تحدث الرئيس ميشال سليمان الى «الشرق» فأعرب عن ثقته الكبيرة بالجيش وارتياحه جدا الى ادائه، قائلاً: لا يستملك احد الجيش… فلنحب الجيش دون ان نخنقه.
وقال ان الحل في طرابلس يجب ان يخلق دينامية جديدة.
مؤكداً انه بين التمديد الذي يرفضه والفراغ الذي لا يريده فقد اختار الانتخاب، وبالذات انتخاب رئيس للجمهورية.
ولاحظ رئيس الجمهورية السابق ان الخروقات الامنية تبقى متوقعة ولكنه ليس قلقاً على المعالجة الامنية معارضاً بحزم مبدأ المقايضة قائلاً انا ضد المقايضة مبدئياً كي لا نقتل الشهداء مرتين، فهناك عسكريون قتلوا غدراً في نهر البارد وغير مكان فنكون قد قتلناهم مرتين بالمقايضة.
وقال فخامته: عندما زرت ايران طلبت منهم مساعدة الجيش، فلم يردوا سلباً ولا ايجاباً.
لست مع التمديد
الشرق: ما رأيكم بما حصل في مجلس النواب، وهل تؤيد ذلك؟
سليمان: ان لست مع التمديد اطلاقا، ولا يمكن تخييرنا بين التمديد والفراغ. هناك انتخاب لرئيس الجمهورية لماذا لا يصار الى انتخاب رئيس؟ واذا انتخبنا رئيسا ومن ثم مددنا لاسباب تقنية او امنية عندها يصبح التمديد مبررا. انما اجراء التمديد لمجلس النواب دون انتخاب رئيس، فهذا يعني ان الامور لا تسير في الاتجاه الصحيح والقانوني.
الشرق: ما الذي يمنع حتى الساعة انتخاب رئيس؟
سليمان: انا ما زلت مقتنعا ان مسألة عدم انتخاب رئيس الى اليوم هي داخلية لا خارجية. فمعظم مشاكل لبنان في ايدينا، ونحن نفتح المجال لغيرنا كي يتدخل في شؤوننا.
واقول ان ممارسة الديموقراطية في لبنان اصبحت ممزوجة ومشروطة باهواء وامزجة خاصة. واسال هنا لماذا البلد معرض للخضات ومؤخر اقتصاديا؟
وقال على الجميع ان يقوم بواجبه، وما يحصل اليوم ليس له مبرر ابدا.
الشرق: هل عدم التوقيع على قانون التمديد يسيء الى قانونيته؟
سليمان: كلا لان المطلوب من الوزراء مشاركة رئيس الحكومة بالتوقيع وليس موافقة مجلس الوزراء. وبما ان هناك وزراء لم يوقعوا، يعني ذلك ان رئيس الحكومة لايمكن رده الى مجلس النواب، كما لا يمكن ان يسمح بنشره لان الوزراء الـ24 لم يوقعوا عليه.
مقاطعا، يعني ان عرضه على مجلس الوزراء ليس ضروريا؟
اجاب سليمان: كلا، انما الرئيس سلام عرضه على التوقيع افرادي. فاما ان يرده معللا السبب وهذا لن يحصل. لذلك نقول ان الامور لن تسير في الدولة والمؤسسات من دون رئيس للجمهورية.
لماذا لا يستقيلون
الشرق: كيف تفسر موقف رافضي التمديد وما زالوا نوابا، ولماذا لا يستقيلون؟
سليمان: هذا تصرف جدير في احترام الدستور، فانا كنت ضد التمديد ولم اقبل به، فذهبت الى بيتي. واعتبر انه انسجاما مع النفس، على الذين رفضوا التمديد ولم يتمكنوا من الطعن فيه فعليهم ان يستقيلوا.
وانا اعتقد ان المجلس الدستوري سيجتمع، واتمنى ان يتمكن من اصدار قراره.
الحراك المدني
الشرق: هل تؤيد حراك المجتمع المدني؟
سليمان: طبعا انا اؤيدهم.
