IMLebanon

عن المصالحة المصرية – القطرية

تأتي المصالحة المصرية القطرية كرافعة ضرورية للعلاقات العربية وسط ظروف متأججة ترسم علامات استفهام كبيرة من المحيط الى الخليج، وتأتي لتؤكّد انه اذا كان التضامن العربي قد شكّل دائماً هاجساً للسعودية، فان ترتيب المصالحات بين الاشقاء العرب شكل هندسة سياسية وقومية يسهر عليها خادم الحرمين الشريفين منذ عقد من الزمن.

في ١٨ كانون الثاني من عام ٢٠٠٩ حوّل الملك عبدالله قمة الكويت الاقتصادية قمة مصالحات عالجت العلاقات المتوترة بين العواصم العربية وخصوصاً بين القاهرة والدوحة، وقبل أسابيع أنجز المصالحة الخليجية مؤسساً لمصالحة القاهرة والدوحة، دافعاً في اتّجاه الارتقاء من مرتبة التعاون الى مرتبة الوحدة، فالوحدة هي الإطار الذي يحمي دول الخليج التي تتكالب من حولها تدخلات اقليمية ومطامع دولية كثيرة.

سهر العاهل السعودي شخصياً على ترتيب المصالحة التي حمّل أوراقها لرئيس ديوانه خالد التويجري، الذي زار برفقة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني المبعوث الخاص لأمير قطر الشيخ تميم، الرئيس عبد الفتّاح السيسي، بعدما كان أجرى سلسلة من اللقاءات بين الطرفين باشراف حثيث من الرياض.

ولو لم تكن مصالحة في العمق لما صدر البيان عن الديوان الملكي مرحباً بتوطيد العلاقة بين مصر وقطر، داعياً الشرفاء والعلماء والكتّاب الى الإستجابة لهذه الخطوة ومباركتها، ولم تكن الدوحة لترحّب بالمبادرة وتعلن وقوفها التام الى جانب مصر وأمنها الذي هو من أمن دول الخليج كما يكرّر السيسي. تكتسب هذه المصالحة أهمية كبيرة وتحظى بميزة إنجاز ضروري في الوقت المناسب، لأنها جاءت بالتوازي مع تطورين يعاكسان او يفترض ان يعرقلا بطبيعتهما توطيد المصالحة بين القاهرة والدوحة وهما:

أولاً – انها حصلت مباشرة بعد توقيع الشيخ تميم والرئيس رجب طيب اردوغان اتفاقاً لتأسيس “مجلس التعاون الإستراتيجي التركي – القطري الرفيع المستوى”، إضافة الى اتفاق للتعاون بين البلدين في المجالات الدفاعية. وهنا اذا كان من المفهوم ان تتصرف قطر من خلال إستراتيجيا تهدف الى توسيع علاقاتها الإقليمية، فليس مفهوماً ولا مقبولاً ان يواصل رجب طيب اردوغان سياسة التحامل على مصر وعلى موضوع المصالحة.

ثانياً – جاء الاعلان عن المصالحة المصرية – القطرية، بعد الإعلان عن ان نواب “الاخوان المسلمين المصريين السابقين، سيجتمعون في اسطنبول تحت مسمّى “البرلمان المصري”، وهذا يمثّل هرطقة عبثية تأتي في سياق التحامل التركي على مصر، ودائماً من منطلق طموحات اردوغان العثمانية لجعل تركيا عاصمة لـ”الاخوان المسلمين” يحاول من خلالهم فرض هيمنة اقليمية!

لكن صوت عبدالله جاء مدوياً مرة جديدة كما حصل في قمة المصالحات في الكويت يوم قال: “… نواجه المستقبل نابذين خلافاتنا صفاً واحداً كالبنيان المرصوص”.