IMLebanon

مصر تسعى للفصل بين الرئاسة ووقف النار

 

قد تكون المرة الأولى التي تتحدث فيها الديبلوماسية المصرية بمثل اللهجة القوية التي تبيّنت في كلام رأس هذه الديبلوماسية الذي زارنا، أمس، وزير الخارجية  بدر عبد العاطي، موفداً من الرئيس عبد الفتاح السيسي، ومعه الدفعة الرابعة من المساعدات في إطار الجسر الجوي بين القاهرة وبيروت.

 

لم ينطقِ الرجل كلماته التي لا تقول شيئاً واضحاً، وتؤخذ تفسيراتها على الاحتمالات العديدة، كما اعتدنا أن نستمع إليه من الزوار الأجانب على مختلف مستوياتهم، فيستخدمون الكلام المعلوك الذي يفهمه كلّ طرفٍ على هواه.

 

على العكس من ذلك تماماً، كان الوزير عبد العاطي واضحاً وصريحاً ومباشراً… قال: لا نقبل. وقال: نرفض. وقال: مصر لن تسمح. وكرّر أنه يقوم بزيارته الى لبنان بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبالتالي فهو يتحدث باسمه الخ…

 

وفي التقدير والواضح من الكلام عالي النبرة أن أكثر ما جزم به الزائر المصري المهم تشديده على ضرورة أولوية انتخاب رئيسٍ للجمهورية، وجيّد أن يكون الاستحقاق الرئاسي بالتوازي مع وقف إطلاق النار المطلوب في كل حين، ولكن لا مبرر لوقف الجهود لانتخاب الرئيس بانتظار إعلان (وتطبيق) وقف إطلاق النار. هذا ما كان مفهوماً ومستَنتَجاً من كلام الوزير بدر عبد العاطي.

 

ونحن نعرف أن ثمةً خلافاً جذرياً، في لبنان، على هذه النقطة المركزية. وبالذات، وكذلك كلنا يعرف ردة فعل الجمهورية الإسلامية الإيرانية على بيان الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي ومعهما الزعيم وليد جنبلاط الذي قال بضرورة ملء الشغور الرئاسي. وكان ما كان من استعجال إيران الى وقف مفعول مضمون البيان الثلاثي ما يعرفه الجميع  وما أدّى الى فرملة الحماسة التي كانت بشيرَ خيرٍ نحو إنجاز الاستحقاق الرئاسي(…).

 

في أي حال ليس لمصر أي هدف (ولا نقول أي مطمع) في لبنان. وما زالت ترنّ في الأذن العبارة التاريخية الشهيرة التي أطلقها الرئيس الراحل أنور السادات، مخاطباً الجوار اللبناني القريب وكذلك الخارج الإقليمي والبعيد، وهي: «ارفعوا أيديكم عن لبنان».

 

ولأن مصر عضو فاعل في اللجنة الخماسية، الى جانب المملكة العربية السعودية ودولة قطر والولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وسفيرها في لبنان من أكثر السفراء العرب والأجانب نشاطاً لا سيما في إطار مهمة اللجنة لتقريب وجهات النظر وربما المواقف أيضاً لتسهيل العبور من ضفّة الفراغ الرئاسي الى ضفة سدّ الشغور.

 

إن الانتظار قد يطول ويطول حتى يتم الاتفاق على وقف ثابت للقتال، فهل يتحمل لبنان المزيد ممّا يعانيه جراء هذه الحرب؟

 

لذلك نرحب بالموقف المصري، وندعو الى تفعيله في إطار اللجنة الخماسية وخارجها، ونأمل أن يصل الى الخواتيم المرجوة.