جعجع: قررنا الدخول في الحكومة لنكمل تحقيق أهدافنا
يريدون إخراج «القوات» وتحجيمها و«كيفما كانت فستكون قوية»
أعلن رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن تكتل «الجمهورية القوية قرر الدخول في الحكومة العتيدة تبعا للعرض الأخير الذي تلقاه من أجل أن نكمل من الداخل تحقيق أهدافنا التي من أجلها ترشحنا إلى الإنتخابات النيابية، كما من أجلها وجدنا واستشهدنا واعتقلنا وعانينا كل ما عانيناه». وقال: «أسهل الحلول كان بالنسبة لنا هو البقاء خارج الحكومة إذا ما أردنا التصرف انطلاقا من التظلم الكبير الحاصل في حق القوات مقارنة مع باقي الكتل، ولكن الحقائب والحصص لم تكن هدفنا في أي يوم من الأيام».
أضاف: «هناك من يحاول تصوير مسألة إعطاء القوات هذه الحقائب فقط على أنه انتصار كبير إلا أنها هزيمة كبيرة له باعتبار أن الإنتصارات تتحقق في الإنتخابات إما النيابية أو الطالبية، فالمحكمة هي الشعب وليس أن يتحكم البعض بقلم الإمضاء على تأليف الحكومة أو بتعطيل تشكيلها من أجل أن يخرج علينا في النهاية ليقول إنه بطل وتمكن من تحصيل كل الحقائب التي حصلها فيما القوات ضعفاء ولم يتمكنوا من تحصيل أي شيء».
هذه المواقف أطلقها جعجع عقب ترؤسه الاجتماع الطارىء لتكتل «الجمهورية القوية» في معراب، لمناقشة آخر تطورات تأليف الحكومة واتخاذ الموقف المناسب منها، في حضور وزراء «القوات» في حكومة تصريف الاعمال ونواب التكتل الحاليين والسابقين، واستهل كلامه بالقول: «ان البلاد تعيش من دون حكومة خلال الخمسة أشهر الأخيرة وبالتالي لم تعد تحتمل المقدمات، منذ ثلاثة أيام تسلمنا العرض الأخير في ما يتعلق بمشاركتنا في الحكومة وهو كناية عن 4 وزراء بينهم نائب رئيس حكومة، وزير عمل، وزير شؤون إجتماعية ووزير ثقافة، فانكبينا على دراسة هذا العرض».
وقارن بين عرض «القوات» والعروضات الأخرى التي أعطيت لبقية الكتل النيابية، وقال: «سأتناول في مقارنتي كتلا لأصدقاء لنا نتمنى لهم كل الخير باعتبار ان نجاحهم هو نجاح لنا سينعكس إيجابا علينا جميعا، ولكن على الرغم من كل ذلك يجب أن تكون الحسبة صحيحة حتى بين الإخوة. من هذا المنطلق سأستعرض العروض الأخرى لمعرفة الفرق بينها وبين عرض القوات، فكتلة الرئيس بري، مع تقديرنا الكبير له، مؤلفة من 17 نائبا ويمكننا اعتبارها تقريبا بنفس حجم تكتل الجمهورية القوية المؤلف من 15 نائبا، إلا أن هذه الكتلة قد حظيت بوزارة المال ووزارة الزراعة ومن الممكن أن تحصل على حقائب أخرى، والجميع يدرك مدى حجم وزارة المال لوحدها».
أضاف: «أنتقل إلى كتلة حزب الله المؤلفة من 13 نائبا فيما تكتل الجمهورية القوية يضم 15 نائبا، إلا أن هذه الكتلة قد حظيت بوزير صحة ووزير آخر ومن الممكن أن تحظى أيضا بوزير آخر، بينما كتلة المستقبل الذي يعرف الجميع مدى قربنا منها إلا أنها مؤلفة من 20 نائبا وحظيت برئيس حكومة، وزير داخلية، وزير اتصالات بالإضافة إلى وزارة أو وزارتين أخريين».
وتابع: «أما تكتل لبنان القوي الذي هو تكتل العهد وهو كناية عن نواب التيار الوطني الحر بالإضافة إلى عدد من النواب المستقلين المحسوبين على العهد، فمؤلف من 29 نائبا، ونحن نعترف طبعا بخلاف ما يحاول البعض تسويقه عن أننا لا نجيد الحساب إلا أن المشكلة في أن الآخرين لا يجيدون الحساب وهم لديهم «مغيطة» يستعملونها في حسابهم وإسمها حصة الرئيس ويقومون بمغطها متى يشاؤون وبالقدر الذي يشاؤونه، إلا أن في الحساب يجب ألا يكون هناك وجود «لمغيط،» فهذه الكتلة مؤلفة من 29 نائبا وأعتبر أنها ضعف حجم تكتل الجمهورية القوية ولكن الضغف فقط وليست أكبر بعشر مرات وبالتالي فهي حظيت بوزارة الدفاع، وزارة الخارجية، وزارة الطاقة والمياه، وزارة العدل وحقيبتين أو ثلاثة إضافية».
