IMLebanon

«مصر هبة النيل»  

 

سد النهضة الذي قامت بإنشائه أثيوبيا هو بتمويل وخبرات هندسية إسرائيلية، هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية نهر النيل هو حياة مصر خصوصاً أنّ 90٪ من «أرض الكنانة» صحراء قاحلة، والـ10٪ الباقية تعيش على النيل، لذلك قيل: «مصر هبة النيل»، هذا النهر الذي ينبع من بحيرة فيكتوريا الواقعة في شرق قارة أفريقيا، وتتوزع بين ثلاث دول، وهي: تنزانيا وتحتل 51٪ من نسبة مياه البحيرة، وأوغندا التي تحتل 43٪، وكينيا التي تحتل 6٪ من مياه البحيرة وتقع في الجزء الغربي، وتعتبر بحيرة فيكتوريا أضخم بحيرة إستوائية أفريقية في العالم بمساحة 69485 كلم مربع، وهي ثاني أكبر بحيرة للمياه العذبة في العالم… والنيل أطول أنهار العالم ويمتد على 6650 كلم، ويمر في تنزانيا والكونغو ورواندا وبويوندي وكينيا وأوغندا والسودان وأثيوبيا ومصر… والمشكلة بين مصر وأثيوبيا بسبب السدّ الذي سيؤدي ملؤه بالمياه الى شح المياه الواصلة الى مصر التي يتجاوز عدد سكانها حالياً المئة مليون نسمة وهي الى زيادة مضطردة سنوياً… ولم يتم التوصل الى توافق بين القاهرة وأديس أبابا رغم محاولات حسن النيّة التي تبديها مصر.

 

وكما قال الرئيس السيسي فإنّ أثيوبيا استغلت ثورة العام 2011 في مصر وقررت بناء السد لاستيلاد الكهرباء من المياه، صحيح أنّ هذا البلد الافريقي له حق بإنشاء السدّ لكن قضية الحقوق في المياه بين البلدان ترعاها الأنظمة الدولية، وعقدت إجتماعات ثلاثية عدة بين مصر والسودان وأثيوبيا ولكن من دون جدوى.

 

وكل ما تقوله مصر إنّه بدل خطة أثيوبيا بملء السد في ثلاث سنوات، فيمكن ملؤه في سبع سنوات، أي من دون كبير تأثير على ما يصل الى مصر من مياهه.

 

إنّ مصر لا تستطيع أن تتخلّى عن حقها بمياه النيل بالكميات المقررة لها قانونياً، وعدم وجود المياه يعني الحكم بالموت على مصر، وهذا ما لا يقبل به الرئيس السيسي ولا الشعب المصري.

 

1 Banner El Shark 728×90

 

واللافت أنه صدر عن واشنطن بيان مقتضب ومدروس: «يجب أن يكون هناك اتفاق»… ومعلوم أنّ أميركا يهمها أولاً وأخيراً مصلحة إسرائيل التي لا تريد الخير لا لمصر ولا للعرب عموماً، فهي حصلت على السلام بموجب اتفاقيتي كامب دايڤيد ولم تلتزم في المقابل بأي موجب، والشعب المصري رفض ويرفض بأكثريته الساحقة التطبيع مع الدولة العبرية، والسفارة الاسرائيلية في القاهرة شبه معزولة، وهناك مقاطعة حادة لها… من هنا فإنّ مصر قد لا تكون مرتاحة الى الدخول الاميركي على الخط.

 

الى ذلك، فإنّ ما حدث في سيناء من تطورات أمنية، أجبر إسرائيل على إعادة النظر بالاتفاقات التي عقدتها حول الوجود العربي المصري في سيناء المصرية، وبين التشدد الاسرائيلي أيام السادات (بحظر الدبابات والأسلحة حتى الدفاعية المصرية) اليوم ترحب بأي سلاح مصري ووجود مصري لمواجهة المجموعات الارهابية المتمركزة في سيناء.

 

وفي تقديرنا أنّ الواجب يقتضي على البلدان العربية قاطبة أن تقف الى جانب الشقيقة الكبرى مصر وتدعم موقفها في هذه المسألة الدقيقة، مسألة حقها الكامل في مياه النيل، وعدم الانتقاص منها على الاطلاق، فالقضية تتجاوز الخلافات السياسية مهما علا شأنها لتمس بأمن مصر الطبيعي والاقتصادي والاستراتيجي، والباقي، على أهميته، مجرّد تفاصيل.