الشرق: فخامة الرئيس كيف يمكن كسرالجمود الحاصل. واين هو الحل؟
سليمان: اذا لم نتعظ باهمية المرحلة التي تمر فيها المنطقة، واهمية نظامنا الديموقراطي، فنكون عندها في مصيبة. لقد اهتزت الارض لكننا لم نقع. فالكل تعرض لضغوط ومشاكل، وما زلنا نقول انه لدينا مؤسسات تحترم نفسها وكرامتها، والدليل على ذلك ان الجيش تمكن في اعادة تثبيت وضعه. رئيس الجمهورية رفض التمديد… علينا تطبيق الديموقراطية بشكل صحيح وقانوني، وقد اعطانا اتفاق الطائف الكثير في هذا السياق لكي نطبقه بشكل صحيح. فلماذا لا نفعل ذلك؟
الشرق: هل تعتقد ان المرحلة المقبلة ستكون مرحلة انتخاب رئيس؟
سليمان: لدي رأي خاص، واعتقد ان عملية طرابلس ستخلق ديناميكية جديدة في اتجاه الحلحلة واولها انتخاب رئيس. بالامس كنا نسمع ان داعش ستدخل لبنان وستصل الى جونيه، فتبين ان هذا امر غير صحيح، وادرك الشعب انها تتواجد عندما تتهيأ لها الظروف. والجيش تمكن من صد كل المحاولات التي استهدفت الوطن.
اعتقد ان الجميع ادرك اليوم اهمية وجود الدولة. فاذا لم تفهم اليوم ان الدولة اقوى من الجميع، فهذه كارثة. وباعتقادي هذه المسالة ستخلق اجواء جديدة، وتكون مسألة التمديد قد طويت.
الشرق: كان خطابك في ميفوق صرخة ضمير، وكأنك تتألم على وطنك؟
اجاب»طبعا، لاننا قدمنا لبنان على طبق من فضة»ببلاش». فانا لست مع النظام السوري، ولا مع اي طرف آخر، كما لست ضد احد، فلندع سوريا تخلق نظامها. لماذا علينا ان نتدخل في هذا الامر؟ وكلما تدخلنا نؤجج الصراعات، كذلك كلما تدخلت ايران اوالسعودية او اي دولة اخرى، تؤجج ايضا الصراعات.
كنت اردد دائما لماذا علينا ان نقدم ذاتنا وديموقراطيتنا وامننا فداء على مذبح الآخرين؟
الموقف الاميركي
الشرق: كيف تفسر الموقف الاميركي في المنطقة والحرب ضد داعش؟
سليمان: ان الموقف الاميركي غير حاسم حتى الآن، وربما لديهم اجندة سياسية معينة اضافة الى التجاذبات السياسية بينهم وبين الايرانيين والروس…
اعتقد ان الطور»الداعشي»اليوم بدأ بالانحدار عكس القاعدة التي عرفت كيف تكتمت على وجودها وانظمتها، فكانت فعلا انظمة سرية. واستطرد قائلاً: ان ما قام به الجيش اللبناني في مواجهة ارهابيين هو انجاز قياسا لجيوش المنطقة.
مقاطعا: لكن فخامة الرئيس هذا انجاز كلل نجاحه وقوف الرئيس سعد الحريري بهذا الشكل الى جانب الجيش؟
اجاب سليمان: مئة في المئة. فالرئيس الحريري كان سباقا في دعم الجيش، واضف الى ذلك ان الوضع البناني والتركيبة اللبنانية متينة على الرغم من كل الاحداث.
