IMLebanon

الترياق المصري

تتهيّأ الأوساط الرسمية اللبنانية لاستقبال وزير خارجية مصر سامح شكري، مع ما في جعبته من أفكار يقول السفير محمد بدر الدين زايد، ان بالامكان ان تصبح مبادرة، قابلة لبلورة توافق على رئيس للجمهورية، شرط القاهرة الوحيد ان يكون محل قبول الأطراف اللبنانية.

وكما يبدو جلياً ان الاهتمام المصري بملف الرئاسة اللبنانية، ليس مستغرباً، في ضوء السابقات القديمة والحديثة، وآخرها الرئيس السابق ميشال سليمان، لكن المستغرب ربما، هو التأخر الى هذا الوقت، والوقت كما يقال، قتّال، قتّال للفرص وللمبادرات، لكن ان تأتي متأخرة خير من ألاّ تأتي، خصوصاً وان الصوت المصري مسموع لدى معظم العواصم القابضة على الزمام اللبناني من دمشق الى طهران الى موسكو وواشنطن.

أما من حيث التوقيت، فلا بأس به أيضا، مع تراجع البدائل الحوارية في الداخل، من السلة المتكاملة الي مجلس الشيوخ، فقانون الانتخابات أعاد الاستحقاق الرئاسي الى موقع الصدارة حيث يجب ان يكون دائماً، وذلك بالتزامن مع ارتفاع منسوب الاستياء العام من تلاشي ارادة القيّمين على الحياة السياسية في لبنان لحساب الالتزامات الخارجية، اقليمية أو دولية، وأفضل تعبير عن هذا الحال دعوة البطريرك مار بشارة الراعي المسؤولين اللبنانيين الى التجذر في الأرض، والحفاظ على لبنان، أو التخلّي عن مناصبهم اذا لم يتحملوا مسؤولياتهم.

واتسمت عظة البطريرك الراعي أمس، بأهمية مضاعفة، بحكم وجود سفيرة الولايات المتحدة، اليزابيت ريتشارد، بين المشاركين في قداس وادي قنوبين، وهي الحريصة على سماع كل كلام لبناني، حتى لو كانت تعرفه، أو على إلمام به، ومن الكلام الذي سمعته وتسمعه منذ مجيئها الى لبنان، يتناول الانطباع الغالب هنا، بأن لا رئيس جمهورية في لبنان قبل تشرين الثاني المقبل، تاريخ انتخاب الرئيس الجديد للولايات المتحدة.

واللافت في هذا السياق، انه ليس من قطب سياسي حسم خياره الرئاسي حتى الآن، سوى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي أكد أمس اصراره على التمسك بترشيح العماد ميشال عون، والرئيس سعد الحريري المتمسك بحدّة أقل، في ترشيح النائب سليمان فرنجيه…

واضافة الى ذلك كرّس نصرالله الرئيس نبيه بري رئيساً لمجلس النواب، مرشحنا الوحيد والأكيد والقديم والجديد لرئاسة المجهول.

وهذا الاصرار والتأكيد على الرئيس بري، دوافعه اثنان: تطمين جمهور ثنائية أمل والحزب الى ان مياه التحالف الثنائي في مجراها وفي ذات الوقت حثّ الرئيس فؤاد السنيورة، الذي قال انه لو كانت الأكثرية هي المعيار الوحيد في تسلم المناطق كان الأجدر ان يكون سعد الحريري محل تمام سلام الآن في رئاسة الحكومة والنائب محمد رعد مكان الرئيس بري في رئاسة المجلس، على أن يخيّط بغير هذه المسلّة…

وثمة ما لفت أيضا في خطاب نصرالله بذكرى انتصار حرب تموز… تجنّبه التعرّض للعواصم العربية، اشارته الى استمرار المشاركة في الحرب السورية: لا خيار أمامنا، إلاّ أن نبقى في الساحات، في حلب وفي كل مكان يقتضيه الواجب ان يكون…

النقطة الجوهرية في المسألة اللبنانية، ضياع المسؤولية، نتيجة غياب من يتحمّل أوزارها، وحتى المنغمسين في مستنقعها، من دول كبرى أو صغرى حرّروا أنفسهم من المسؤولية الأخلاقية، لنتائج أعمالهم واطلاق أيديهم، ليقولوا ما يريدون، وليفعلوا كل ما يشاؤون، عبر تدوير زوايا الوقائع، وتربيع المستطيلات، حتى ذاب كل ما هو صلب وانتهك كل ما هو مقدس، وبتنا ننتظر مبادرة من هنا وفرصة من هناك.

والأمل الآن، بالترياق المصري…