وأردف: «تكتل اللقاء الديموقراطي المؤلف من 9 نواب فقد حظي بوزارة التربية، وزارة الصناعة. وأخيرا أصل إلى تيار المردة الذي يدرك الجميع أن العلاقات أصبحت طبيعية معه وستترجم هذه العلاقة بشكل كبير جدا في الأسابيع المقبلة فـ3 نواب حظوا بوزارة الأشغال».
أضاف: «يريدون إخراج القوات من الحكومة أو تمثيلها بحجم صغير إلا أن الحجم يعطيه الإنسان، فنحن نعلم كم مر من رؤساء جمهورية على لبنان ولم تكن دائما رئاسة الجمهورية بنفس التأثير والحجم، وكم مر أيضا من رؤساء حكومة ولم تكن هذه الرئاسة متشابهة من حيث الحجم والوزن، وهذا ما يؤكد أن الإنسان هو الذي يملأ المركز الذي يشغره وليس العكس، لذلك كيفما كانت القوات في الحكومة فستكون قوية. ويعملون بشكل دؤوب من أجل تحجيم القوات وسبب ذلك هو اداؤها وتصرفاتها وممارساتها في الحكومة السابقة التي تمكنت من إيقاف بعض الصفقات على الأقل وأهمها كان صفقة الكهرباء، ونحن لا ندعي أننا أوقفنا كل الصفقات في الدولة، ولقد حان الوقت اليوم من أجل أن يردوا لنا الضربة ضربتين من خلال تمثيلنا في الحكومة الحالية».
وتابع: «هناك من يحاول تصوير مسألة إعطاء القوات هذه الحقائب على أنها إنتصار كبير إلا أنها هزيمة كبيرة له باعتبار أن الإنتصارات تتحقق في الإنتخابات إما النيابية أو الطالبية، فالمحكمة هي الشعب وليس أن يتحكم البعض بقلم التوقيع على تأليف الحكومة أو بتعطيل تشكيلها من أجل أن يخرج علينا في النهاية ليقول إنه بطل وتمكن من تحصيل كل الحقائب التي حصلها، فيما القوات ضعفاء ولم يتمكنوا من تحصيل أي شيء على خلفية أن قلم التوقيع ليس بحوزتنا، ولو كان كذلك لكان الجميع أدرك ما هي حصة كل فريق ولكننا قبل كل شيء لم نأخذ عددا كبيرا من الحقائب بل كنا عملنا على صحة التمثيل وليس استفراد الأفرقاء لأننا نملك التوقيع والعمل على التعطيل من أجل الضغط على الجميع ومن بينهم رئيس الحكومة، ومن أجل أن يقول الجميع في النهاية لا حول ولا قوة إلا بالله. أما بالنسبة لنا فنحن لا نعمل سوى تبعا لقناعاتنا وبالشكل الذي يجب أن يتم العمل من خلاله».
وقال: «ناقشنا العرض في الحلقات الحزبية العديدة التي التأمت للتداول وصولا إلى انعقاد تكتل الجمهورية القوية اليوم (أمس) على مدى ساعتين وتم التباحث في العرض من كل جوانبه. ان أسهل الحلول بالنسبة لنا هو البقاء خارج الحكومة إذا ما أردنا التصرف انطلاقا من التظلم الحاصل بحق القوات مقارنة مع باقي الكتل، ولكن بكل صراحة الحقائب والحصص لم تكن هدفنا في أي يوم من الأيام وقد مرت مراحل عديدة حيث كنا خارج الحكومة وهذا ليس بالأمر الغريب علينا، ولم نكن فقط خارج الحكومات وإنما وصولا إلى المعتقلات أيضا، ولكن السؤال الأساسي الذي طرح علينا وقامت عليه كل مناقشاتنا هو: أين نكون أفيد وأمينين للصوت الشعبي الذي كان مدويا لصالحنا إن كان في الإنتخابات النيابية منذ أشهر أو الآن في الإنتخابات الطالبية النقابية التي تجري؟ لذا وجدنا أن وجودنا داخل الحكومة أجدى بكثير وتجربة وزرائنا الناجحة جدا في الحكومة السابقة ماثلة أمامنا».
أضاف: «بعد المناقشة التي جرت اليوم في تكتل الجمهورية القوية اتخذنا القرار بالدخول إلى الحكومة من أجل أن نكمل من الداخل تحقيق أهدافنا التي من أجلها ترشحنا إلى الإنتخابات النيابية، كما من أجلها وجدنا واستشهدنا واعتقلنا وعانينا كل ما عانيناه».
واستشهد جعجع ختاما بمثل فرنسي «ليس هناك من أعمال حقيرة وإنما هناك أناس حقيرون». لذا أريد أن أستعمل هذا المثل بتصرف لأقول ليس هناك من حقائب وزارية حقيرة وإنما هناك أناس حقيرون.
