Site icon IMLebanon

مصر طلبت دعمَ مرشّحها… ولبنان وافق؟

إستحقاقٌ جديد تشهده الدول العربية في 10 آذار المقبل، يتمثّل في إنتخاب خلفٍ للأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الذي تنتهي ولايته في 30 حزيران المقبل، وتتّجه الأنظار الى موقف لبنان الرسمي من المرشّحين، خصوصاً إذا ما رشّحت دول الخليج أحد الأسماء، على رغم معرفة الجميع بتراجع تأثير الجامعة في زمن النزاعات الكبيرة.

يعيش العالم العربي مرحلة ترتيب البيت الداخلي، فالصراعُ اليوم يتّخذ أشكالاً متعدّدة، وتُدرك الدول العربية أنّه لم يعد هناك مجال للّعب أو التراخي وإلّا سيصبح القرار العربي غائباً من المحيط الى الخليج.

وتُواجه الدول العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ومصر حربين من نوع آخر، تتمثّل الحرب الأولى في التصدّي للنفوذ الإيراني في المنطقة، نفوذ كاد يُسيطر على اليمن المتاخمة للمملكة ويُهدّد أمنها لولا «عاصفة الحزم» السريعة، إضافة الى بغداد ودمشق وبيروت، ومحاولة الإستئثار بقضية القدس وفلسطين.

أما الحرب الثانية التي طرأت بعد الثورات العربية، فهي الحرب على الإرهاب التي تتداخل مع المدّ الإيراني، حيث تظهر طهران أنّها تتصدَّى للإرهاب وتُحاربه، فيما يُتّهم العالمُ العربي والسنّي بأنه مصدِّرٌ لهذا الفكر التفكيري.

وأمام كلّ هذا الواقع المستجدّ، يقف لبنان منقسماً بين ثلاث فئات: الفئة الأولى يتزعّمها «حزب الله» الذي يقاتل في سوريا الى جانب إيران، حمايةً لنظام الرئيس بشار الأسد من السقوط، وهو أوّل مَن فتح المعركة مع السعودية والخليج.

أمّا الفئة الثانية فتتمثّل في الغالبية السنّية التي تقف مع المحور العربي، لكنّها تتراخى في مواجهة المدّ الإيراني. فيما تبرز الفئة الثالثة التي تتكوّن من غالبيةٍ مسيحية وإن كانت منقسمة سابقاً بين المحورَين السنّي والشيعي، لكنّها وبعد «إتفاق معراب» في 18 كانون الثاني الماضي، باتت تبحث عن دورٍ ضاعَ في لبنان، بعد التململ المسيحي العارم من النزاع السنّي – الشيعي وإنعكاسه ويلاتٍ على لبنان ودخولاً في معارك لا تعني البلاد لا من قريب ولا من بعيد.

ووسط كلّ هذه المعمعة والإنقسام الإسلامي، يبرز إستحقاقٌ عربي جديد هو إنتخاب أمين عام جامعة الدول العربية خلفاً للعربي في 10 آذار المقبل، وقد درج العُرف على إنتخاب شخصية مصرية مرموقة لهذا المنصب نظراً لأنّ مصر أكبر دولة عربية، ومقرّ الجامعة موجود في القاهرة، فيما الإستثناء الوحيد حصل في الفترة التي لحقت توقيع مصر إتفاق السلام مع إسرائيل وما رافق تلك الحقبة من إنتقالٍ لمقرّ الجامعة العربيّة الى تونس وإنتخاب التونسي الشاذلي القليبي أميناً عاماً.

وفي هذا الإطار، علمت «الجمهورية» أنّ مصر طلبت رسمياً من رئاسة مجلس الوزراء تأييدَ لبنان لمرشحها لمنصب الأمين العام، والذي يُفترض أن يكون وزير الخارجية السابق أحمد أبو الغيط، وقد وافق لبنان على الترشيح المصري، سواءٌ كان أبو الغيط أو أيّ إسم آخر تختاره القاهرة.

وسيمثل لبنان في الإجتماع الذي طلبته مصر على مستوى وزراء الخارجية العرب، وزيرُ الخارجية والمغتربين جبران باسيل. لكنّ هذه المعطيات والموافقة اللبنانية المبدئيّة على الإسم المصري قد تتغيّر في الساعات المقبلة، خصوصاً إذا رشّحت دول الخليج، وعلى رأسها السعوديّة أحد الأسماء لتولّي هذا المركز، عندها سيكون لبنان مُحرَجاً وسيقع بين مطرقة عدم إغضاب الريّاض مجدّداً وسندان وعده لمصر.

وإذا كان القرارُ السعودي بوقف الهبات، وإستتباعه بقراراتٍ خليجيّة وعربيّة أخرى تُصنّف «حزب الله» بأنّه إرهابيّ، تمّ إستيعابه داخلياً، فيما سارعت الحكومة إلى التصرّف لعدم أخذ لبنان الى موقع العداء مع الدول العربية، إلّا أنّ مصر، وعبر تصاريح رئيسها عبد الفتّاح السيسي ما زالت مصرّة على عدم التدخّل في شؤون لبنان الداخليّة والوقوف مع فريقٍ ضدّ آخر، لكنّها في المقابل ترغب في الحفاظ على الخطّ الإستراتيجي للدولة اللبنانية وتحرص على إبقائه ضمن منظومة الإجماع العربي التي يُريدها السيسي، والذي تدخّل وساند الرياض في «عاصفة الحزم»، مع علمه ماذا كلّفت اليمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر.

ومن هذا المنطلق، توقّع ديبلوماسيون عرب عبر «الجمهوريّة» حصولَ توافق مصري- سعودي على مركز الامين العام للجامعة، وأن يعود مجدّداً الى القاهرة، خصوصاً أنّ السيسي وقف الى جانب الرياض في حرب اليمن، وأيّ معركة أو نزاع جانبي سيُضعف الموقفَ العربي الجامع بعد «عاصفة الحزم»، لصالح التشرذم وستستفيد منه طهران. لذلك فإنّ التوافق المصري- السعودي ينقذ لبنان من الإحراج.