بعد الجبهة المصرية العميقة التي يستهدف من خلالها الإرهاب الداخل المصري، وبعد جبهة سيناء حيث يتحرّك الإرهاب تحت عنوان أنصار بيت المقدس، وبعد التحرّكات الإرهابية انطلاقاً من حدود ليبيا المصرية يحاول الإرهاب بغطاء رسمي من دول عربية وإقليمية، فتحَ جبهة رابعة تحت تسمية «داعش» في بلاد الحبشة انطلاقاً من الحدود السودانية المصرية.
لم يُعدم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وسيلةً خلال القمم التي عقدها مع الرئيس السوداني عمر البشير وسيلةً للفت انتباه القيادة السودانية الى خطورة الإنخراط في مؤمرات ضد مصر، أو استخدام الخاصرة السودانية خليجياً للضغط على مصر رداً، ربطاً بمواقفها من أزمات المنطقة.
لكنّ هذه المساعي، التي هدفت الى عدم تحوّل السودان قاعدةَ ارتكاز للفارّين من مصر، لم تنجح، رغم كلام غير مؤكد تردّد عن قيام السودان بإبعاد هذه العناصر استجابةً لطلب مصر. وكانت مصادر تحدثت عن أنّ قادة من «الاخوان» فرّوا الى السودان بعد إطاحة نظام محمد مرسي، ويلقون تسهيلات من النظام السوداني.
كما أنّ تلك التسهيلات تشمل عدداً غير قليل من الشباب الذين توفّرت لهم منحاً دراسية اخوانية ويقيمون في منطقة المرخوم في مساكن خاصة، ويشكّلون مخزوناً بشرياً للجماعة اضافة الى كونهم عناصر لوجستية، تقدّم تسهيلات للفارين من مصر مثل القائد الإخواني حسن عبد العال.
ومن الثابت حسب اعترافات اعضاء من حركة «حسم» التي تنفّذ عمليات ارهابية في مصر أنّ هذه الحركة تتلقى التدريب في صحراء السودان. وهم يشكلون نواة لمجموعات خاصة تابعة للإخوان المسلمين شنّت احداها هجوماً مسلّحاً قبل فترة جنوب غرب مصر، حيث فتح الإرهاب جبهةً جديدة ضد الأمن في مصر انطلاقاً من الحدود الليبية والسودانية.
وقد اظهر هذا الهجوم وجود خليّة نشطة للإرهاب تمكّنه من شنّ هجمات بإستخدام اسلحة آلية متوسطة انطلاقاً من التموضع داخل السودان وليبيا والانطلاق من معسكرات هناك، وملاقاة العمليات الارهابية التي يشنّها تنظيم «بيت المقدس» في سيناء، و بالتالي تشتيت الجهد الأمني للجيش والأمن المصري.
وكشف مدير إدارة الاستخبارات الحربية اللواء محمد فرج الشحات عن التنسيق المتمادي بين جماعات الاخوان وعناصر تنظيم بيت المقدس (الفرع المصري لتنظيم داعش). وأكّد أنّ نتائج استجواب العناصر المتورّطة في تقديم الدعم اللوجستي والمادي أظهرت تورّط بعض الدول.
وبالنسبة الى الوضع الامني على الحدود الغربية مع ليبيا والجنوبية مع السودان أوضح المسؤول المصري أنّه تمّ رصد و تتبّع 38 تحرّكاً للعناصر الإرهابية، وتمّ استهدافها بضربات عسكرية.
وكشف المصدر أنّ قوات الجيش قتلت متورّطين في استهداف كمين الشرطة في النقب، أنّه عقب الحادث تكثّفت أعمال التحرّي والتنسيق وتبادل المعلومات مع وزارة الداخلية، وتمّ رصد فرار العناصر الإرهابية الى احدى المناطق الجبلية جنوب اسيوط، وتمّ استهدافها. وفي سياق الحرب نفسها على مختلف الجبهات التي سبق وفتحها الارهاب في الداخل المصري وسيناء، تمّ إحكام السيطرة على مدن شمال سيناء. كما تمّ القضاء على العناصر شديدة الخطورة وتحديد شبكات التمويل والتهريب.
وجاء تصعيد الحرب على الإرهاب والتصعيد الإرهابي للحرب على مصر، عقب ما وُصف بشقّ مصر لعصا الطاعة على النظام السعودي، والذي كان من علاماته الحكم القضائي بمصريّة جزيرتي صنافير وتيران والمواقف المصرية من قضايا المنطقة، والرؤية المصرية بأنّ منظمات الإرهاب هي من أم وأب اخوانيّين وأنّ التسميات المتداوَلة للمنظمات الإرهابية (جماعة بيت المقدس الداعشية) هي في الحقيقة اختراعات اخوانية، توجب رؤية حقيقة هذا الإرهاب وشنّ حرب شاملة عليه.
الإرهاب حاول بعد حصاره في سيناء وبعد قطع دابره انطلاقاً من الجوار الليبي فتح الجبهة انطلاقاً من الأراضي السودانية ارتكازاً على أنّ السودان يؤمّن لها الغطاء مقابل الدعم السعودي – القطري والاستخباري التركي.
الأمن المصري تمكّن خلال حربه على الإرهاب شمال سيناء من تصفية 500 إرهابي والقضاء على 250 هدفاً و130 سيارة وضبط 1025 طناً من المواد المتفجّرة واعتقال شبكات إمداد لوجستية.
وفي كلّ الحالات يبدو أنّ مصر حققت إنجازات مهمة في حربها على الإرهاب والتآمر والضغوط عليها بالاعتماد على نفسها حيث تبنّى الجيش المصري استراتيجية من ثلاثة محاور رئيسة في مواجهة موجات الإرهاب المنظّم و المخطّط والمدعوم من الخارج، وعلى رغم الضغوط الإقتصادية التي تعاني منها مصر ورفضها للإبتزاز السياسي وبيعها للمواقف على صعيد سياسات المنطقة، فإنّها نجحت في حفظ استقرار نظامها العام، وهي تواصل تحقيق النجاحات الأمنية.
هل يستمرّ السودان في سياسة دفن الرأس في الرمل أو ينتبه الى أنّ أخْوَنة النظام والدعم بواسطة الأمصال السعودية-التركية لن تتمكّن من استعادة نظام البشير المأزوم وجعله فوق الشبهات الدولية، بعكس النظام في مصر الذي ولدته حركة جماهيرية مدنية في 30 حزيران 2013 هي الأكبر في تاريخ البشرية. والشعب المصري سيتحمّل الصعوبات لأجل بلده واستعادة موقعه القيادي عربياً وافريقياً وعلى مساحة العالم الثالت؟