الحكومة اليوم… ماذا يريد «حزب الله»
من تضخيم العقدة السنية؟
في لبنان، الكثير من المعلومات حول الوضع الحكومي والولادة الوشيكة. فموجة التفاؤل التي سادت في الساعات الاخيرة عززها امس تفكيك اللغم «القواتي» وإعلان رئيس الحزب سمير جعجع قرار دخول الحكومة رغم الظلم الكبير اللاحق بالحزب، في انتظار معطيات عملية يفترض ان تظهر من بعبدا عبر «مصادقة» رسمية من المرجعين الأساسيين المعنيين بتأليف الحكومة، رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري. واسهم التصلب في توزير «سنّة المعارضة» التي ارتفعت الى اعلى مستوياتها امس «لغاية في نفس يعقوب» لا تبتغي التشكيل السريع، او محاولة لتحسين شروط مشاركة بعض القوى من خلال إشراك المكون السني من حصة الحريري عبر ممارسة الضغط عليه في اللحظات الاخيرة، وحفظا لماء وجه «الثنائي» امام الحلفاء، على قاعدة قمنا بأقصى الممكن لكن ما باليد حيلة»، فلا مكان لها في تشكيلة الحريري اساسا ولن يكون على ما تفيد اوساط بيت الوسط، مؤكدة ان مع تجاوز العقدة القواتية التي اعترضت التأليف طويلاً، يفترض ان تصبح رحلة اخراج الحكومة الى النور في مرحلتها النهائية، فيتسلم الرئيس الحريري الاسماء من القوى السياسية لاسقاطها على الحقائب ويرفع صيغته الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ليزفّ النبأ السار الى اللبنانيين اثر توقيع مراسيم التشكيل اليوم على الارجح. اما بعبدا فلا تنظر الى «اشكالية تمثيل السنّة على انها عقدة كما ابلغت اوساطها بل نقطة عالقة سيصار الى تذليلها في لقاء الرئيسين.
8 آذار والعقدة السنية
ومع اتضاح الصورة نهائيا على الضفة القواتية، توجّهت الانظار الى عقدة تمثيل سنّة 8 آذار في الحكومة. وفي السياق، اشارت معلومات صحافية الى ان الثنائية الشيعية تتمسك بتمثيل النواب السنة المستقلين لافتة الى»ترقّب حذر» لما ستؤول اليه الاتصالات الاخيرة. وسط هذه الاجواء، وأفيد أن العقدة السنيّة حُلّت بإعطاء مقعد شيعيّ من حصّة «حزب الله» لرئيس الجمهورية وتوزير سنيّ من حصة الحزب، قبل ان يقول مصدر في 8 آذار ان «لا مبادلة بين المقاعد الشيعية الثلاثة المحسوبة لحزبيين من حزب الله». اما مصادر بيت الوسط فقالت رداً على سؤال عن أنّ «حزب الله» سيرفض حكومة من دون توزير السنّة المستقلّين: «إذا هيك بدّن ومصرّين فليتحمّلوا المسؤولية».
ماذا يريد حزب الله؟
وعليه، يصبح السؤال مشروعا عما اذا كان الهدف من رفع النبرة هذا، هو رمي العصي في دواليب التشكيل ومنع الرئيس الحريري من انجاز مهمته. وهل المطلوب أكل العنب ام قتل الناطور؟
فحتى صيغة الحل «الوسطية» هذه التي «لا تُميت الديب ولا تفني الغنم»، والقادرة على معالجة مشكلة التمثيل السني من دون إحراج الرئيس الحريري، يبدو، حتى الساعة، أنها ستواجه بالرفض… وإن كانت الحال كذلك، تتابع المصادر، واذا أصر الرئيس الحريري على رفضه التنازل أو «الانكسار» امام سنّة 8 آذار، وبقي هؤلاء على موقفهم، فذلك سيعني ان مسار التأليف سيدخل مدار التعطيل والتعثر مجددا.
لكن هذا الواقع، يقود الى استناج اوسع، مفاده ان ثمة رغبة لدى بعض الاطراف بعدم إبصار الحكومة النور في الوقت الراهن. ففي المرة الاولى التي اقترب فيها التشكيل من خواتيمه، تأزّم المشهد فجأة، برفض إسناد العدل الى القوات وبعودة الحديث عن توزير سنة 8 آذار من قِبل حزب الله.
واليوم، يتشدد الاخير في هذا المطلب مجددا، حيث تفيد معطيات صحافية بتمسّك شديد يبديه الثنائي الشيعي بتمثيلهم في مجلس الوزراء العتيد.
فهل الهدف من تحريك ورقة سنّة المعارضة – العاجزين عن التأثير في اللعبة السياسية لولا دعم «حزب الله» لهم – دائما بحسب المصادر، هو إبقاء المراوحة السلبية الوزارية مستمرة حتى تبلور ظروف اقليمية جديدة او لدفع الرئيس المكلف مثلا الى الاعتكاف، أم سيتم ايجاد «تسوية» لمسألة تمثيلهم وتولد الحكومة؟ الساعات القليلة المقبلة حاسمة على هذا الخط، وستحمل الإجابة عن هذه التساؤلات، تختم المصادر.