اعلان بعبدا
وردا على سؤال اسف الرئيس سليمان لانكار اعلان بعبدا او لاهمال الكلام عنه، وقال لقد حاولوا في اجتماعات نيويورك الماضية شطب اعلان بعبدا فلم ينجحوا. فنحن دولة وضعنا هيئة حوار واتفقنا في ما بيننا، فلماذا نتخلى اليوم عن كل هذا؟ فمن يوافق ويوقع على اعلان بعبدا، ولا يعود ويتراجع عن ذلك لاسباب باتت معروفة لدى الجميع؟
الشرق: هل يعني ذلك ان اعلان بعبدا ولد ميتا؟
سليمان: كيف ولد ميتا، لماذا تمت الموافقة عليه في البداية؟
واحب ان اشير هنا الى ان وثيقة الوفاق الوطني تتحدث عن التحييد دون تسميته خصوصا في الموضوع السوري. وعندما نقول ان لا خطر على لبنان من سوريا، كما لا خطر من سوريا على لبنان، ا لا يعني ذلك حيادا؟
الشرق: كيف هو الحل الامثل في تطبيق الاستراتيجية الدفاعية لو هناك فعلاً نيات صافية وطيبة؟
سليمان: تطبق عبر القرار الدولي الى حين وصول الاسلحة الى الجيش. وفي هذه الفترة، نلجأ الى هيكلية اسلوب خطة الاستفادة من قدرات المقاومة، انما ندرس ونناقش كيفية الامرة للاستفادة ووضعها بتصرف الجيش.
الحوار حق مشروع
الشرق: هل انت متفائل من خطاب السيد حسن نصرالله، وهل من بادرة امل في ذلك؟
اجاب : اذا كانت دعوته تنطلق من حسن نية، لما لا. فتيار المستقبل بدأ الحوار مع العماد عون منذ فترة، وقد تهيأ له انه وعد بشيء، وقد ساهمت هذه الوعود في تسهيل بعض القرارات في الحكومة والتي كانت معطلة منذ 6 سنوات. فالحوار حق مشروع لما لا؟
سليمان: كيف سيتم كسر الحاجز الرئاسي بين العماد عون والدكتور سمير جعجع؟
اجاب: للاسف الكل يدعي ان الخارج لا يتركنا نتصرف. ابدا، فالخارج يتفرج علينا، وهنا اشدد واسال عندما يتفقون في الخارج من الذي سيصمد ويقول لا؟
فالقضية ما زالت داخلية، واعتقد انه عندما نتفق لا يمكن لاي طرف خارجي ان يقول لا، او ان يقف في وجهنا ويقاومنا. والمشكلة الكبيرة هي انه اذا اتفقوا في الخارج، فما سيكون موقف الآخرين في الداخل؟
الهبة السعودية
الشرق: هل التوقيع على الهبة السعودية المقدمة الى الجيش اللبناني جاءت نتيجة احداث الشمال ام هي صدفة؟
اجاب: لا اعرف تحديدا، انما كنت علىاتصال دائم بالقيادة السعودية وتابعت الموضوع عن قرب، وعندما تحدث الي الملك السعودي عبدالله بعد احداث عرسال، اصريت في حديثي معه على ازالة العراقيل التي تعترض الـ3 مليارات. وانا اليوم مرتاح وفخور جدا لاداء الجيش ليس فقط لعمله العسكري، انما ايضا للالتفاف الشعبي والثقة التي حصدها، والتضامن مع قيادته…
كل هذا له اثر كبير، وقد حصدنا نتائج مهمة في تقوية صورة المؤسسة العسكرية في الخارج. واعتقد ان الانشقاقات التي حصلت ليس لها اهمية تذكر، انما اسبابها عدة مثل الخوف في المعركة، الارهاق، والتعب.
لست قلقاً على الامن
الشرق: هل ما زلت قلقا على الاوضاع الامنية بعد احداث الشمال؟
سليمان: التوتر الامني سيبقى متوقعا، لكن لم اعد قلقا ابدا على الوضع اللبناني بعدما تبيين ان ما حققه الجيش من انجازات، قادر ان يحققه في امساك زمام ا لامور والمحافظة على الامن والاستقرار. فلا يمكن ان نشتم الجيش ونسيء الى سمعته لنحرمه ثقة ومحبة الشعب.
