ما زالت المشاورات والاتصالات جارية على قدم وساق لتهدئة الأوضاع السياسية بعدما بلغ التصعيد السياسي ذروته وكاد يؤدي إلى انهيار التسوية الرئاسية بفعل التصعيد غير المسبوق ولاسيما ما جرى بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، ولكن وفق المتابعين لمسار الأوضاع السياسية إنّه ومع عودة الرئيس سعد الحريري ومؤتمره الصحفي الذي كان وافيًا وشاملاً بدأت المساعي تعطي ثمارها وتحديدًا زيارة رئيس الحكومة إلى قصر بعبدا ولقائه برئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
إذ عُلم أنّ هذا اللقاء كان صريحًا للغاية وأكد خلاله الطرفان على ضرورة استمرار التعاون والتنسيق وبالتالي تحصين التسوية الرئاسية لأنّ أوضاع البلد لا تتحمل أي ترف سياسي أو خلافات وانقسامات إضافية أمام المعاناة الاقتصادية والمعيشية والخدامتية، تاليًا حالة المنطقة التي ما زالت متفجرة وغير مستقرة.
من هذا المنطلق فإنّ الرئيسين عون والحريري كانا متفاهمين ومتفقين حيال ضرورة التهدئة ومعالجة الأمور بروية ومن ثم التوافق بينهما على إصلاح ذات البين على خلفية ما حصل بين التيارين الأزرق والبرتقالي، وهذا ما حصل من خلال الزيارتين لكل من موفدي رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر الوزير باسيل إلى دار الفتوى ولقائهم المفتي عبد اللطيف دريان إذ كان اللقاءان في غاية الأهمية وتركا أجواء إيجابية، ما يعني أنّ الأمور متجهة إلى المعالجة.
وفي هذا الإطار، عُلم أنّ هناك زيارة قد يقوم بها الرئيس الحريري لعين التينة من أجل تفعيل العمل في المجلس النيابي على خط مناقشة الموازنة وإقرارها في جلسة عامة نظرًا لأهميتها المطلوبة في المرحلة الراهنة، باعتبار انه يُنقل عن الرئيس الحريري استياؤه حول النقاش الدائر من بعض الكتل النيابية في مجلس النواب، لاسيما وأنّ هذه الكتل شاركت في الحكومة عبر نقاش مستفيض حول الموازنة التي أقرّت بالإجماع. لذلك يتخوف رئيس الحكومة من أن يكون هناك استهداف للموازنة في المجلس النيابي وتأخذ وقتها، في حين أنّ ثمة التزاماً من قبل الحكومة اللبنانية تجاه الدول المانحة في مؤتمر سيدر والموازنة وبداية العملية الإصلاحية أمور مطلوبة بقوة وكل يوم تأخير يسبب إرباكًا للبنان وفي حال استمرت الأمور على هذا المنوال فإنّ الأوضاع ستتجه إلى ما لا يحمد عقباه على مستوى الأوضاع المالية والاقتصادية، وبالتالي تبخّر أموال سيدر.
وأخيرًا، فإنّ الأيام المقبلة وبعدما صفت القلوب على خط بعبدا – بيت الوسط، ثمة ترقب أيضًا للقاء قد يجمع الحريري بوزير الخارجية جبران باسيل بعدما تكون الاتصالات قد قطعت أشواطًا إيجابية وباتت الأرضية مهيئة لهذا اللقاء، وعندئذٍ يكون الاختبار للتسوية الرئاسية والحكومة أمام الاستحقاقات المرتقبة في مجلس الوزراء ولاسيما التعيينات في كل الفئات والتي بدأت منذ اليوم الشغل الشاغل لكل الأطراف والقوى السياسية، وهذه التعيينات محطة أساسية واختبار للتوافق الرئاسي أو لمسار التسوية بين بعبدا وبيت الوسط وميرنا الشالوحي، وإلاّ ستبقى الأمور عالقة والتسوية إلى اهتزاز إنّما ما ينقل حتى الآن بعد لقاءات رئيس الحكومة أنّ الأجواء تتجه إلى الإيجابية، ممّا يعني أنّ هناك توجهًا رئاسيًا لعدم إسقاط الحكومة أو استقالة رئيسها أو اعتكافه لأنّ الجميع يدرك ما يحيط بالبلد من مخاطر والفراغ اليوم في هذه الظروف الراهنة انتحار للجميع.