Site icon IMLebanon

ثمانية أعوام على «وسام» .. الشهادة والحقيقة

ثمانية أعوام مرّت على استشهاد الرائد وسام عيد والذاكرة لم تشفَ من غيابه ولا من بصمات وأدلة ما زالت تشهد على جريمة ظن مرتكبوها أنهم سيفلتون من العقاب ومن عدالة بدأت تكشف عن وجوهم وتفضحهم بالأسماء حتى ولو حملوا أكثر من اسم واختبأوا خلف أقنعة مزيفة لم تزدهم إلا جبناً ولن تُضفي الى مسيرتهم سوى مزيد من القتل والسفك والاجرام.

25 كانون الثاني من العام 2008 كان يوما اسود في تاريخ لبنان حيث شهد فيه اللبنانيون انفجارا ضخماً، قدّرت زنته بنحو خمسين كيلوغراماً من مادة الـ«تي.أن.تي»، فكان وسام عيد في ذلك اليوم على موعد مع شهادة لا تليق إلا بأمثاله وبحجم الاجرام الذي كشف عنه في مخطط إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري حيث تمكّن بقدرات تقنية محدودة ومتواضعة من وضع المخطط على السكة الصحيحة بعد محاولات تمييعه ولفلفته، لكنه أبى إلّا أن يُحلّل الأرقام والإتصالات فاتحاً الباب على مصراعيه امام التحقيقات اللبنانية والدولية بشكل جعله هدفاً وجب التخلص منه.

لم تكن يد الاجرام في عملية اغتيال عيد ومعه المعاون أوّل اسامة مرعب، هي الأولى التي تطال أحد ضبّاط او أفراد شعبة «المعلومات» في قوى الأمن الداخلي، إذ سبقتها محاولة مماثلة لاغتيال مسؤول «الفرع» يومها المقدم سمير شحادة الذي نجا يومها بأعجوبة بينما استشهد أربعة من مرافقيه هم: الرقيبان الأولان عمر الحاج شحادة ونمر ياسين والرقيبان شهاب عون ووسام حرب، وجرح الرقيب الأول زاهر قداح بالإضافة إلى مهندس مدني كان يعمل في ورشة مجاورة لمكان الانفجار في منطقة الرميلة. وقد جاءت عمليتا الاغتيال من ضمن محاولات ضرب عمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي كانت يومها في طريقها الى الإنشاء وهو الأمر الذي أزعج الجهات المتورطة بالجريمة.

نوعيّة التفجير الذي استهدف عيد مع حجم المواد التي استخدمت في عملية اغتياله، يؤكدان أن القاتل كان يعرف حجم مهمّات هذا الرائد، وكان يدرك تماماً حجم خطره عليه خصوصاً لجهة اطلاعه وعلمه بالملفات الخاصة بالجرائم الإرهابية، وهو الذي من خلال خبرته كمهندس اتصالات ومعلوماتية، لعب دوراً هاماً وبارزاً مع لجنة التحقيق حيث مدّها بمعلومات عديدة مكنتها لاحقاً من وضع يدها على طرف الخيط في «جريمة العصر» وهو الذي استطاع ايضاً الكشف عن مُخططي ومنفذي جريمة تفجير «عين علق» في المتن الشمالي وذلك بعد أقل من ساعة على وقوعها من خلال تحليله آلاف الاتصالات في منطقة الإنفجار مع رصده ومجموعة من رفاقه، شبكة خطوط خليوية مؤلّفة من ثلاثة أرقام كانت تتواصل في ما بينها بشكل حصري.

لم تبخل «المعلومات» بتقديم نخبة من ضباطها وعناصرها شهداء و«شهداء أحياء»، ففي التاسع عشر من تشرين الأول من العام 2012 قدّمت «الشعبة» رئيسها اللواء وسام الحسن شهيداً على مذبح الوطن بعمليّة اغتيال من خلال تفجير عبوة زُرعت إلى جانب سيارته، ليؤسّس دمه مرحلة جديدة على طريق العدالة التي كانت بدأت بقيام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وكان ثبّت الحسن قواعد جديدة من التعاطي الأمني مع العدو الإسرائيلي الذي أسقط له مع أفراد «شعبته» أكثر من ثلاثين شبكة تجسّس في لبنان، عدا الشبكات الداخلية من بينها شبكة سماحة – مملوك التي كانت تُخطّط للقيام بعمليات إرهابية واغتيالات هدفها زعزعة الأمن والاستقرار وخلق حلقة جديدة من مسلسل الدماء.

لغاية اليوم، يصف زملاء عيد من الضبّاط في شعبة «المعلومات» زميلهم الرائد الشهيد بـ«الذكي»، وهم العارفون ان اغتياله كان مقصوداً منه عدة أهداف أولها شخصه، وثانيها «المعلومات» نفسها وثالثها أمن لبنان واللبنانيين. فهذا الجهاز الذي أثبت طيلة الاعوام السابقة مدى قدرته القوية والثابتة على كشف شبكات تجسس إسرائيلية ومحلية وشبكات إرهابية، لم يكن عمله سهلا لولا وجود قدرات آمنت بوطن نهائي لجميع أبنائه من دون تغليب فئة على أخرى، ولولا وجود ضبّاط وعناصر في مؤسسات امنية، أشعلوا عيونهم نارا ليحموا خط حدود وطنهم وأمنه.