IMLebanon

«حزب الله» يوجه «رسالة نارية» لإسرائيل باستهداف دورية لجيشها في مزارع شبعا

«حزب الله» يوجه «رسالة نارية» لإسرائيل باستهداف دورية لجيشها في مزارع شبعا

مخاوف من فتح «النصرة» و«داعش» الجبهة الجنوبية بعد معركة بريتال

ارتفع التوتر عند الحدود اللبنانية أمس بشكل غير مسبوق، مع تنفيذ «حزب الله» اللبناني عملية ضد دورية إسرائيلية في منطقة مزارع شبعا التي يعدها لبنان أرضا عائدة له، فيما تصر إسرائيل على أنها سورية ورفضت الانسحاب منها بعد انسحابها من الأراضي اللبنانية في عام 2000.

وطرح تنفيذ العملية، وهي الأولى المعلنة للحزب، منذ المواجهة الكبرى بينهما في عام 2006، علامات استفهام حول الرسالة التي أراد «حزب الله» توجيهها لإسرائيل من خلال تبنيه العملية رغم أن المعطيات تفيد بعدم نيته القيام بمواجهة شاملة مع إسرائيل، وما إذا كان المطلوب توجيه رسالة لإسرائيل مفادها أن دعمها أي تحرك، أو غضها النظر، عن تحرك لمعارضين سوريين في منطقة شبعا يعني أن إسرائيل سوف تكون متضررة من انفلات الأمن في المنطقة. كما أن الحزب تعمد تسمية العملية باسم أحد عناصره الذي قتل خلال تفكيكه جهاز تنصت إسرائيلي في جنوب لبنان قبل نحو شهرين، للإيحاء بأنها عملية انتقامية.

ووقعت آخر مواجهة بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله خلال حرب يوليو (تموز) 2006، واستمرت 34 يوما، وتوقفت بقرار دولي رقم 1701 تضمن نشر قوات دولية جنوب لبنان لحفظ السلام ومراقبة الوضع على حدود البلدين، ووضع ضوابط وآليات لمنع «الأعمال العسكرية» على الحدود.

وعد القيادي في تيار «المستقبل» مصطفى علوش أن تبني حزب الله لتفجير العبوة الناسفة بدورية إسرائيلية يطرح علامات استفهام كبرى، متسائلا: «هل وقع في حشرة (ضيق) ما ويريد إدخال عناصر جديدة إلى الصراع القائم؟»، ورأى علوش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن فتح الجبهة الجنوبية «أمر وارد»، متوقعا أن تكون العملية التي نفذها الحزب تهدف للتغطية على مسائل عسكرية أو سياسية تحصل بمكان ما. ودعا لانتظار «حجم وطبيعة الرد الإسرائيلي لتتبلور الصورة».

وأشار الكاتب والمحلل السياسي، المقرب من حزب الله، قاسم قصير إلى أن الرسالة التي أراد الحزب توجيهها من خلال تفجير العبوة هي القول إنه «كما يقاتل في سوريا جاهز للقتال في الجنوب، وبالتالي فإن المعارك السورية لن تشغله عن المعركة الأساسية بوجه إسرائيل».

ولم يستبعد قصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يكون قد جرى زرع العبوة قبل فترة وتقرر تفجيرها في هذا التوقيت بالذات، وقال: «زرع وتفجير العبوات في مناطق محتلة ليس بالأمر السهل على الإطلاق وهو يتطلب جهدا كبيرا». وتوقع قصير أن يكون الرد الإسرائيلي موضعيا، «باعتبار أنه لا مصلحة لا لإسرائيل ولا لحزب الله بفتح الجبهة الجنوبية».

وتبنى حزب الله يوم أمس تفجير عبوة ناسفة بدورية إسرائيلية في مزارع شبعا ما أدى لإصابة جنديين، وقد ردّت إسرائيل بقصف مدفعي طال عددا من الأراضي اللبنانية المتاخمة للحدود الجنوبية. وحمّل الجيش الإسرائيلي الحكومة اللبنانية وحزب الله المسؤولية متوعدا بالرد في التوقيت والطريقة المناسبة.

وأعلن حزب الله في بيان أن «مجموعة علي حسن حيدر في المقاومة الإسلامية – الجناح العسكري للحزب، قامت بتفجير عبوة ناسفة عند مرتفعات شبعا في دورية إسرائيلية مؤللة، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات في صفوف جنود الاحتلال».

