استذكر الرئيس سعد الحريري الوزير الشهيد محمد شطح قائلا «ان الذين اتخذوا قرارا بتصفية محمد شطح يدركون اليوم انهم أصابوا هدفا لا يعوّض، وان شطب اسم محمد شطح من الدائرة السياسية لقيادة تيار المستقبل هو ضربة موجعة أصابتني شخصيا وتسببت بفراغ كبير في المجال الحيوي لعملنا الوطني والسياسي، العديد منا لم يكن يتوقع ان يكون محمد شطح هدفا لعملية تفجير اجرامية، او ان تفكر جهة ما باغتيال شخصية عرفت بالرصانة السياسية وبالكفاءة المميزة في انتاج الأفكار الحوارية. تصورنا او خيل لنا ان محمد شطح ينشط فكريا وسياسيا في دائرة الأمان، وان الحكمة التي تمتع بها كافية لضمان سلامته الشخصية، وان المخططين لحلقات الاغتيال السياسي لن يدرجوا اسمه في قوائم المرشحين للموت. لكن شيئا من ذلك كله ما استطاع ان يحمي محمد شطح او ان يمنع القتلة من مواصلة مخططهم الاجرامي في تصفية رموز الاعتدال والفكر الوطني، وفي استدراج لبنان الى المزيد من الانقسام والاحتقان المذهبي.
اليوم تمر ذكرى الشهيد محمد شطح وسط خليط من المخاوف الأمنية والسياسية والجهود التي تعمل على التهدئة، ونفتقد بغيابه رمزا حيويا من رموز الدعوة الى الحوار وعدم الاستسلام الى اليأس في استنباط الحلول وإيجاد المخارج للازمات المستعصية. محمد شطح غائب عن لحظة سياسية، كان يفترض ان يتقدم فيها الصفوف وان يكون في طليعة الذين يعبرون عن قرار تيار المستقبل بجعل حماية لبنان من المخاطر الداهمة اولوية لا تتقدم عليها اي مسألة اخرى وواجبا الوطني يعلو على اي واجب مذهبي، طائفي، إقليمي. محمد شطح اسم يساوي الاعتدال، ودور يتقاطع مع الحوار، وفكرة غرست في عقولنا مسؤولية حماية لبنان. هو إذا حاضر فينا دائما، وسيبقى بكل من عرفه وأحبه وعاش معه، علامة مميزة من علامات الإشعاع الفكري والصفاء الوطني».
إنسان حضاري
من جهته، قال النائب مروان حماده «لم يكن الشهيد محمد شطح زميلا ورفيقا فحسب، بل كان مثالا للانسان الحضاري الهادئ والمهذب، وللمفكر السياسي العالم في العناوين الاستراتيجية والمتمكِّن في التفاصيل والجزئيات. كان رمزا في الاعتدال، عاشقا فكرة الدولة القوية والقادرة ذات السيادة المطلقة، متمسكا بالعروبة الحقة، مبحرا على متن حوار الحضارات. كان محمد شطح وسيستمر رمزا لفكرة الاستقلال الصلب. وهو أفنى حياته في سبيل قناعاته هذه، لا ريب ان المجرمين أرادوا من اغتياله إزالة ما يمثله من فكر مستنير في زمن ظلاميات أريد منها تبرير ظلاميات مضادة، وفي زمن ما تبقى من ديكتاتوريات بائدة. لكن أبسط خلاصات تاريخ الشعوب المناضلة وعبره، ان هؤلاء لن ينالوا من الشهيد شطح فكرة ورمزا حواريا صارا في وجدان كل لبناني منحاز الى رؤيته وتطلعاته، متمسك بإستنباط حل لكل مشكلة مهما بلغت تعقيدا. أما مسار الحقيقة والعدالة فلا يعكس، ولن يستطيع احد ايقافه».
