Site icon IMLebanon

إنتخبوا عون… وخلِّصونا

ألفُ طاولةٍ وطاولة من طاولات الحوار مع كل مواصفاتها الساخرة لرئيس الجمهورية المقبل، وألف جلسة نيابية وقمة دولية ومؤتمر… كلها تذهب عبثاً ما دام المتحاورون صوَراً متحركة وتماثيل من الشمع، وما دام صديقنا الحاج محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة قد حدد مواصفات حصرية صارمة للرئيس، ومن دونها يستمر الشغور الرئاسي ألف عام.

يقول الحاج محمد في خطبة العشرين من أيلول الفائت «… إننا نحتاج الى رئيس للجمهورية قوي في شعبه وبيئته يملك حيثية شعبية وعقلاً سيادياً وروحاً وطنية، ومن أراد أن يأتي لنا برئيس من غير هذا الصنف فسننتظر ألف عام…»

هذه المواصفات في رأي الحاج محمد تنطبق حصرياً على العماد ميشال عون، وإنْ صدَفَ بعد جهد وتنقيب أنْ تمَّ العثور في مجاهل الطائفة المارونية على مرشح تنطبق عليه هذه المواصفات، تواجهك شروط حصرية أخرى تتعلق بطول القامة ولون البشرة وفئة الدم. في ضوء ذلك، ينتصب أمامك مثلّث ذهبي حَتْمي: «رئاسة – عون – حزب الله» ومن يراهن على خيار آخر، عليه أن ينتظر حتى الألف عام.

ولكن… لأنّ في إنتظار بعض العشرات فقط من السنين في مسيرة الألف عام، يصبح عدد إخواننا الشيعة في لبنان 99,99 في المئة، مقابل تفاقم العقم الماروني واستشرائه، فلم يبق أمام الموارنة والحال هذه إلّا استدراك مسافة الزمن، واستلحاق الشغور الرئاسي بالعماد ميشال عون، وإلّا فالصلاة والسلام على الزواج الماروني المعقود بين القصر الجمهوري والموارنة، فإنّ الموت قد يفرِّق بينهما.

وحرصاً على عدم الإكتفاء بالدعم الرئاسي من حزب الله على الأرض، كان لا بدَّ من استدرار دعم حزب الله في السماء، فتقرر إقامة قداس إلهي على طريق القصر الجمهوري عبر التظاهرة العونية في 11 تشرين الأول الجاري، وبهذا، يمكن تطويق العزّة الإلهية من على الجانبين: المسيحي والإسلامي لضمان العون الكلّي من الله.

والحقيقة الحقيقة: وفي معزل عن أي مواصفات وعن أي انتظار حتى الألف عام، فإن الإنتظار يوماً واحداً على ملْء الشغور الرئاسي هو رجْسٌ من عمل الشيطان، حتى ولو أدّى ملء هذا الشغور بواسطة الشيطان نفسه.

أذكر في مناسبة مماثلة لانهيار الدولة سنة 1975 وعندما احتلَّتْ منظمة التحرير الفلسطينية نصف لبنان من المتحف حتى صور، وبسبب إنهيار الولاء الوطني الى مستوى الإحتقار، فقد طالب الشيخ بيار الجميل بأن يتسلم ياسر عرفات الحكم في لبنان لنعرف من هو المسؤول ومن هو الحاكم ومن هو المحكوم.

إذاً خلِّصونا بانتخاب عونٍ أو أي عونٍ آخر، وانقذونا من هذا الفراغ الإنتحاري القاتل، بما هو أجدى من أن تستمر الدولة يوماً واحداً جثة جسدية بلا رأس، تُشَّيعُ كلَّ يوم على محمِلٍ من النفايات.

ولعل مشكلة العماد عون مع «السونامي» الصاخب والطوفان الثائر، في أن رهاناته الدائمة مستمدة من المثل الفارسي القائل:

«إذا صمَّمْتَ أن تكون مع نوح فلا تخف من الطوفان…»