وقال أفيخاي أدرعي، المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، إن جنديين إسرائيليين أصيبا «نتيجة انفجار عبوة ناسفة استهدفت قوة عسكرية في منطقة جبل دب في مزارع شبعا على الحدود مع لبنان»، لافتا إلى أنه يجري التدقيق بالحادث. وأوضح أدرعي في تغريدات له عبر «تويتر» أن الجنديين المصابين تلقيا الإسعاف الأولي في مكان الحادث باعتبار أن جراحهما «طفيفة». وأشار إلى أن جيش الدفاع الإسرائيلي قصف بالمدفعية موقعين تابعين لحزب الله، واصفا حادث تفجير العبوة الناسفة على الحدود بـ«العمل الخطير والخرق الفادح للسيادة الإسرائيلية». وحمّل أدرعي «حكومة لبنان وحزب الله مسؤولية التفجير ومسؤولية أي محاولة للمس بمواطني دولة إسرائيل أو بجنود جيش الدفاع»، مشددا على أن «جيش الدفاع الإسرائيلي يحتفظ بحقه للرد في أي توقيت وأي طريقة يراها مناسبة لحماية مواطني إسرائيل».

وكان الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله، أعلن عن تبني الحزب في شهر أبريل (نيسان) الفائت تفجير عبوة ناسفة استهدفت دورية إسرائيلية قبل شهر، لافتا إلى أنها تأتي في إطار الرد على الغارة الإسرائيلية التي استهدفت أحد مواقع حزب الله في منطقة جنتا الحدودية بين لبنان وسوريا.

ويُشار إلى أن العبوة التي استهدفت الدورية الإسرائيلية يوم أمس تأتي بعيد هجوم نفذته «جبهة النصرة» يوم الأحد الماضي على مواقع لحزب الله في جرد بريتال شرقي البلاد ما أدّى لمقتل 8 من عناصره.

وقالت «الوكالة الوطنية للإعلام» في لبنان إن «مدفعية العدو الإسرائيلي، أطلقت 7 قذائف في داخل مزارع شبعا المحتلة، إثر انفجار عبوة ناسفة بقوة إسرائيلية في داخل المزارع في محور رويسات العلم». وأشارت إلى حال من الاستنفار سادت المنطقة بالتزامن مع تحليق طائرات استطلاع ومروحيات معادية بكثافة في أجواء شبعا وكفرشوبا.

وتحدث موقع «المنار» التابع لحزب الله عن «وقوع انفجار في آلية عسكرية صهيونية على طريق موقع السدانة في منطقة مزارع شبعا المحتلة جنوب لبنان»، موضحا أنه بعد ظهر يوم أمس «سُمع دوي انفجار كبير جدا في منطقة مزارع شبعا بالقرب من موقع السدانة عند التلال الشرقية لبلدة كفرشوبا على طريق عسكري للدبابات الإسرائيلية جراء انفجار عبوة ناسفة بإحدى الدبابات». وأفاد الموقع بقيام الجيش الإسرائيلي بـ«استهداف مرتفعات شبعا وكفرشوبا بعشرات القذائف المدفعية وسط تحليق مكثف لطيران التجسس دون طيار».

وبالتزامن مع العملية التي نفذها حزب الله، برزت مخاوف من إمكانية أن تحرك «جبهة النصرة» وتنظيم «داعش» جبهة شبعا بعد محاولتهما الأحد الماضي السيطرة على مواقع لحزب الله في جرد بريتال في سلسلة جبال لبنان الشرقية.

وتوقعت مصادر مقربة من حزب الله أن تكون البلاد مقبلة على أكثر من معركة مع المسلحين المرابضين في المناطق الجردية الحدودية مع سوريا، لافتة إلى أن «عامل المناخ الذي سيتفاقم في الأيام المقبلة نظرا للبرودة الشديدة في المناطق الجردية، يؤكد أننا مقبلون على أكثر من معركة خاصة أن المسلحين باتوا محاصرين من الجهتين اللبنانية والسورية».

ونبّهت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه «وبعد معركة عرسال في أغسطس (آب) ومعركة بريتال قبل يومين (3 أيام)، من المرجح أن يفتح الإرهابيون جبهة حاصبيا – شبعا جنوبا»، لافتة إلى أن الجيش على أهبة الاستعداد لتلك المعركة. وأضافت: «الحزب والجيش لا يتقاسمان الجبهات، فالأولوية لوجود الجيش ولكن حين لا يكون موجودا يقوم حزب الله بالمهمات الدفاعية حتى وصول تعزيزات الجيش فينسحب عناصره».

وأوضحت المصادر أن «هذه الاستراتيجية هي نفسها المعتمدة منذ عام 1991 في المواجهة مع إسرائيل، والتي تقول إنه حيث يكون الجيش لا يكون أحد معه، ولكن حيث لا يكون، فإن كل مواطن له الحق بأن يقاتل دفاعا عن نفسه».