كتب عبد الامير بيضون:
ابتداءً من يوم غد الثلاثاء، يصبح التمديد لمجلس النواب نافذاً، وينشر في «الجريدة الرسمية»، لتطوى صفحة، أثارت جدالاً واسعاً بين العديد من الافرقاء السياسيين، وتبدأ مرحلة جديدة تتوزع عناوينها حسب أولويات كل فريق، بين انتخاب رئيس للجمهورية جديد، والعمل على اعداد قانون جديد للانتخابات النيابية، من غير القفز فوق موجبات المرحلة الآتية، وفي طليعتها الحفاظ على تماسك الحكومة والعمل على تطوير ظروف انجاز الحوار بين الافرقاء اللبنانيين، خصوصاً بين «المستقبل» و«حزب الله»، ومتابعة ترجمة توقيع العقد السعودي – الفرنسي بشأن تسليح الجيش اللبناني، حيث بدأت قيادة الجيش التحضيرات لتحديد انواع وكميات الاسلحة المنوي تأمينها من فرنسا في ضوء التوقيع السعودي الفرنسي على هبة الثلاثة مليارات، حيث من المتوقع ان تبدأ طلائع هذه الأسلحة بالوصول الى لبنان مطلع العام المقبل…
سليمان في طرابلس:أثبتت بداية التغيير
وإذ غابت الأحداث اللافتة عن المشهد السياسي اللبناني خلال الأيام الأخيرة بعد اقرار التمديد، فقد خرق مشهد الماراثون الرياضي اللافت بآلافه الجامعة كما زيارة الرئيس ميشال سليمان الى طرابلس يوم أمس، شيئاً من الجمود، وأحدثت نقلة نوعية، طالما كانت تنتظرها عاصمة الشمال منذ زمن طويل… حيث استبقت فاعليات المدينة الزيارة باعلان الترحيب بـ«الضيف الكبير» حيث رفعت الاعلام واللافتات المرحبة… بعدما كان زار أول من أمس الرئيس نجيب ميقاتي في دارته بحضور الوزيرين نقولا نحاس وناظم الخوري.استهل الرئيس سليمان الزيارة يرافقه نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع سمير مقبل ووزير العدل اشرف ريفي ونواب… بلقاء مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار في منزله بحضور حشد من الفاعليات السياسية والروحية والاجتماعية…وقد رحب المفتي الشعار بـ«رجل المواقف، رجل الصمود، رجل الثوابت»، فقد اعتبر الرئيس سليمان «ان المدينة هي عاصمة لبنان الأولى وقد أثبتت تعلقها بالدولة واعداً بأننا سنسهم بتعويض طرابلس وأهلها مافات عليها من عناية واهتمام خلال 30 عاماً…» معرباً عن أمله في ان يأتي عيد الاستقلال ونكون انتخبنا رئيساً للجمهورية…» لافتاً «ان طرابلس كانت متهمة بتيارات متشددة، ولكنها أثبتت أنها بداية التغيير…».
وجال سليمان في الاسواق الداخلية للمدينة، ثم زار مسجد السلام حيث كانت لامام المسجد الشيخ بلال بارودي كلمة رحبت بالرئيس سليمان، وكلمة للرئيس سليمان، وأخرى للوزير ريفي الذي أكد على ان «لبنان الاعتدال هو خيارنا، ولا نرى خلاصاً إلا بخارطة الطريق التي وضعها الرئيس سليمان، اعلان بعبدا، لتحييد لبنان عن الصراعات…».
التمديد ماضٍ ولا طعون
إلى هذا فإن تداعيات التمديد للمجلس النيابي – الذي يصبح نافذاً بدءاً من يوم غد الثلاثاء، موعد نشره في «الجريدة الرسمية» – تفرض نفسها، بشكل او بآخر على المشهد السياسي اللبناني… من دون احداث «خلطة سياسية جديدة»…
وإذ اعتبر وزير العمل سجعان قزي (الكتائب) ان «التمديد للمجلس جزء لا يتجزأ من عملية تعطيل النظام اللبناني والقرار الوطني الحر». اكد عضو كتلة «الكتائب» النائب ايلي ماروني على «ان رفضنا التمديد لا ينتج توافقاً او اصطفافات جديدة…» وأشار الى ان «نواب الكتائب لن يقدموا طعنا بالتمديد بل سنكتفي بمسألة الرفض… واليوم فتحنا صفحة جديدة للضغط بانتخاب رئيس».
القوات: ليقل البطريرك ما يريد
وبالتوازي مع تأكيد «القوات» ان «خيار التمديد أهون الشرور» فقد حضرت بعض المواقف عما قاله البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في الأيام الاخيرة… وفي هذا اشار عضو كتلة «القوات» النائب انطوان زهرا، الى ان «البطريرك الراعي قرر ان يتكلم مع الدول التي تديرنا، فلا علاقة لنا بما يقوله، ويمكنه ان يقول ما يريده ولسنا نحن من يُسأل أين الرئيس الماروني، فنحن حضرنا الجلسات كلها ولم نقاطعها، مع التأكيد بأنه يمكننا ان نسحب مرشحنا ولكن شرط ان يسحب ترشيح المرشح الآخر…».