الطريق الوحيد للإستقرار
ورأى النائب سمير الجسر، انه «في الوقت الذي كان يعمل فيه الصديق الشهيد محمد شطح، على تقريب وجهات النظر بين المكونات اللبنانية، ويتحرك بحيوية نادرة في كل الاتجاهات، سعيا منه للوصول الى حلول وطنية لازماتنا الكثيرة، امتدت يد الارهاب لاغتياله في وضح النهار في العاصمة بيروت، موجهة صفعة شديدة التأثير على مسار الحوار الذي كان يعمل على انتاجه، والذي آمن بأنه الطريق الوحيد لوضع لبنان على طريق الاستقرار.
الشهيد محمد شطح صاحب الاخلاق الرفيعة، واللاعب دوما دور مخترع الحلول، والعقل المفكر ببراغماتية تساعد على اختراق الجدار المسدود وتساهم بانتاج خيارات غير متوقعة تصب في ايجاد استقرار سياسي يساعد على تحريك العجلة الاقتصادية لاستيعاب هموم الناس. نتذكرك اليوم ونحن ماضون على نهجك واعتدالك، ولبنان يدخل مرحلة جديدة من الحوار بين مكوناته السياسية في ظل معاناة جدية وتحديات مصيرية تهدد مستقبله. نتذكرك لانك كنت عراب الحوار الذي يدرك الجميع انه الخيار الوحيد في المسار الطويل للوصول بلبنان الى شاطئ الامان».
كلمة جعجع
ووجّه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع كلمةً قال فيها» في مثل هذا اليوم من العام الماضي، أبت يد الإجرام إلا أن تُنغّص على اللبنانيين فرحتهم بالأعياد، فامتدّت بالاغتيال لتطاول رمزاً من رموز الاعتدال والحوار الحقيقي في هذا الوطن، محمد شطح، يعزّ علينا في الذكرى السنوية الأولى لاستشهادك، ان نفتقد حكمتك، ووطنيتك واعتدالك في زمن نحن في أمسّ الحاجة فيه الى هذه الفضائل، وسط تنامي الأصوليات والتكفيريات على انواعها… محمد شطح، صحيحٌ انك تركتنا مُرغماً في منتصف الطريق الشاق نكافح ونناضل لانتشال لبنان من حاله الصعبة، لكن عيونك ستبقى ساهرة على هذه الأرض من حيث انت، وستبقى مثالاً في الوطنية والاعتدال والانفتاح، يحتذي به كل المناضلين في سبيل الحق والحرية والإنسان… محمد شطح، إن دماءك التي سالت في وسط بيروت، في مثل هذا اليوم بالذات، قد روت شجرة الوحدة الوطنية بسخاء، فأثمرت تلاقياً وحواراً يستعد له اللبنانيون. كيف لا، ومنطق الحوار يجري في عروقك، بصرف النظر عن مآله او حظوظه او دوافعه.
ان ذكرى استشهاد شطح، لن تكون صفحة وطويت في دفاتر النسيان نستعيدها مرّةً كل عام، وإنما هي فعل إيمان بلبنان السيد الحر المستقل، نجدّده على مدار الساعة… وحتى قيام الساعة، ان هذه الذكرى الأليمة يزيد من آلامها أكثر وأكثر واقع الشلل والتعطيل والفساد والوضع الاقتصادي المُذري والفراغ الذي ينهش لبنان الدولة والشعب يوماً بعد يوم، فالوطن الذي حلم به محمد شطح لا يُشبه ما نشهده اليوم بشيء، ولكن مع ذلك فإننا لن نيأس، لن نرتاح لن نستكين حتى تحقيق كل الأهداف التي سقط محمد شطح وكل شهداء ثورة الأرز من اجلها.
محمد شطح، لقد اديت قسطك للعلى بأغلى ثمن ممكن، فالتضحية التي بذلتها فداءً عن وطنك، لا ترقى اليها تضحية، وإننا نعاهدك اليوم، وفي كل يوم، بأن دماءك لن تذهب هدراً، وبأن ثورة الأرز التي كنت ركناً من اركانها لن تخمد شعلتها ولن تبرد حرارتها مهما ازدادت الصعوبات وغلت التضحيات، نم قرير العين، فالأرض التي انجبتك واحتضنت في احشائها رفاتك ، لن تبخل بالمقاومين والمناضلين لمتابعة الدرب حتى انبلاج فجرٍ جديد، وقيام لبنان السيادة والحرية والإستقلال».