Site icon IMLebanon

هل يفتح التسجيل باب التدريس… أم “يشقّ” روابط التعليم؟

 

لا شيء واضحاً وجليّاً في الملف التربوي حتّى الآن، أكثر من الغموض. قرار عودة الأساتذة إلى المدارس الرسمية غير محسوم أو بالأحرى مشروط بتأمين حقوقهم وشروطهم المالية. وعود حكومة تصريف الأعمال بصرف سلفة الـ5 آلاف مليار ليرة وضمناً تأمين مبلغ 150 مليون دولار لتغطية العام الدراسي، غير منجزة. وحده حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري كان صريحاً بعدم تمويل الدولة لا بالليرة ولا بالدولار. وبالتالي عليها أن «تُقلّع شوك» ما زرعته طيلة السنوات الماضية والسياسات المتراكمة.

 

هذه المتاهة التي تكتنف مجريات الواقع التعليمي، لم تمنع وزير التربية والتعليم العالي عبّاس الحلبي من إصدار قرار يحدّد تاريخ انطلاق الأعمال التحضيرية للعام الدراسيّ 2023 – 2024 في المدارس والثانويات، وبدء الدوام الإداري يوم الخميس 14 أيلول ويستمرّ التسجيل حتّى 10 تشرين الأوّل ضمناً. كما حظّر السفر خارج لبنان لأفراد الهيئة التعليميّة خلال فترة الأعمال التحضيرية، ما لم يكن مرتبطا بإجازة خاصّة من دون راتب. بناءً عليه، هل يفتح التسجيل باب التعليم؟ أم أن القرار يعكس عبثية السياسات الحكومية الهشّة؟ وهل يُشكّل «مصيدة» للأساتذة ويؤدّي إلى شرخ بين الروابط التعليمية؟

 

«التسجيل لا يعني التدريس» هذا ما أشار إليه رئيس رابطة التعليم الأساسي حسين جواد لـ»نداء الوطن»، مشدّداً على أنّ شروط الأساتذة المحقّة هي مفتاح بداية العام الدراسي وليس التسجيل. إذ أكّد «أنهم لن يكرّروا مشهد العام المنصرم بالوقوع في فخّ الحكومة. انتهت التضحيات، لم يعد أمامنا خيارات مفتوحة. نريد حقوقنا، أن نحصل على راتب يوازي الـ600 دولار شهريّاً وهو عبارة عن 300 دولار أميركي وفق السلفة التربوية التي أقرّتها الحكومة، إلى جانب الرواتب الـ7 وتعادل 200 دولار، إضافة إلى بدل النقل (65 دولاراً). حتّى الآن، لا شيء يلوح في الأفق.

 

لا لقاء قريب مع وزارة التربية، إذ كشف جواد أن «بعض الزملاء طلب موعداً مع الوزير الحلبي لكنّه تأجّل بناءً على طلب الأخير ريثما تتضح الأمور». وطمأن الى أنّ الروابط التعليمية كافة في اتجاه واحد، إذ لا أحد يرغب في مواجهة الأساتذة والمعلّمين. وبالنسبة لتأجيل موعد بدء التحضيرات للعام الدراسي الذي كان من المفترض أن يكون الإثنين الأوّل من أيلول إلى الرابع عشر منه، رأى رئيس الرابطة أنّ الوزير «لا يريد كسر الجرّة مع الروابط. وهذا موضع ترحيب». وعن خشيته من تعرّض الأساتذة المحسوبين على أحزاب سياسية لضغوط معيّنة من قبلها لتأمين بداية العام الدراسي، قال: «من يريد عودتنا إلى مدارسنا من دون حقوقنا وتلبية مطالبنا المحقّة والعادلة، فليتفضّل ويدفع من جيبه». أمّا عن الأساتذة المتعاقدين كونهم الحلقة الأضعف في الكادر التعليمي، فأوضح جواد أن القسم الأكبر منهم ينضوي تحت راية الروابط التعليمية، لافتاً إلى أن سلّة مطالبنا والتقديمات المتعلّقة بأساتذة الملاك، تشمل المتعاقدين أيضاً، ومنها رفع الساعة التعليمية للمتعاقد من 100 ألف ليرة لبنانية إلى 5 دولارات».

 

معوقات ومقترحات

 

في متابعة الواقع التربوي ومشكلاته المتعاقبة، لفت النقابي التربوي الأستاذ المتقاعد عدنان برجي، إلى أنّ «أزمة القطاع مزمنة ومتشعّبة، وما وصلنا إليه اليوم هو نتيجة سياسات حكومية متراكمة، منها على سبيل المثال لا الحصر، ارتفاع عدد الأساتذة المتعاقدين الذي بات يوازي إلى حدّ ما أساتذة الملاك، ما ساهم في زيادة الأعباء، مع العلم أن المتعاقدين يعانون أكثر من غيرهم ولا يتمتّعون بالضمانات ذاتها، كما أن مستقبلهم غير مضمون».

 

وما زاد الطين بلّة، أزمة النازحين وما رافقها من انهيار اقتصادي. إذ أشار إلى أنّ الجهات المانحة كانت تدفع 600 دولار أميركي عن كلّ طالب سوري، لكن مع انهيار العملة الوطنية، بات الدفع بالليرة اللبنانية، وتقلّص الموازنة السنوية من 200 مليون دولار إلى 50 مليوناً، الأمر الذي انعكس سلباً على معاشات الأساتذة اللبنانيين. وفي إطار الحلول المقترحة، يدعو برجي الدولة اللبنانية إلى حسم قرارها، وأن تشترط على المؤسسات الدولية المانحة ربط تعليم السوريين بتعليم اللبنانيين، فالطالب اللبناني «صار أفقر» من التلميذ النازح.

 

في السياق، يرى أن المعالجة يجب أن تكون أبعد من تحسين الرواتب والجوانب الماديّة. على الوزارة أن تعتمد سياسة المناقلات بين المعلّمين، أي أن يكون مكان سكن الأستاذ قريباً من مدرسته. هذا الإجراء يساهم في تخفيف الأعباء والحدّ من وطأتها.

 

وتطرّق برجي إلى واقع المتقاعدين المأسوي، إذ يتقاضى كلّ متقاعد بين 20 و40 دولاراً! قائلاً: «يلي ما عندو ولد بالخارج عم يتبهدل بلبنان». واعتبر أنّ الصندوق يجب أن يكون مستقلّاً عن صندوق الرواتب، في حين أنّ الوزارة كانت تقتطع بين 100 و200 دولار شهريّاً عن كل أستاذ. ومن المسائل المهمّة والملحّة وفق النقابي السابق لتحقيق الإصلاحات، هي إعادة طرح هيكيلة وزارة التربية، وتحريرها من المركزية الشديدة، من خلال نقل صلاحيات إلى المناطق التربوية وتفويض رئيس المنطقة في بعض الشؤون التعليمية المختصّة بالأساتذة كالبتّ بالمناقلات، بدل حصر هذه المهمّة في يد الوزير. وختم برجي، متوجّهاً إلى المجتمع الأهلي والسلطات المحلية من بلديات وجمعيات أهلية للمساعدة في سدّ الثغرات المالية وتأمين ما تيسّر للأساتذة لإنقاذ العام الدراسي، مع ضرورة استمرار الضغط على الحكومة والمسؤولين لنيل الكادر التعليمي في لبنان حقوقه من أجل الحفاظ على المدرسة الرسمية.