«الوفاء»: يدنا ممدودة للحوار
من جهته أكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب نواف الموسوي ان «العلاقة بيننا وبين «التيار الحر» او العلاقة بين «أمل» و«التيار» هي علاقة بين حزبين ومازلنا في فريقنا السياسي على متانة حلفنا السياسي…» مؤكداً ان «يدنا ممدودة للحوار الوطني…».
باسيل في البقاع:لتثبيت المسيحيين
إلى ذلك، فقد واصل وزير الخارجية جبران باسيل زياراته الى المناطق، حيث كانت جولته أمس في البقاع الغربي، في زيارة وضع لها عنواناً هو «تثبيت المسيحيين في أرضهم…». وتنقل من عين زبدة الى خربة قنافار ومن مشغرة الى عيتنيت فالمنصورة، حيث أكد باسيل في كلماته «الاعتزاز بأننا لسنا من هذه الطبقة السياسية التي جددت للمجلس النيابي…» لافتاً الى ان «الزيارة الى البقاع الغربي هي لتثبيت المسيحيين في أرضهم في الاطراف، لأن مسيحيي الاطراف هم الأساس، واذا لم يعد هناك مسيحيون في الاطراف فلن يوجد مسيحيون في لبنان…».
بدوره أشار عضو كتلة «التغيير والاصلاح» النائب ابراهيم كنعان الى ان «التيار الحر كان ليقبل بالتمديد لو كان لمدة معينة على أساس خريطة طريق واضحة»، وذكر ان «من يتهمون التيار بتعطيل الانتخابات الرئاسية بأنهم من انقلبوا على قانون اللقاء الارثوذكسي…».
«المستقبل»: يد ممدودة للحوار
من جانبه رأى وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية نبيل دو فريج، ان «بعض الكتل التي أعلنت رفضها للتمديد في السر ترغب به وتدعمه…» موضحاً ان «التواصل بين «تيار المستقبل» و«حزب الله» غير كاف» مشدداً على «ضرورة اجراء حوار شامل وصريح بين الافرقاء كافة…».
وفي السياق ذاته، رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب غازي يوسف، ان «تيار المستقبل، وفي مناسبات عدة مد اليد الى الفريق الآخر… فنحن دعاة للحوار والتعاون مع الآخرين لكي نصل الى بر الامان في البلد…» داعياً الى «وجوب التعاون جميعاً لانقاذ لبنان عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومن ثم انجاز قانون انتخابي جديد…» متهماً «التيار العوني باستغلال التمديد للمجلس النيابي للعبة سياسية من أجل تبييض ما تبقى من قدراته السياسية على الارض…» لافتاً الى اننا «فخورون جداً بأننا استطعنا (عبر التمديد) ان نعطي مهلة للمجلس والبلد ليخرج من الفراغ الذي كنا نرى اننا متجهون اليه…».
الراعي يستنفر المجتمع المدني
وبعد عودته الى لبنان من زيارته الراعوية الى اوستراليا، ترأس البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، والقى عظة روحية غابت عنها المواقف السياسية المباشرة والحادة وخلص فيها الى ابداء اسفه «ألاّ تكون الجماعة السياسية والسلطة العامة في لبنان قد بنت شعباً موحداً بولائه للبنان ولمؤسساته الدستورية، بل شرذمته وقسمته وجعلت ولاءه لأشخاص لا للوطن…». داعياً «المجتمع المدني الى العمل على تكوين هذا الشعب بالتعاون مع المدارس والجامعات…» إذ «لا يمكن ان يستمر لبنان في هذه الحالة من التشرذم بسبب لعبة النافذين السياسيين، والكل على حساب الدولة والمؤسسات والشعب…».
«مؤتمر العائلة»: الاستحقاقات الدستورية أولوية
على صعيد آخر، فقد اختتم مؤتمر «العائلة وتحديات العصر في الشرق الأوسط» الذي عقد في «المركز البطريركي العالمي لحوار الحضارات» في الربوة أعماله أول من أمس، في حضور البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي الذي وصل الى بيروت آتيا من اوستراليا وشخصيات سياسية ودينية واجتماعية… وصدرت عن المؤتمر «وثيقة» وقع عليها الأمين العام لمجمع أساقفة العالم في الفاتيكان لورانزو بالديساري ورؤساء الطوائف المسيحية والاسلامية…».
وأكد المؤتمرون ان «الفراغات الدستورية المتنامية التي يعيشها وطننا تستدعي مواقف واعلانات مبدئية حازمة لجهة التنبه الى خطورة سقوط الدولة في ظل الانهيارات الجارفة التي أطاحت النظام الاقليمي، وفتحت المجال أمام تمدد مساحات الفوضى…».
كما أكدت الوثيقة ان «للاستحقاقات الدستورية أولوية حيوية في مجال حماية السلم الأهلي، وتأكيد الاعتبارات الميثاقية، والحرص على تماسك بنية الدولة، والمساهمة في اعادة صوغ النظام الاقليمي على أسس أكثر ثباتاً…».
وأشارت الى ان «للمؤسسات الدينية المتعددة الاسلامية والمسيحية دوراً أساسياً في ايجاد المناخات التواصلية والحؤول دون مصادرة الخطاب الديني من جماعات تسعى الى تحويله اداة نزاعية وتشريعية…».