Site icon IMLebanon

مصر تنقذ ليبيا وإلا.. «الطاعون الداعشي»

 

خطيئة كبرى، أن يقال بعد مرور أربع سنوات على ثورة 17 فبراير في ليبيا، ماذا لو بقي معمر القذافي؟ ألم يكن بقاؤه أفضل من تفكك ليبيا وتحوّلها الى «قبلة« للمقاتلين الاسلاميين المتطرفين من «داعش» الى «أنصار الشريعة»؟ الأخطر أن تتحول ليبيا الى قاعدة للانطلاق منها الى الدول المحيطة بها: مصر، الجزائر، تونس، النيجر والتشاد، والى أبعد منها عبر البحر المتوسط: ايطاليا، فرنسا، مالطا وكريت؟

مجرد هذا السؤال، كارثة. بكل بساطة، القذافي مسؤول عن تمزيق ليبيا، حيًّا ميّتاً. حال العقيد دون اقامة دولة ذات مؤسسات قوية وثابتة ومجتمع مدني صلب. باسم الثورة، أقام نظام «الجماهيرية« لتعميق التمزق القبلي والجهوي. كل «لجنة ثورية« مواجهة ومزاحمة للجنة الأقرب لها لخدمته. وضع القذافي منذ البداية خطة نتيجة لخيار قاتل «أنا وأولادي» أو لا وجود لليبيا. لا شك أن أولاده الأحياء يتابعون تحول ليبيا الى دولة فاشلة، يرقصون ويحيّون «عبقرية« والدهم المدمرة.

هذه الحالة ليست أحادية. في المشرق صدام حسين، وفي سوريا حافظ الأسد وابنه بشار. العراق وسوريا اللتان تُركتا مدمرتين والمهددتين بمصير مماثل لليبيا، اذا لم يتم التوقف عن وضع الجميع أمام الخيار بين «الطاعون الأسدي« و«الكوليرا الداعشية«. والبدء بضرب المذهبيين والأسد ووقف التدخل الإيراني.

لا تكمن المشكلة فقط بالأشخاص الذين أصبحوا قادة وقاموا بالمستحيل لتعميق سلطتهم فوق مستنقعات من الدماء والخراب، وإنما في النظام العربي السابح في الفراغ. لذلك يواجه العالم العربي خطرين: الأول «داعشي« قاتل، والثاني ايراني طامح لإقامة نظام اقليمي على قياسه وفي خدمته. لا وجود لقوة مركزية متمكنة يمكن الاعتماد عليها، ولا حليف لديه الامكانات أو الارادة أو الرغبة في دعمه. «الأوبامية» تبدو وكأنها على مسار لم يعد يعنيها كثيراً مستقبل حلفاء بلاده التاريخيين بقدر تعلقه بحلفاء متوقعين.

استمرار أسر العالم العربي، بين الخطر «الداعشي« الداهم، والمشروع الايراني المندفع، والتردد التركي المعلق على طموحات حديثة والتزام إيديولوجي مناقض لتوجهات مصر وغيرها. وغياب خطة استراتيجية قوية وسريعة، يعني نهاية خطيرة وربما لعقود طويلة. الخلاص في قيام جبهة متضامنة ومتكافلة من: مصر والسعودية في الأساس، يتم البناء عليها مع قوى عربية أخرى مثل الجزائر والمغرب. أما الأكثر إلحاحاً، فهو التفاهم مع تركيا، انطلاقاً من أن الخطر الذي يواجهه العالم العربي مشترك. العمل بسرعة وقوة لوقف تدهور ليبيا نحو التحول الى دولة فاشلة تصدّر كل أنواع الارهاب «الداعشي« وما يسمى «أنصار الشريعة» وغداً أنصار… مكلف على جميع الأصعدة. لن يعود يجدي أي بكاء «كربلائي« في كل الدول المحيطة بليبيا وصولاً الى أوروبا المهددة بمراكب اللاجئين غير الشرعيين الذين يضمون خبراء إسلاميين متطرّفين مدربين ومعمدين بالنار في سوريا والعراق.

مرة أخرى تعود الحاجة الى «مصر أم الدنيا»، اليوم أكثر مما مضى. بداية ضرب «الطاعون الداعشي» مهمة دولية وعربية. بدايتها في فتح الباب أمام الشعوب نحو الأمل بإقامة نظام مدني وتداولي متحرر من الخوف والقمع والحاجة. وثانياً في ولادة قناعة إقليمية ودولية أنه لا توجد قوة يمكنها إلغاء الآخرين أو استبعادهم مهما بلغت قوتها. وأن انهيار العالم العربي موقت فلماذا حفر العداوات والكراهية القومية والمذهبية؟ 

تركيا في خطر كبير. تضخم القوة الايرانية سيكون على حسابها موقعاً ودوراً. تمزق العالم العربي خطر على وجودها. قيام دولة كردية في العراق وسوريا يفتح عليها الباب في كردستان تركيا. أيضاً، تقسيم سوريا أو تحولها الى دولة فاشلة تثير شهية العلويين الأتراك أو حتى حلم روسيا في إزالة الجدار الحديدي التركي. إيران الطموحة ستواجه عاجلاً أو أجلاً الأخطار نفسها وهي في قمة صعودها.

تقوية مصر هي الخطوة الأولى. هذه العملية ليست فقط مهمة سعودية خليجية، وإنما هي أيضاً أوروبية. الخطوة الأولى في دعمها سياسياً وبالمال والسلاح. منع تحول ليبيا الى «قنبلة نووية داعشية» تمزق كل ما حولها وصولاً الى قلب أوروبا ليس مهمة مصرية فقط. قد لا يكون من مصلحة مصر الاندفاع نحو «الرمال المتحركة» الليبية، لكنه قدرها. فليقف الجميع معها لتكون درعاً لهم.