اقتراح باسيل من شأنه تحريك المياه السياسية الراكدة والتعجيل في البحث الجدي
جهاد قانون الإنتخاب بعد جهادي الرئاسة والحكومة
يرى مراقبون ان المخرج الأكثر احتمالاً وقبولاً هو اما الركونإلى المشروع المركب أو البقاء على قانون الستين رغم انه أبغض الحل
جهادان خُتِما في الأيام الثلاثين الفائتة، انتخاب العماد ميشال عون ومن ثم انجاز التشكيل الحكومي. يبقى جهاد أصغر متمثّل في البيان الوزاري للحكومة والذي من المتوقّع الانتهاء منه قريبا جدا، فتنال الحكومة الثقة على أساسه، ليصبح بعدها قانون الإنتخاب محور الدينامية السياسية والجهاد الأكبر المنتظر.
يعتبر مختلف البعثات الديبلوماسية العاملة في بيروت أن استحقاق قانون الإنتخاب والشكل الذي ستأتي عليه الانتخابات التشريعية العامة في ربيع 2017 يُعدّ الاختبار الفعلي لعهد الرئيس عون. لا بل إن أحد الديبلوماسيين الناشطين كان يطرح سؤالا مركزيا مباشرا على من يلتقيه من المقربين من العهد أو من قيادة «التيار الوطني الحر»، حتى قبل إنجاز الإنتخاب الرئاسي: «ما هو تصوّر العماد عون لقانون الإنتخاب؟ وهل هذا القانون هو فعلا أولوية العهد؟».
ويؤكد مقربون من العهد ان رئيس الجمهورية سيبذل جهدا كبيرا لدى جميع القوى السياسية للوصول الى تفاهم مشترك على قانون يتيح التمثيل الصحيح والعادل ويخفف قدر الإمكان هواجس بعض هذه القوى، وخصوصا تيار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي.
ويعتبرون أن الاقتراح الجديد من نوعه الذي تقدّم به الوزير جبران باسيل (رجل واحد – أصوات متعددة) من شأنه أن يحرك المياه الراكدة وأن يؤسس لحال من الضغط السياسي قد تُعجّل في البحث الجدي في إنتاج قانون جديد، لا سيّما أن الاقتراح يقدّم حلولا وإجابات على هواجس عدد من القوى السياسية.
ويرى مراقبون سياسيون أن المخرج الأكثر احتمالا وقبولا:
أ- إما الركون الى المشروع المركب (غير الرسمي بعد) الذي تقدّم به رئيس مجلس النواب نبيه بري والقائم على قاعدة التأهيل ضمن الطائفة في القضاء وفق الاكثري في المرحلة الاولى، لينتقل بعد ذلك من ينال نسبة محددة من الاصوات (بين 15 و20 في المئة) الى خوض المنافسة في المرحلة الثانية على اساس الدوائر الخمس الكبرى وفق النسبية.
ب – وإما البقاء على قانون 1960 المعدّل في العام 2008. هو خيار أبغض الحلال لكنه يبقى الخيار الأقل شرورا من التمديد الثالث للمجلس النيابي، المنتخَب أصلا وفق أحكام قانون العام 2008 عينه. ولا ريب أن هذا الخيار يريح تيار «المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي ولا يجافي «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» ويعود بالفائدة على حركة أمل وحزب الله. أما أي معارضة له فناتجة في الأصل الى هواجس من حجم الكتلة المسيحية التي سيحظى بها الثنائي المسيحي والتي ستشكل حجر الرحى في دينامية العمل السياسي عموما، وفي أداء العهد الرئاسي وقوته خصوصا.
لكن خيار قانون 1960 غير مأمون الجانب وليس ميسّرا، نظرا الى ما هو متوقع من معارضة «مدنية» له، معطوفة على ضغط دولي متوقّع لإنتاج قانون جديد.
ويعتقد هؤلاء أن المساحة التي ستمنح للجنة الخبراء، وهي أحد الاقتراحات التي عرضها تكتل التغيير والإصلاح في جولته الأخيرة على القوى السياسية، كي تدرس الصيغة الفضلى لقانون إنتخاب يراعي كل الهواجس، تشكل فرصة سانحة لبلورة تصوّر يأخذ في الاعتبار عدالة التمثيل وشموليته، ويؤسس في الوقت عينه لحال من الاستقرار التشريعي على مستوى قانون الانتخاب، ربما لعقد من الزمن بحيث تكون المسافة الفاصلة لإعادة تكوين السلطة على أسس مغايرة لثلاثين عاما من جمهورية ثانية ضربت مرارا أسس الميثاق وجوهر صحة التمثيل وعدالته.
ويرى المراقبون، في هذ السياق، أن كل المشاريع والاقتراحات المودعة مجلس النواب، بما فيها الاقتراح المقدم من النائب علي بزي بإسم كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها بري، لا تحظى بإجماع لدى الكتل السياسية الوازنة، وتاليا هي لن تلقى قبولا حتى لمجرّد عرضها على التصويت في أي جلسة تشريعية، مما يجعل صيغة المشروع المركّب الأكثر احتمالا في حال نجحت لجنة الخبراء في بلورة صيغة جامعة بتقسيمات تأخذ في الاعتبار هواجس الأقليات (الدرزية على وجه التحديد).
ويعتقد هؤلاء أن الجهد الأساسي المفترض بذله في المرحلة المقبلة يقع على رئيس البرلمان، نظرا من جهة الى أن الورشة التشريعية الحاضنة لقانون الانتخاب تدخل في صلب اختصاصه وصلاحيته الدستورية، ومن جهة أخرى يخوّله قربه من النائب وليد جنبلاط، رأس الحربة في معارضة النسبية بكل أشكالها وتلاوينها، أن يقنعه بصيغة معتدِلة لهذه النسبية، في حال رغب تجنّب كأس تعويم قانون 1960.