حملات دهم وتوقيف واسعة تطال سوريين في لبنان… و«داعش» يهدد بقتل عسكري ثالث
«حزب الله» يحتجز أشخاصا لمبادلتهم بجثث لعناصره
بيروت: كارولين عاكوم
تشهد مناطق لبنانية عدة في الفترة الأخيرة، لا سيما بعد معركة عرسال بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين متشددين، الشهر الماضي، حملات دهم وتوقيفات بـ«الجملة» لعدد كبير من السوريين، تتضارب المعلومات بشأنهم، في حين تؤكد السلطات المعنية أن كل ما تقوم به هو نوع من «الأمن الوقائي». ويأتي ذلك، في موازاة أعمال العنف التي تستهدف سوريين، والتي زادت وطأتها منذ المعركة الأخيرة، في ردة فعل انتقامية من خاطفي العسكريين، وإقدام «داعش» على ذبح اثنين منهم، ومن ثم تهديد التنظيم، ليل أمس، بقتل عسكري ثالث لديه خلال 24 ساعة، بسبب ما قال إنه مماطلة في المفاوضات. وأضيف إلى كل هذا عملية خطف جديدة استهدفت عسكريا في الجيش اللبناني من عرسال أيضا على أيدي مسلحين أول من أمس.
لا يكاد يمر يوم إلا ويعلن الجيش اللبناني عن توقيفه عددا من السوريين لأسباب مختلفة، توضع معظمها في خانة «ارتباطهم بمجموعات إرهابية».. «بعضهم يُطلق سراحهم خلال ساعات قليلة، وبعضهم الآخر تبقى أسباب اعتقالهم مجهولة بالنسبة إلينا رغم محاولتنا تقصي الأسباب»، وفق ما يقول رئيس المكتب الإعلامي لتنسيقية اللاجئين السوريين صفوان الخطيب لـ«الشرق الأوسط». من جهتها، تؤكد مصادر أمنية أن المداهمات التي تحصل هي نوع من «الأمن الوقائي»، وتُنفَّذ بناء على أخبار تفيد بوجود أشخاص في بعض المخيمات أو تجمعات للنازحين مرتبطين بمجموعات إرهابية، لا سيما تنظيم «داعش»، بينما تشير مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن عددا من الذين يُلقى القبض عليهم، بناء على معلومات تحصل عليها الأجهزة الأمنية، هم من أقرباء عناصر وقادة في «داعش» أو «جبهة النصرة» الموجودين في جرود عرسال، الذين يختطفون العسكريين اللبنانيين لاستخدامهم ورقة ضغط على الخاطفين لإطلاق سراحهم.
وتشير المصادر الأمنية في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الإجراءات المكثفة تطال مختلف المناطق اللبنانية ولا تقتصر على منطقة دون أخرى، وأن بعض من يُلقى القبض عليهم يُفرج عنهم خلال ساعات بعد التحقيق معهم، فيما يبقى قيد الحجز آخرون، معظمهم يتبين أن لهم ارتباطات بمجموعات إرهابية، وأبرز الأدلة تكون وجود صور وإحداثيات وخرائط وأعلام لـ«داعش» على هواتفهم تثير الريبة، مما يستدعي توسيع التحقيق معهم.
في المقابل، وفيما كان لافتا توقيف القوى الأمنية لسوريين قبل أسبوعين، في منطقة الجنوب، معقل «حزب الله»، قالت مصادر ميدانية، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك معلومات تشير إلى أن «حزب الله» يقوم في مناطق خاضعة لسلطته، لا سيما في البقاع والجنوب، بتوقيف عدد من السوريين، في محاولة منه لاستثمار هذه العملية لمقايضتهم بجثث لعناصره محتجزة لدى «النصرة»، بعدما فشلت مفاوضات سابقة بهذا الشأن.
من جهتها، أشارت مصادر مقربة من «حزب الله» لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التوقيفات في الجنوب الذي يستقبل نحو 200 ألف نازح سوري، تتم بالتنسيق مع حزب الله، وقد وصل عدد الذين أوقفوا وحقق معهم، قبل أن يطلق سراحهم ويُطردوا من الجنوب، إلى 37 شخصا، وذلك لتأييدهم تنظيمات متشددة».
