IMLebanon

مصر والثورات.. والإعلام!

لم تمر ذكرى ثورة 23 يوليو وكأنها لم تكن، كما كان يحصل في العقود الأربعة الأخيرة. ثورتا 25 يناير و30 يونيو، أعادتا للثورة الأولى جزءاً من حقوقها التي وئدت. صوره وخطاباته انتشرت في المواقع الاجتماعية التي يرتادها الشباب الذين لا يكفي انهم لم يعرفوه، وإنما عاشوا ووعوا على إدانته وتصحير كل ما قام به من مشاريع وما زرعه في العقول والقلوب من حب الأمة العربية «الهادرة من المحيط الى الخليج». سقوط سوريا والعراق واليمن وتعليق بقاء لبنان دولة وحتى وطناً على فراغ كامل الأوصاف من تحت الى فوق في الرئاسة، ونحر الفلسطينيين وحقهم بالوجود أعاد جمال عبدالناصر من الذاكرة الى الميدان. عاد جمال عبدالناصر الى مصر وإلى العرب وتذكروه وهم يواجهون اليوم كل هذه الهجمات التي تعمل على تمزيقهم قبل إلغائهم.

لا شك أيضاً، أن محاولة اغتيال مصر من سيناء، على يد «داعش» ومن «يدوعش» معها، جعل الجميع يصرخون أين ناصر؟

كل الدبابات والطائرات لن تعيد الأمن الى سيناء وسيناء الى القاهرة. كل جندي مصري يسقط اليوم في سيناء يجب أن يكون لبنة في بناء مصر الحديثة.

إسكان سيناء بالملايين وبناء المدن والمشاريع الاقتصادية هو الحل. تقدم المصريين للعيش في سيناء أفضل لهم ولكرامتهم من الهجرة الى أسواق العمل فيها قهر لا يستحقه أي إنسان.

ثورات مصر الثلاث رصيد غني تتمنّى الشعوب كافة الحصول عليه، حان الوقت لمواجهة الواقع. لكن كل هذا شيء، ووقوفها وحدها شيئاً آخر.

يد واحدة لا تصفق. حان الوقت للتضامن والوحدة خارج شعارات الوحدة المعروفة. على الآخرين مساعدة ودعم مصر، وعلى مصر أن تختار الضفة التي ستقف عليها نهائياً. لا يمكن ترك سوريا وحدها، لأن مصر الحالية تفيض بالمشكلات. على القاهرة أن تحسم موقفها من عدن الى حلب، كما فعلت وتفعل إيران.

أخيراً وليس آخراً، مصر لم تكن يوماً غنية، لا بل كانت دولة فقيرة وما زالت، مصر في عزّ ثورة يوليو كانت أفقر من اليوم وكانت محاصرة ومحارَبة كما لم يحصل مع دولة غيرها. رغم ذلك نشر جمال عبدالناصر طموحه ومشاريعه حتى ولو كان بعضها خاسراً كما حصل في اليمن، لأنه عرف أن الاعلام القومي حتى بوجود محمد حسنين هيكل لا ينشر فكره وموقفه ولا يصنع جبهة قوية تقف حتى في معاركه الخاسرة. لذلك وقف مع الإعلام خصوصاً في لبنان. جعل من الإعلام اللبناني منارة لكل ثورته ونشاطاته، فانتشرت قاعدته الشعبية من المحيط الى الخليج. كان يقرأ عمود الأستاذ الراحل ميشال أبو جودة وهو يأخذ الفطور. لم يبخل يوماً على الإعلام في لبنان رغم فقره. كان يعتبر أن وقوف الإعلام اللبناني الى جانبه يحمي ظهره ويضيء حركته. علم جمال عبدالناصر منذ اللحظة الأولى أنه قادر على المواجهة ضد كل إعلام الغرب الذي كان يتهمه بكل الاتهامات، لأن العرب يسمعون صوته ويقرأون أحلامه ويقفون معه.

عرف جمال عبدالناصر أن صناعة التاريخ صناعة متكاملة أحد أركانها الإعلام وكان له ما أراد.