Site icon IMLebanon

هجمات على مراكز للجيش اللبناني في طرابلس تنذر بسيناريو مشابه لعرسال

هجمات على مراكز للجيش اللبناني في طرابلس تنذر بسيناريو مشابه لعرسال

تكرار الاغتيالات.. وأنباء عن تسليح وضخ أموال لمتطرفين

عادت إلى مدينة طرابلس في شمال لبنان أجواء التوتر أمس، بعد هجمات عدة على مراكز الجيش فيها من قبل مسلحين مجهولين. وقالت وكالة الأنباء الرسمية إن وحدات الجيش المنتشرة بين طلعة العمري وبراد البسار، ردت على مصادر إطلاق النار باتجاه مراكزها في التبانة.

وتأتي هذه الهجمات لتتوج أسبوعا من التوترات القائمة في المدينة التي يعتقد أن مسلحين متشددين يتمركزون في عدد من أحيائها. وتسود مخاوف في طرابلس، من عودة التوترات بشكل واسع، بعد أن نعمت المدينة بصيف هادئ، إثر تطبيق خطة أمنية ناجعة، منذ أبريل (نيسان) الماضي. لكن المدينة عادت وشهدت أحداثا أمنية عدة تصاعدت وتيرتها بالتزامن مع الهجوم الذي شنته المجموعات المسلحة المتطرفة على الجيش اللبناني في عرسال، على خلفية الأزمة في سوريا.

وشهد الشهر الأخير في طرابلس عددا من الاغتيالات، كان آخرها أول من أمس، حين أطلقت النار على المدعو فيصل الأسود من سيارة مسرعة. وهو أحد كوادر منطقة باب التبانة (ذات الغالبية السنية)، وكان قائد محور فيها أيام ذروة الاشتباكات ثم اتهم بولائه لأطراف في فريق «8 آذار». وتوفي الأسود متأثرا بجراحه ودفن أمس، وسط إطلاق نار كثيف، وحذر شديد ساد المدينة، خوفا من أن يتدهور الوضع فجأة بسبب أعمال انتقامية قد ترتكب.

وكان الجيش اللبناني تعرض لعدد من الاعتداءات كان آخرها أمس؛ إذ استهدف حاجز في طلعة العمري، دون وقوع ضحايا، لكن أكثرها إيلاما هو الهجوم على حاجز في منطقة البداوي شمال المدينة، منذ 3 أيام، أدى إلى مقتل الجندي محمد خالد حسين، وجرح آخرين، كما تعرضت حافلة تقل عسكريين أمس، لإطلاق نار في منطقة عكار، شمال لبنان.

وهذه حلقة أخيرة في سلسلة أحداث متلاحقة عاشتها طرابلس، فقد وضعت عبوة ناسفة منذ ما يقارب الشهر عند جسر في منطقة باب الرمل عند المدخل الجنوبي لطرابلس، ولقي عصام الشعار حتفه، كما اغتيل فواز بزي في منطقة باب التبانة يوم 10 سبتمبر (أيلول) الحالي، ولا تنقضي ليلة دون أن تعمد مجموعات مسلحة إلى التذكير بوجودها بإلقاء قنابل صوتية لا سيما في باب التبانة. وزاد الأجواء احتداما ظهور أحد مسلحي باب التبانة ويدعى شادي مولوي تلفزيونيا، ليعلن انتماءه لتنظيم «داعش» جهرا إضافة إلى أسامة الرفاعي. وجاء فيلم الـ«يوتيوب» الذي جرى تداوله على نطاق واسع ويظهر مجموعة من المصلين في جامع التقوى في طرابلس تصرخ بمناشدة التنظيم المتطرف، ليزيد من الإحساس بالخوف لدى المواطنين.

وإذا كانت الأجواء العامة تميل إلى التخوف مما قد تشهده طرابلس من اشتباكات قد تستجد نتيجة الحديث المتواصل عن توزيع أسلحة ووصول أموال، فإن الجيش يعزز من وحداته المنتشرة في المدينة، ويسير دورياته باستمرار، لمنع أي انزلاقة أمنية كبرى، قد تعيد طرابلس إلى المربع الأول.

ولا يخفي أحد مقاتلي باب التبانة أن «هناك سلاحا يصل، لكن ليس بالشكل الواسع الذي يجري التداول حوله، والاغتيالات التي تحدث هي نوع من التصفيات والانتقامات بين المجموعات المسلحة التي يبدو أنه بات يخشى بعضها بعضا».

وإذا يحذر كثيرون من أن طرابلس قد تكون بؤرة خطرة كعرسال في البقاع، بسبب وجود متشددين في المدينة، وإصرارهم على الإعلان عن أنفسهم، فإن بعض السياسيين يميلون للقول إن غياب بعض المشايخ الذين برزوا أثناء الاشتباكات المحمومة في السنوات السابقة، شجع بعض الطامحين على تبني خطاب متشدد، مثل الشيخ خالد حبلص، الآتي من المنية، وليس له أي أتباع في المدينة، وحاول أن يهدد بمظاهرة مسلحة، تخرج من جامع التقوى، لكنه في النهاية اكتفى بتوزيع شريط «يوتيوب»، يظهر بعض الغاضبين والداعين إلى قيام «الدولة الإسلامية» في المسجد، ثم انفض الجمع.

في المقابل، أكد مصدر ديني مطلع في طرابلس أن «الأحداث الأمنية المتفرقة التي تشهدها المدينة منذ ما يقارب الشهر، لا تنذر بالضرورة بانفجار كبير، كما يتخوف السكان، لكنها قد تنتهي إلى اشتباكات محدودة بين مجموعات مسلحة، لا يزال عدد أفرادها صغيرا جدا». وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه إن «عدد الطرابلسيين الذين ذهبوا للقتال في سوريا لا يزيد على 200 شخص، لم يقتل منهم سوى القليل، بعضهم عاد، والبعض الآخر لا يزال يحارب هناك، وبعض هؤلاء فقط هم ممن يعتبرون من المقاتلين الذين قد يخوضون معارك، في حال رجعوا إلى المدينة. وباستثناء ذلك، فإن المسلحين الموجودين في طرابلس، وفي بعض الأزقة ليسوا ممن يجيدون القتال المحترف، وبالتالي فإن المخاطر محدودة، وعناصر الانفجار الواسع غير متوفرة حاليا».

وقلل المصدر من شأن ما يطلق عليها «الخلايا المتطرفة النائمة»، قائلا إن «غالبية هذه المجموعات مرصودة من قبل الأجهزة الأمنية، ولا أتصور أن البيئة في طرابلس في عمومها يمكن أن تحتضن فكرا شبيها بالذي يحمله (داعش) أو (جبهة النصرة)».