الحريري: استخدام الحدود اللبنانية منصة لتوجيه الرسائل خطوة نحو المجهول
«حزب الله» يوجه رسائل داخلية وخارجية بهجومه على إسرائيل.. ويستبعد «المواجهة الشاملة»
بيروت: نذير رضا
حذر رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري أمس من أن استخدام الحدود اللبنانية مع إسرائيل «منصة لتوجيه الرسائل الأمنية والعسكرية في هذا الاتجاه أو ذاك» هو «مغامرة جديدة وخطوة في المجهول لا تضيف إلى لبنان أي مصدر من مصادر القوة»، بموازاة استبعاد «حزب الله» أن يتطور الحادث إلى معركة مع إسرائيل، وتأكيده بأن العملية كانت بمثابة رسالة بأن الحزب مستعد لمواجهة عدوه القديم على الرغم من مشاركته في الحرب السورية.
وكان «حزب الله» أعلن أول من أمس أن مقاتليه فجروا عبوة ناسفة على حدود لبنان أسفرت عن إصابة جنديين إسرائيليين. وردت إسرائيل على الهجوم بقصف بنيران المدفعية. وتمثل هذه العملية التي شهدتها منطقة مزارع شبعا المرة الثانية التي يعلن فيها «حزب الله» المسؤولية عن هجوم على الجيش الإسرائيلي منذ عام 2006 حين خاض الحزب وإسرائيل مواجهة استمرت 33 يوما، بعد تنفيذ عملية مشابهة في مارس (آذار) الماضي في المنطقة نفسها.
وأثارت عملية «حزب الله» موجة كبيرة من الاستنكار نظرا لتداعيات محتملة لها على استقرار الحدود الجنوبية، بموازاة التوترات الأمنية على الحدود الشرقية مع سوريا، حيث يشتبك مقاتلو الحزب مع مقاتلين متشددين.
وسأل الحريري في بيان أصدره أمس: «من الأحداث التي شهدتها جرود بلدة بريتال البقاعية إلى عملية التفجير التي استهدفت دورية إسرائيلية في مزارع شبعا، هل يصح الصمت وغض النظر عما يجري، بدعوى عدم تعكير الأجواء ووجوب التزام مقتضيات التضامن تجاه أي سلوك في وجه الإرهاب والعدو الإسرائيلي؟ أم أن المطلوب من اللبنانيين جميعا الاصطفاف في طوابير البصم على كل ما يفعله (حزب الله)، وتبرير تصرفاته وسياساته؟».
وقال: «من دواعي الأسف الشديد أن هناك من ينظر إلى المخاطر الماثلة على هذا النحو، ويواصل سياسة دفن الرؤوس في الرمال والإقرار لـ(حزب الله) بحقوق حصرية في إقامة المعسكرات وخوض الحروب بمعزل عن الدولة وحكومتها وجيشها»، مشددا على أن «الإصرار على سلوك هذه الخيارات، عشوائية كانت أو محسوبة على أجندات خارجية، لا يساهم في إفساد الجهود الوطنية في مكافحة الإرهاب والتطرف فحسب، ولكنه يطرح من جديد مسألة الخروج عن الإجماع الوطني والتصرف مع السلطات التنفيذية والتشريعية في البلاد كما لو أنها مجرد صفر على الشمال».
وأعرب الحريري عن اعتقاده بأن لبنان «يحتاج إلى السياسات التي تجمع ولا تفرق، وإلى توحيد الجهود تحت سقف الدولة ومؤسساتها، في سبيل حمايته ودرء مخاطر الإرهاب».
ودعا الحريري إلى «قيام صحوة وطنية توقف توريط لبنان في حروب الآخرين على أرضنا أو في الحروب على أراضي الآخرين، وهي الصحوة التي لا نراها ممكنة إلا بمشاركة الجميع، وفي مقدمهم (حزب الله)، الذي ينفرد بالخروج على قواعد الإجماع الوطني، ويريد من الآخرين مجاراته في تغطية هذا الخروج وتشريعه بقوة الأمر الواقع».
غير أن «حزب الله» لا يرى أن تلك العملية ستشعل حربا أخرى مع إسرائيل. ويقول الخبير الاستراتيجي المقرب من الحزب الدكتور أمين حطيط لـ«الشرق الأوسط» إن فتح معركة إسرائيلية مع لبنان «مستحيل في هذا الوقت»، على ضوء حسابات ميدانية وعسكرية. وأوضح أن «إسرائيل لم تخرج من مستنقع حرب غزة حتى الآن، علما بأن صواريخ حركة حماس ضدها لا تساوي شيئا أمام قدرة (حزب الله) النارية»، مشيرا إلى أن الحزب «يطور مهاراته القتالية بشكل متواصل». وقال إن مشاركته في القتال في سوريا «لم تؤثر بشكل من الأشكال على قدرات (حزب الله) وتحضيراته لأي مواجهة محتملة مع إسرائيل»، لافتا إلى أن «(حزب الله) لم يستخدم أي شيء بعد من قدرته الصاروخية في المعارك السورية».
ويصر «حزب الله» على التأكيد بأن العملية كانت بمثابة رسالة إلى إسرائيل، والداخل اللبناني على حد سواء، وجاءت بعيد معارك بريتال (شرق لبنان) والحديث عن إمكانية تسخين جبهة شبعا (الحدودية مع هضبة الجولان). وقال حطيط إن إحدى الرسائل تتمثل في «حاجة (حزب الله) للتذكير بأن مزارع شبعا محتلة، لم تشغل الحرب.
وكان نائب أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم قال ليل أول من أمس: «هذه رسالة… العبوات فجرت بناء على مسار العدو، وهذا يعني أن المقاومة حاضرة»، وأضاف: «إذا أراد البعض أن يقرأ بأن المقاومة تقول إنه على الرغم من انشغالنا في الواقع السوري وعلى الجبهة الشرقية للبنان فإن أعيننا مفتحة ومقاومتنا جاهزة في مواجهة العدو الإسرائيلي ونحن متيقظون تماما. هذه هي الرسالة».