Site icon IMLebanon

حوار عين التينة قد يسبق حوار الرابية في الاتفاق على إجراء انتخابات رئاسية

هل يكون اتفاق العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع على الجمهورية أسهل من اتفاقهما على رئيس لها؟ وهل يكفي التوصل إلى هذا الاتفاق ما لم يقترن بموافقة الشريك الآخر؟

الواقع ان خلاف عون – جعجع على رئاسة الجمهورية جعلهما يتفقان على البحث في أي جمهورية ولأي رئيس مع ان جعجع كان يقول بانتخاب الرئيس أولا، لكنه عاد وجارى عون بموقفه كي لا يجعله يزايد عليه شعبيا بالقول إن لا معنى لانتخاب رئيس للجمهورية إذا لم يكن لهذه الجمهورية جمهور يؤمن بها ويدافع عنها بقوة وإيمان، وانه اذا انتخب رئيس على جمهورية كالتي كانت ولا تزال فلن يكون الرئيس رئيساً وليس في الجمهورية دولة قوية قادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل أراضيها، ولا تكون دولة داخلها ولا الى جانبها ولا قانون غير قانونها ولا سلاح غير سلاحها. فهل يتوصل عون وجعجع الى اتفاق على هذه الجمهورية ولكل منهما خطه السياسي ومشروعه؟ وهل ما يتفقان عليه يوافق عليه الشريك المسلم، وكم من الوقت يحتاج التوصل الى كل ذلك والرئاسة شاغرة؟

إن عون، إذا جارى جعجع في خطه السياسي ومشروعه، فقد يكون عليه أن يفك تحالفه مع 8 آذار وتحديداً مع “حزب الله” الا اذا استطاع جعل الحزب يغير خط سيره السياسي اقليمياً. واذا جارى جعجع عون في خطه السياسي ومشروعه فقد يكون عليه أيضاً أن يفك تحالفه مع قوى 14 آذار وتحديدا مع “تيار المستقبل”، وهذا أمر مستبعد جداً إن لم يكن مستحيلاً.

إن الجمهورية التي يريدها جعجع هي الجمهورية التي تقوم فيها دولة سيدة حرة مستقلة، لا دولة سواها ولا قانون غير قانونها ولا سلاح غير سلاحها ولا قرار غير قرارها. وهذا معناه ان من يرد اعتداء اسرائيل في حال وقوعه على لبنان هو الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي بمساندة الشعب اللبناني بكل فئاته وكل في موقعه، وألا يكون سلاح خارج الدولة سواء كان في يد “حزب الله” أو في يد تنظيمات لبنانية او غير لبنانية، وان القوات المسلحة، بمساندة الشعب، هي التي ترد عن لبنان هجمات الارهابيين والتكفيريين من حيث تأتي. والدولة وحدها، وفي مجلس الوزراء، هي التي تتخذ قرار الحرب والسلم وليس أي حزب او طائفة او تنظيم بمعزل عن الدولة كما فعل “حزب الله” حاليا وكما فعل الفلسطينيون المسلحون في الماضي في لبنان بحيث لم يضبط سلاحهم حتى توقيع “اتفاق القاهرة”.

لذلك إن التفاهم على جمهورية جديدة يكون فيها مثل هذه الدولة ومثل هذه السياسة يتطلب من العماد عون تغيير تحالفاته، حتى إذا صار اتفاق على رئيس لهذه الجمهورية فإنه يكون بمواصفاته وصفاته مع مبادئ هذه الجمهورية، لا بل ان العماد عون نفسه يصبح مقبولاً لرئاستها.

وعليه، لا لقاء بين جعجع وعون الا بعد الاتفاق على أسس الجمهورية الجديدة ومبادئها وعلى قانون للانتخابات النيابية يكون عادلاً ومتوازناً ويترجم المناصفة بين المسيحيين والمسلمين ترجمة صحيحة بحيث لا يفوز نواب مسلمون بأصوات مسيحيين ولا نواب مسيحيون بأصوات مسلمين، ويكون اللقاء عندما يتم تتويجا لما صار الاتفاق عليه.

والسؤال المطروح هو: هل يتوصل عون وجعجع الى اتفاق على أي جمهورية يريدان من دون ان يؤثر ذلك على تحالفاتهما؟ واذا لم يتوصلا الى اتفاق على هذه الجمهورية، فهل يتولى كل منهما شرح الاسباب للرأي العام مصوراً له ان الجمهورية التي يريدها هي الأفضل والأصلح؟ وهل تحالف لبنان مع دولة اقليمية أفضل له من تحالفه مع دولة أخرى في المنطقة؟ وإذا لم يحصل اتفاق بين جعجع وعون، هل يزداد الاتفاق على إجراء الانتخابات الرئاسية تعقيداً وتأجيلاً بحيث لا يبقى ثمة حلّ لها إلا بتدخّل مؤثر أو انتظار تحقيق تقارب سعودي – إيراني أقله حول لبنان وبمعزل عن الخلافات بينهما في المنطقة؟

قد يكون جعجع، في رأي بعض المراقبين، أراد مجاراة عون في الاتفاق على الجمهورية تمهيدا للاتفاق على رئيسها وليس العكس إظهاراً لحقيقة النيات، ويعلم الشعب من منهما يريد جمهورية سيدة حرة مستقلة والدولة فيها قوية وقادرة وعادلة، لا قانون غير قانونها ولا سلطة غير سلطتها ولا سلاح غير سلاحها، دولة تحيد نفسها عن صراعات المحاور حرصاً على الوحدة الوطنية والعيش المشترك، دولة قادرة على تنفيذ القرار 1701 بكل بنوده كي تستطيع حماية حيادها.

هل تظل الانتخابات الرئاسية تنتظر اتفاق عون وجعجع على أي جمهورية يريدان، ام ان حوار “تيار المستقبل” و”حزب الله” قد يسبقهما الى حسم الموضوع لأن لبنان لم يعد يتحمل مزيدا من الانتظار لا سياسيا ولا أمنيا ولا اقتصاديا وفي ظل هدنات مهتزة وغير ثابتة ومفتوحة على كل الاحتمالات؟