يرتفع منسوب الضغط على مصر جراء الحرب على غزة، ويتخذ هذا الضغط أسوأ تداعياته مع تراجع واردات قناة السويس بسبب ضمور مرور السفن التجارية عبرها تحت تهديد صواريخ الحوثيين من اليمن والمسيّرات التي تستهدف السفن والناقلات. ويتوافق هذا مع وضع مالي واقتصادي دقيق تعانيه القاهرة التي بلغت ديونها الخارجية، هذا العام، ١٦٤ مليار دولار و٧٠٠ مليون دولار بينها ٤٢ مليار دولار مستحَقة هذه السنة، في وقت يرتفع مستوى التضخم الى ٩.٣٥ وهو رقم مرتفع جداً… ما يدعو الى التساؤل عمّا اذا كانت الولايات المتحدة ومن ورائها الدولة العبرية تستغلان هذا المأزق الاقتصادي/ المالي للضغط على جمهورية مصر العربية للقبول باستقبال أهالي غزة في أراضيها بشكل نزوح إجماعي، وليس فقط بإقامة «مخيّم حدودي» في سيناء على حدود قطاع غزة وفق ما تردد في الأيام الأخيرة أن القاهرة قد تسعى إليه.
ومن الواضح أن الضغط على مصر يتمادى ليبلغ ذروته بأشكالٍ مختلفة مثال اغتيال وزير التصنيع الحربي اليمني في شقته في القاهرة، أمس، مطعوناً ومكَبّلَ اليدين، بما بدا أنه رسالة إضافية الى «المحروسة». إلا أن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، كان بدوره واضحاً ويؤكد على الثوابت والالتزامات القومية لبلده بالنسبة الى الحرب العدوانية على غزة، ويعلن أمس بالذات موقف بلاده الحاسم، في مؤتمر ميونيخ الأمني (الذي استأثرت هذه الحرب الوحشية التي يشنها نتانياهو وعصابته على المدنيين في القطاع، بقسط وافر من فعالياته) ليصحح المسارات والمفاهيم فيشدّد على أن الصراع في المنطقة ليس وليداً أو نتيجة لما حدث في غلاف غزة في السابع من تشرين الأول من العام الماضي، إنما يعود الى العام ١٩٤٨ باحتلال فلسطين وتهجير شعبها، وأن ثمة حقوقاً فلسطينية مشروعة يتجاهلها العالم، وأنه من دون إعادة هذه الحقوق الى أصحابها، فلن يتحقق السلام ليعيش الجميع في أمن وسلام. والأكثر أهمية في كلام الوزير سامح شكري، هو القول الجازم القاطع بأن مصر لا تنوي إعداد أي أماكن آمنة لاستقبال المدنيين الذين يعمل نتانياهو وعصابته على تهجيرهم من رفح، وأن أي كلام آخر عن إقامة جدار لهم يحلّون فيه على حدود مصر وغزة هو مجرد افتراض.