حذّر الرئيس سعد الحريري من ان «لبنان الذي هو نموذج للتسامح والعيش المشترك للمنطقة كلها مهدد اليوم بالاهتراء المؤسساتي، نتيجة الشغور في الرئاسة الاولى»، واكد ان «الوضع في لبنان يتدهور، نتيجة تدخل «حزب الله» في الحرب في سوريا»، واشار إلى ان «المساعدة الدولية ضرورية لامتصاص تأثير تدفق النازحين السوريين ودعم الجيش اللبناني في معركته ضد المجموعات المتطرفة»،
وتوقف الرئيس الحريري في حوار مع الـ»الفيغارو» عند «وضع الملك السعودي الملك عبد الله في تصرف الجيش والقوى الأمنية في لبنان مبلغ مليار دولار لتلبية الاحتياجات العاجلة في مجال مكافحة الإرهاب»، فشدد على ان «الملك عبد الله هو على رأس النضال الثقافي والسياسي ضد التطرف الذي يدّعي الانتماء الى الإسلام، ولولا دعم الملك ومشاركته، لما كان هناك تحالف دولي ضد الدولة الاسلامية»، لافتاً الى ان «نواة واساس الدولة الاسلامية مكوّن من السجناء السابقين لتنظيم القاعدة الذين اطلق سراحهم عن قصد من سجون نوري المالكي في العراق وبشار الأسد في سوريا».
وجدد تأكيده ان «ما يُسمى بـ»الدولة الإسلامية» ليس لا دولة ولا اسلامية بل هو مجموعة إرهابية ترتكب افعالاً همجية ودنيئة باسم ديننا، والغالبية الساحقة من المسلمين معتدلون»، واشار الى ان «المعتدلين في العالم العربي متحدون وعازمون على مكافحة التطرف، ولكن عليهم ان يواجهوا في الوقت نفسه تدخل إيران في بلدانهم».
ماذا بعد «داعش»
وقيل له: ما رأيك بظهور «الدولة إسلامية في العراق وبلاد الشام» (داعش)؟
– ما يسمى بـ «الدولة الإسلامية» ليس لا دولة ولا اسلامية. بل هو مجموعة إرهابية ترتكب افعالا همجية ودنيئة باسم ديننا. والغالبية الساحقة من المسلمين معتدلون، لكن على ممثليهم السياسيين ان يعطوا صدقية اكبر. على سبيل المثال، عندما كانت غالبية المعارضة السورية معتدلة وديموقراطية، لم تحصل على دعم المجتمع الدولي، إلا كلامياً. المعتدلون في العالم العربي متحدون وعازمون على مكافحة التطرف، ولكن عليهم ان يواجهوا في الوقت نفسه تدخل إيران في بلدانهم. في غرب العراق، قاتلت القبائل السنية تنظيم القاعدة بين عام 2007 وعام 2010، كما انها اخرجته من هناك. لكن التدخل الإيراني، من خلال حكومة المالكي حرمهم حقوقهم. وهذا الشعور بالإحباط تستغله الدولة الإسلامية. اليوم في سوريا، الشعب محكوم بخيار مستحيل بين الدولة الاسلامية وبشار الأسد».
*ما هو الحل للمشرق؟
– ضربات التحالف العسكرية ضرورية لكنها غير كافية. للأمد البعيد، يجب بأي ثمن دعم وتعزيز المعتدلين، اي الذين يرفضون التعصب الديني ويدعون إلى الفصل بين السياسة والدين في شؤون الدولة ويحترمون المبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان. بلدي لبنان نموذج للتسامح والعيش المشترك للمنطقة كلها. غير ان هذا النموذج مهدد اليوم بالاهتراء المؤسساتي، نتيجة الشغور في الرئاسة الاولى. نحن البلد الوحيد من المغرب إلى الهند، حيث يجب ان يكون رئيس الجمهورية مسيحيا، بموجب الدستور، ونحن نحاول منذ ايار انتخاب رئيس للجمهورية ونعمل بكل ما اوتينا من قوة لإنهاء هذا الشغور».
تدهور الوضع اللبناني
*الا نشهد تدهوراً مستمراً للوضع الأمني في لبنان؟
– نعم، الوضع يتدهور. بداية، حصل تدخّل «حزب الله» في الحرب في سوريا منذ عام 2012. هذا التدخل من حزب-ميليشيا لبناني على ارض اجنبية حصل من دون استشارة اللبنانيين ولا الدولة اللبنانية. يزعمون انهم ذهبوا الى هناك لمنع المجموعات الإرهابية السورية من القدوم إلى لبنان. بيد ان هذه المجموعات نفسها تتذرع بتدخل «حزب الله» في سوريا لجلب المعركة الى لبنان بالإضافة إلى ذلك، نواجه تدفق 1.3 مليون لاجئ سوري. كما لو كان على فرنسا استضافة 20 مليون لاجئ في غضون ثلاث سنوات. ما من بلد يمكن ان يواجه نسبا كهذه لهذا السبب، المساعدة الدولية ضرورية لامتصاص تأثير هذا التدفق ودعم الجيش اللبناني في معركته ضد المجموعات المتطرفة. الى ذلك، وضع الملك السعودي الملك عبد الله في تصرف الجيش والقوى الأمنية في لبنان مبلغ مليار دولار لتلبية الاحتياجات العاجلة في مجال مكافحة الإرهاب. ويشرفني ان اكون موكلاً توزيع هذه الهبة».
*هذه المساعدة تضاف إلى التزام السعودية تمويل شراء اسلحة فرنسية للجيش اللبناني بقيمة ثلاثة مليارات دولار؟
-طبعا، لكن هذا اتفاق بين فرنسا والسعودية، وانا لست طرفا فيه. واعتقد ان هذا الاتفاق سار وان الأمور ستتحقق قريبا».
دور السعودية
*انت، كما كان والدك، مقرّباً جداً من المملكة السعودية. ولكن اليس تصدير الوهابية من قبل المملكة السعودية على مدى ثلاثين عاما هو اساس التطرف الإسلامي؟
-هذا القول مُخالف للواقع. انظر الى دعم الرياض لمصر اللواء سيسي او للجيش اللبناني في معركته ضد المجموعات الإرهابية. فالملك عبد الله هو على رأس النضال الثقافي والسياسي ضد التطرف الذي يدّعي الانتماء الى الإسلام، ولولا دعم الملك ومشاركته، لما كان هناك تحالف دولي ضد الدولة الاسلامية. يجب النظر الى مكان آخر. فنواة واساس الدولة الاسلامية مكوّن من السجناء السابقين لتنظيم «القاعدة» الذين اطلق سراحهم عن قصد من سجون نوري المالكي في العراق وبشار الأسد في سوريا. كلاهما اعتقد ان خلق فزّاعة إرهابية يجعله اساسياً في نظر الدول الكبرى. لكنهما خلقا وحشاً خرج عن السيطرة».