وصل الرئيس ميقاتي الى القاهرة حيث كان في استقباله رئيس الوزراء المصري ومع عزف النشيدين واستعراض حرس الشرف استشعر الرئيس ميقاتي بدفء اهتمام الدولة المصرية بزيارته مما جعله يتجاوز محاولات استهداف رئاسة الحكومة وتشويه ما حققته الزيارات واللقاءات والاتصالات الهاتفية الخارجية وذلك من خلال التفسيرات والتأويلات والتشويهات وتحويل الرغبات الى معلومات وآخرها محاولات التخفيف من اهمية زيارته الى القاهرة، فجاء الاهتمام الرفيع من جمهورية مصر العربية ليقول لعموم اللبنانيين وبدون استثناء بأن الدولة المصرية تدعم استقرار لبنان والشرعية الوطنية مع الاعلان الرسمي عن مواصلة دعمها وتأكيد وقوفها الى جانب الشعب اللبناني .
مكونات الفشل اللبناني تحاول تشويه كل اهتمام خارجي تماهياً مع عبثها الدائم بمرتكزات الوحدة الوطنية وعدم قدرتها على حماية ما تبقى من مقومات الصمود امام هول التحولات التي تجتاح المنطقة والعالم والتي تستدعي تكوين ارادة وطنية جامعة تحافظ على التماسك المجتمعي وما تبقى من اسباب الدولة ومؤسساتها التي تواجه اعاصير الانهيارات المالية والنقدية والاقتصادية الكارثية والتي تجتاح كل القطعات والمكونات وتهدد التماسك الاسري، بالاضافة الى تحديات المؤسسات السيادية وفي مقدمتها الجيش الوطني والاجهزة الامنية.
تتعاظم مظاهر الخواء والتطير السياسي عبر صناعة الاوهام حول الاستحقاق الانتخابي، اذ يتوهم البعض بأن الانتخابات ستُحدث التغيير المطلوب، في حين ان الحقائق التاريخية تقول بأن التغيير يجب ان يسبق الانتخابات والشواهد كثيرة في العالم ولبنان ومكونات السلطة تتوهم انه بتجاهلها كل كوارثها يمكن المحافظة على مكتسباتها السلطوية، في حين ان التحولات العميقة التي تجتاح العالم والمنطقة تستدعي التيقظ وصياغة قواعد صلبة لعملية انتقالية آمنة من اجل حماية المجتمع والدولة والكيان.
تتميز المرحلة الراهنة بكثافة الانخراط الدبلوماسي المباشر في كافة تفاصيل الحياة الوطنية، وقد تحول لبنان من جديد الى مختبر سياسات دولية من اجل ابتكار لقاح نموذجي لعلاج التحول في المنطقة من النزاع الى الانتظام، ومن مهارات اعادة تكوين السلطة الى قواعد بناء الدولة، مما ادى الى تكوين منتديات وجبهات سياسية واعلامية لبنانية لمتابعة آراء السفراء والمنظمات ومراكز الدراسات الدولية والمحزن ان بعض السفراء قد اصيبوا بوباء الرق السياسي اللبناني وذلك بسبب عدم التزامهم بضرورات الوقاية السياسية والتباعد عن مرضى الوباء السلطوي في لبنان.
لا احد في لبنان يحاول البحث عن وجهة آمنة يمكن ان تسلكها كل المكونات اللبنانية لبلوغ مرحلة الانصهار النهائي في دولة المواطنة بعد خسارة اجيال من تحويل لبنان ساحة نزاعات بديلة واقليمية ودولية واستخدام العصبيات الطائفية والمذهبية والعائلية والمناطقية كغطاء شرعي ومانع حقيقي لعملية الانصهار في هوية وطنية نهائية ودولة حاضنة لكل الافراد والجماعات.
لا احد في لبنان يجرؤ على رفع راية السلام البيضاء ليعلن عن رغبته بالعيش مع اللبناني الآخر بأمن وسلام، والتخلي عن الخصوصيات وادبيات ثقافة النزاعات والدخول في مرحلة من التكامل والتعاضد والتنافس لما فيه خير كل اللبنانيين على حد سواء، ولا احد في لبنان يمتلك شجاعة المراجعة الذاتية والاعتراف بعدم قدرته منفردا على رسم خارطة الخلاص الوطني الآمن على الرغم من ظهور مؤشرات حقيقية توحي بتعرض لبنان لموجة جديدة من الالام والويلات ولا احد في لبنان يمتلك شجاعة القول:«أيها اللبنانيون.. سأحبكم رغماً عنكم» .