عطلة عيد الاضحى الطويلة هذه السنة التي تمتد من اليوم حتى يوم الثلاثاء المقبل، ستكون من دون شك، فرصة ذهبية لهدنة غير معلنة بين «المتقاتلين» سياسياً حول ملابسات معركة الجرود، وعملية ترحيل «داعش» و«النصرة» ومسؤولية قتل الاسرى العسكريين الثمانية، وما يدور من لغط عن دور دولي واقليمي. في رسم سيناريو معركة الجرود وما تبعها من تفاوض مع تنظيمين ارهابيين كانا يحتلاّن مساحة كبيرة في ارض لبنان وسوريا على السواء، وجرت اعادة عناصرهما بسلاحهم الفردي الى داخل سوريا والى مناطق لا يسيطر عليها النظام في دمشق، وبحماية جنود من جيش النظام ومقاتلين من حزب الله.
جميع هذه الحلقات المرتبطة ببعضها بعضاً، ستكون مدار منازعة وأخذ وردّ، بين قوّتين اساسيتين، الأولى ولدت من رحم انتفاضة 14 آذار، والثانية ولدت من تظاهرة 8 آذار، والتي انضمّ اليها لاحقاً التيار الوطني الحرّ، تضاف اليهما قوّة ثالثة مؤلفة من مستقلين ومن عدد من الضباط المتقاعدين غير الراضين على ما آلت اليه نتائج معركة الجرود.
الأشرس في المنازعة المتوقعة، ستكون الحملة المبرمجة التي بدأت قوى 8 آذار وحلفاؤها تشنّها ضد رئيس الحكومة السابق تمام سلام، وقائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، دون ان توفّر رئيس الحكومة سعد الحريري ونواب ووزراء تيار المستقبل ورئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان، بهدف تحميلهم مسؤولية عدم مواجهة «داعش» و«النصرة» وتحرير العسكريين المختطفين بعد معركة عرسال، في محاولة لغسل ايديهم من أي مسؤولية رغم انهم كانوا وزراء ونواباً في تلك الحكومة وقبلها وبعدها، امّا الهدف الثاني في تلك المنازعة، فهو الحملة الشرسة التي تشهدها محطات التلفزة والاذاعات والصحف، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي يشارك فيها اعلام الحليف، التيار الوطني الحر، والموجّهة تحديداً ضد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي كان سبّاقاً الى انتقاد معركة جرود عرسال، لتجاوزها الدولة اللبنانية، وشرعيتها وحصرية قرارها، كما انتقد تفرّد حزب الله بمفاوضة التنظيمين الارهابيين والزام الدولة بشروط لم تفاوض عليها، ومحاولته دفع الحكومة الى التنسيق مع النظام السوري.
* * * *
الحملة على احزاب القوات اللبنانية، وتيار المستقبل، والاشتراكي بنسبة اقل، دفعت العديد من انصار ومحازبي هذه الاحزاب، وعدداً لا يستهان به من المستقلين اضافة الى قوى اخرى من 14 اذار، الى مناشدة وزراء القوات والمستقبل والاشتراكي بالاستقالة من الحكومة، احتجاجاً على ترحيل الارهابيين، دون استجواب، وحتى لا يكونوا شهود زور امام احداث تخالف ثوابتهم واقتناعاتهم، وتضعف هيبة الدولة وسلطتها، خصوصاً بعد نشر معلومات ان عدد مسلّحي «داعش» لا يتجاوز الثلاثمائة عنصر، وكانوا بحالة معنوية سيئة للاصابات التي اوقعها الجيش في صفوفهم، ومحاصرتهم من ثلاث جهات ولا سبيل امامهم سوى الاستسلام او القتل.
محللون غربيون، يؤكدون معلومات يجري التداول بها، ان معارك جرود لبنان الشرقية، هي حلقة في سلسلة تسويات متفق عليها دولياً وجرى تنفيذها على الارض في سوريا منذ مدة، هدفها تحقيق النظام الفدرالي في سوريا، وهو نظام تخشاه السلطات العراقية، وتخاف ان ينطلق اليها، ولذلك فان القيادات العراقية جميعها باستثناء رئيس الحكومة السابق القريب من ايران، رفضت قبول تموضع عناصر «داعش» بالقرب من حدودها على الرغم من مباركة ايران.
ايام ما بعد عطلة عيد الاضحى حبلى بكثير من الاحداث والمفاجآت عسى ان يكون اكثرها خيراً على لبنان واللبنانيين،
على فكرة، يقال ان عشرات الالوف من النازحين السوريين عبروا الحدود الى بلدهم، هل من سبيل تعتمده الحكومة لبقائهم حيث هم؟!