وفيما لا يظهر أي جديد على صعيد المفاوضات بشأن العسكريين المخطوفين، التي تتولاها قطر، ودخلت على خطها تركيا، هددت «جبهة النصرة» قبل يومين بقتل العسكري محمد حمية، مشيرة في بيانها إلى أن تضييق الخناق من قبل الجيش اللبناني على اللاجئين السوريين في عرسال سيؤدي إلى طفح الكيل، وقد يكون حمية أول من سيدفع الثمن، ليعود «داعش – قاطع القلمون» ويعلن في بيان له، أول من أمس، ليلا، إلى أنه سيقدم، خلال 24 ساعة، على ذبح عسكري، بسبب «المماطلة» بالمفاوضات وعدم الالتزام بـ«الوعود».
وهذا التهديد قد أدى، وفق ما ذكرت معلومات صحافية، إلى مغادرة اللاجئين السوريين بعض المناطق في الضاحية الجنوبية في بيروت، لا سيما منطقة الأوزاعي والرمل العالي.
وأعلن، أمس، أهالي العسكريين المخطوفين بعد لقائهم رئيس الحكومة تمام سلام أن الأخير أبلغهم أن «المفاوضات لم تتوقف، والمطالب تنقسم بين ما يمكن تحقيقه وما يحتاج إلى مزيد من الوقت».
وأكد الأهالي أنه ما من تطمينات حتى الساعة، مشيرين إلى «أننا في لحظة حرجة، ونراهن على حكمة رئيس الحكومة ووزير الداخلية والموفد القطري»، مطالبين الوفد القطري بالتوجه فورا إلى عرسال، وإحضار أبنائهم.
وشدد الأهالي على أن العامل الأساسي في استمرار التفاوض هو إيقاف التهديد بقتل المخطوفين، داعين الجهات الخاطفة إلى إيقاف تهديداتها.
وكان قد نتج عن خطف العسكريين ومن ثم إقدام «داعش» على ذبح عسكريين اثنين، ردود فعل وأعمال عنف استهدفت اللاجئين السوريين في لبنان، وصلت إلى حد طردهم من المناطق التي ينزحون إليها. كما أقدمت بعض البلديات على اتخاذ إجراءات خاصة، منعت بموجبها استقبال أو تأجير منازل لعائلات سورية.
ومن جهتها، كانت السلطات اللبنانية اتخذت إجراءات وقرارات جديدة للحد من النزوح السوري إلى لبنان، لا سيما بعدما خرج عدد من المسلحين من المخيمات الموجودة في عرسال وشاركوا في المعارك ضد الجيش الشهر الماضي. وآخر هذه القرارات كانت منع استقبال المزيد من النازحين السوريين الذين فاق عددهم المليون، بينما تشير معلومات أخرى إلى تجاوزهم المليون ونصف المليون. مع العلم أن توافقا مبدئيا توصل إليه الوزراء في الحكومة اللبنانية على إقامة مخيمات تجريبية للنازحين، على أن تتوسع الدائرة إذا نجحت التجربة الأولى.
وفي إطار التوقيفات المستمرة التي تطال مشتبها بهم أو مطلوبين، أوقفت مخابرات الجيش في بلدة علمان في إقليم الخروب، أول من أمس، 4 سوريين بتهمة تجنيد أشخاص لدى منظمات إرهابية، وفق ما ذكرت الوكالة الوطنية للإعلام.
وقبل يومين، نفذ الجيش سلسلة من المداهمات في أماكن سكن وتجمعات اللاجئين السوريين في قرى وبلدات اكروم ومشتى حسن ومشتى حمود في عكار، وأوقف عددا من الأشخاص.
وقبل ذلك، نفذ الجيش عملية دهم طالت عائلة سورية تسكن في منطقة الشويفات منذ أكثر من 15 عاما، وأوقفت جميل عيسى و5 من أولاده، وهو الأمر الذي شكّل صدمة بالنسبة إلى أهالي المنطقة الذي يعرفون عيسى وعائلته.
وكانت معلومات وردت للأجهزة الأمنية ولشرطة بلدية الشويفات بأن تحركات مشبوهة تحوط منزل عيسى الذي عثر في مخزن صغير داخل منزله على قنبلتين، وصادرت الأجهزة الأمنية جهاز كومبيوتر.
ويوم السبت الماضي، ألقى جهاز أمن الدولة القبض على السوري سامي محمد باكير، الملقب بـ«منع»، وقد وُصف بأنه «خطير»، وهو مطلوب بموجب بلاغات إنتربول دولية، ومتهم أيضا بنقل إرهابيين بين لبنان وسوريا.