هل كان خافياً على الإدارة الأميركية ان بيانها الذي ندد الثلثاء الماضي بتشديد الحكومة المصرية قانون مكافحة الإرهاب، جاء متزامناً مع جريمة ذبح المواطن الكرواتي، التي زعمت شبكة “سي ان ان” ان تنظيم “داعش” نفذها في سيناء، ثم تبيّن انها تمت في مكان آخر، وان هناك من أراد إلصاقها بصورة مصر التي تبقى موضع استهداف وتشويه بغيضين من جانب واشنطن واسرائيل؟
ان تنخرط وسائل إعلام أميركية في حملة ممنهجة لتشويه صورة مصر فذلك من صنع صهيوني، لكن منتهى الفطاظة ان تنساق وزارة الخارجية الى هذه الحملة، وخصوصاً عندما تصدر بياناً بدا كأنه يندد بحرص مصر على إستئصال الإرهاب!
ما معنى ان يشير البيان الى “ان واشنطن تقف الى جانب القاهرة في معركتها ضد الأرهاب، لكن التغلب عليه يتطلب إستراتيجية كاملة على المدى البعيد تشيع مناخاً من الثقة بين السلطات والرأي العام، عبر السماح لمن يختلفون مع سياسات الحكومة بالتعبير عن رأيهم في شكل سلمي”!
هكذا بالحرف لكأن الذين ذبحوا المواطن الكرواتي أو الذين ينفذون هجمات إرهابية في سيناء أو الذين يزرعون المتفجرات في القاهرة يريدون التعبير عن رأيهم. ثم ان جون كيري الذي زار مصر بداية هذا الشهر سمع بالتأكيد من عبد الفتاح السيسي ما يوضح فعلاً سياسته لاستئصال الإرهاب، لهذا ليس كثيراً ان يخال المرء ان واشنطن تواصل الضغط على القاهرة على خلفية إنهيار مشروعها لأخونة المنطقة العربية كلها، الذي أسقطته “ثورة ٣٠ يونيو” عندما أطاحت محمد مرسي وحكم “الإخوان المسلمين”!
يقول البيان الأميركي: “نحن قلقون من تأثير ضار محتمل لبعض إجراءات قانون مكافحة الإرهاب على حقوق الإنسان والحريات الأساسية”، وهذا كلام مدعاة للاستغراب والاستنكار عندما يصدر عن واشنطن التي لا تزال تصرّ تقريباً على ان خروج ٣٠ مليون مصري [أي ما يوازي نسبياً ١٠٠ مليون اميركي] لا يمثل ثورة على محمد مرسي و”الإخوان” بل يمثّل إنقلاباً عسكرياً!
غريب فعلاً ان تستمر إدارة باراك أوباما في النواح على سقوط مشروع “الاسلام السياسي” الذي كانت تريد له ان يتسلّم المنطقة، والغريب أكثر انها لا تصدق انه صار من الماضي بعد الثورة المصرية العارمة ضده، ولهذا لم يكن مستغرباً مثلاً ان تترافق مناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة التي تمثّل انجازاً، مع حملة مغرضة في وسائل الإعلام الأميركية حاولت تصوير الوضع في سيناء كأنه نسخة عن الموصل العراقية او الرقة السورية، على رغم ان الجيش المصري يبسط سيطرته هناك وينجح في مواجهة الإرهابيين اكثر مما ينجح “الائتلاف الدولي” لمحاربة الأرهاب الذي تقوده اميركا!
والسؤال متى يتخلّص أوباما وادارته من العقدة المصرية التي أسقطت مشروعه الفاشل لأخونة المنطقة؟