الشرق: يعني هل انت مرتاح لقيادته؟
سليمان: انا مرتاح الى قيادته لانهم يتصرفون بشكل صحيح وحازم. فعندما يتبين ان المحبة، الثقة والحاضنة الشعبية تلتف حول الجيش، فلا خوف عليه اطلاقا.
اختطاف العسكريين: ضد المقايضة
الشرق: ما هي المعلومات التي بحوزتك حول خطف العسكريين؟
سليمان: انا اتحدث اليوم بتحرر، واحب ان اشير الى انني ضد المقايضة في هذه المسألة لمبدأ بسيط واولي لا يمكن مقايضة انسان بانسان آخر. اضف الى ذلك هناك عسكريون قتلوا غدراً وذبحوا، وتم توقيف عدد كبير من الارهابيين في نهر البارد، فاذا اخلينا سبيل هؤلاء نقتل العسكريين مرة ثانية.
وتابع: لذلك اقول يمكن ان نفاوض ونصل الى نتيجة ونعطي ضمانات معينة، انما يجب ان تصدر الاحكام بحق المحالين الى المحكمة. هناك فئتان الفئة الاولى غير محالة يمكن اخلاء سبيلها وفقاً للقانون. اما الفئة الثانية فهناك اشخاص قيد المحاكمة لا يمكن اخلاء سبيلها قبل الانتهاء من المحاكمة. واحب ان اشير هنا الى اننا نواجه ارهاباً عالمياً ودولياً، يقتل ويذبح الاميركي والعربي. فهل يجوز اعطاء مبرر لاخلاء المجرمين اينما وجدوا (… )
كلا لا يجوز لاننا نضعف المنظومة الدولية الانسانية التي تقف في وجه الارهاب.
واسأل: من يضمن لنا انه في حال حصل الارهابيون على مطالبهم ان يطوروا شروطهم ويعمدوا الى خطف آخرين.
ولكن مع التفاوض
وتابع: انا مع التفاوض، وحياة العسكريين تهمني كثيراً، كما يعزّ في نفسي كثيراً الشهداء الذين سقطوا في الضنية ونهر البارد وغيره… . فلا يجوز ان نقتل الشهداء مرة ثانية، ولا يجوز ترك الارهابيين من دون محاكمات. فهذا ليس عدلاً لا في حق الشهداء، ولا في حق القانون والدولة.
«الشرق»: لكن التفاوض يصبح اكثر صعوبة؟
سليمان: اعتقد ان وضعنا افضل واحسن من الماضي، ووضعهم اليوم اصعب.
المساعدات العسكرية
«الشرق»: هل ستصل المساعدات الايرانية الى الجيش اسوة بالمساعدات الاخرى؟
سليمان: عندما ذهبت الى ايران اثناء ولايتي، طلبت مساعدة للجيش فلم يتجاوبوا معنا لكنهم لم يقولوا لا.
وفي الحقيقة لم افاجأ اليوم من عرض الايرانيين مساعدة الجيش لأن هذه الهبة رمزية وليست كبيرة.
«الشرق»: طالما ان ايران ترسل اسلحة الى «حزب الله» لماذا لا تحولها الى الجيش مثلاً؟
سليمان: عظيم، هذه فكرة، او اقله ليقولوا للحزب اعطي بعضاً من الصواريخ الى الجيش.
انا لست ضد العلاقات مع ايران، واذا كانت لدينا اتفاقات بين البلدين، وتعجز عن تطبيقها حاضراً لاسباب مالية وللحظر… انما ستصلح في المستقبل عندما ترفع العقوبات عنها.
الوضع في سوريا
وعن الوضع في سوريا قال سليمان لو وجد حل بين المعارضة المعتدلة والنظام في سوريا، لما وصلت الامور الى ما وصلت اليه اليوم، واصبحت المعارضة متطرفة فالحرب في سوريا طالت وهذا الامر ما كان ليحصل، وعلى كل فريق ان يعلم ان الدعم اللامتناهي غير موجود. هناك بقاء فقط للاتفاقات مع شريكك السوري.
فما يحصل اليوم تدمير لسوريا والكل خاسر في ذلك.