابعة على ان لا رابط بين الامرين، اذ ان ما تشهده ساحة المخيم مرتبط اكثر ويتحرك على وقع عقارب الساعة الاقليمية في ظل الحسم الذي يبدو انه دخل مرحلته الجدية لجهة انهاء الجماعات المتطرفة، في موازاة ضمانات معينة حصلت عليها الدول الخليجية الراعية لبعضها من خلال اخذ مصالحها في الحسبان، وقد تندرج في هذا الاطار الضربة الاميركية الموضعية لقاعدة الشعيرات الجوية.
وتكشف المصادر عن تشكيل غرفة عمليات بين فتح والقوة المشتركة لادارة معركة تحرير المخيم من قبضة العصابات الارهابية الخارجة عن القانون، تعمل بالتعاون والتنسيق مع الاجهزة الامنية والعسكرية اللبنانية، بعدما اتخذت قيادة رام الله وفقا لتعمليمات الرئيس محمود عباس والاتفاقات التي عقدها خلال زيارته الى لبنان قراراً واضحا بالحسم واخضاع المخيمات الفلسطينية للشرعية اللبنانية.
الى ذلك، شكلت المجموعات الاسلامية المتمركزة في حي الصفصاف وحطين غرفة عمليات تضم بلال بدر واسامة الشهابي وابو جمرا الشريدي وعبد فضة وساري حجير وهيثم ومحمد الشعبي، يخضع لإمرتها 75 عنصرا، لتنسيق العمليات العسكرية في حال انهيار الاوضاع واتساع نطاق المواجهة الى حد انهاء وجودهم، خصوصا ان قناعة تلك الجماعات ان ما حصل لن يتخطى عملية «تاديب» بدر الذي بادر الى عرقلة انتشار القوة المشتركة وما يجري من باب ايصال الرسائل.
في الخريطة العسكرية تبين المجريات الميدانية، ان عددا من المجموعات الاسلامية لم يدخل حتى الساعة في المعركة، ومنها جند الشام، رغم اطلاق احد مسؤوليها النار باتجاه حاجز للجيش، المتمركزة في منطقة الطوارئ والتي تضم حوالى 40- 50 من ابناء المخيم البارزين منهم هيثم ومحمد الشعبي، كذلك مجموعة فتح الاسلام المشكلة من 50 عنصرا ابرزهم اسامة الشهابي، الذي هدد بعدم ترك بدر وحيدا، وابو جمرة الشريدي المتمركزة في منطقة الصفصاف وحي حطين، بحسب مصادر فلسطينية، مشيرة الى ان المعارك الحالية تتركز على محورين اساسيين:
– الاول: من حي الصفصاف، معقل «عصبة الانصار»، باتجاه الطيري من قبل مجموعتي عبد فضة وبلال بدر الذي اضطر الى الفرار تحت ضغط هجوم فتح فجر السبت باتجاه معقله تحت غطاء من القصف المدفعي من جبل الحليب وغزارة نيران الاسلحة الرشاشة المتوسطة والثقيلة التي دخلت المعركة لاول مرة بشكل علني.
– الثاني: تقوده مجموعة ساري حجير باتجاه منطقة البستان حيث تتحصن عناصر من القوة المشتركة مدعومة بقوات من حركة فتح، حيث تستخدم الاسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة وقذائف الاربي جي.
اللافت وسط كل ذلك الموقف الملتبس «لعصبة الانصار»، بحسب اوساط في المخيم، اذ ان احد محاور الهجوم الاساسية ينطلق من معقلها في الصفصاف، في ظل التزامها الحياد وعدم مبادرتها بالقيام بأي خطوة رغم التعهدات التي سبق وقطعتها عند تشكيل القوة المشتركة، متخوفة من اجندة خاصة للعصبة تعمل على تحقيقها مستفيدة من الاوضاع والنزيف الذي يشهده المخيم، خصوصا ان حركة فتح تدرك جيدا ان انضمام العصبة الى جانب المجموعات التكفيرية يقلب المعادلات، كما ان لا امكانية لتنفيذ فتح لتهديداتها ما لم تنضم دون وقوف العصبة الى جانبها، كاشفة عن ضغوط واتصالات تجري عليها داخل المخيم وخارجه لدفعها الى المشاركة في معركة الحسم.
ثمة من يعتقد ان ما يجري اليوم بعيد جدا عن ان يكون «حرب الحسم» لعدة اعتبارات، ابرزها عدم استعداد حركة فتح لخوض هكذا مواجهة ما لم تتوافر كل عوامل نجاحها، الا انه في المقابل لا يمكن اعتبار احداث الساعات الماضية الا خطوة في رحلة الالف ميل لتحرير المخيم من الارهابيين والخارجين عن القانون. من هنا تطرح الكثير من علامات الاستفهام والاسئلة : هل ما يجري هو رسالة من القوة المشتركة حدودها حي الطيري، خصوصا ان اي تقدم لم يسجل ابعد من احتلال منزل بدر؟ وماذا عن موقف «عصبة الانصار» المرتبط بجهات اقليمية؟ وكيف سيتعامل اللينو مع الوضع الجديد؟ كيف ستتصرف الدولة اللبنانية في حال تمدد المعارك الى خارج المخيم وهو احتمال قائم؟