Site icon IMLebanon

هواجس الانتخابات ورهانات اللاانتخابات

الناس في بلبلة، وان كان المسؤولون الكبار يكرّرون التأكيد يوميا على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها يوم ٦ أيار المقبل. وليس أمرا قليل الدلالات ان يكون السؤال الطاغي في الموسم الانتخابي هو: انتخابات أو لا انتخابات، أكثر منه أي انتخابات. فالسوابق ناطقة: الموعد الجديد المحدد متأخر خمس سنوات عن الموعد الدستوري الطبيعي الذي حذفه التمديد للمجلس النيابي ثلاث مرات.  

 

والخلافات الحالية بين الكتل السياسية على أمور في قانون الانتخاب الذي أقرّ بالتفاهم بينها اشارة الى التلاعب السياسي تحت عنوان اللعبة التقنية.

ذلك ان السؤال الذي رافق إقرار القانون هو: هل كان التمديد أحد عشر شهرا للمجلس بعد الرفض الجامع علنا من أجل إعطاء الوقت الضروري لترتيب ما تتطلبه الاصلاحات الانتخابية أم كانت الاصلاحات مجرد وسيلة لتبرير التمديد المتفق عليه في التسوية الرئاسية والحكومية؟ وهو بقي حائرا من دون جواب حاسم. لكن ما حدث في الاجتماعات الوزارية المخصصة لتحقيق الاصلاحات أعطى نوعا من الجواب الواضح: خلافات ثابتة ومواقف متبدّلة من النقيض الى النقيض وبهلوانيات لتمرير الوقت بحيث يصبح من المستحيل تحقيق الاصلاحات وأبرزها البطاقة البيومترية التي تسمح بالتصويت في أماكن السكن عبر اقامة ميغاسنتر. ومن المفارقات ان تستصعب التركيبة السياسية اجراء تعديل تقني على القانون يسمح باستخدام بطاقة الهوية بدل البطاقة البيومترية، في حين وافقت على تعديل الدستور غير مرة في دقائق لتمديد العهود الرئاسية.

ومهما يكن سواء ثبت الموعد أو طار، فاننا في الطريق الى انتخابات ليست من النوع الذي ينطبق عليه قول ألكسيس دو توكفيل قبل قرنين الانتخابات ثورات دستورية، وكل جيل هو شعب جديد. ولا مجال إلاّ في الأحلام لأن تصبح انتخاباتنا حتى ثورات سياسية. فما تدار به اللعبة عبر نظام نسبي ملغوم بصوت تفضيلي تحركه، بطبائع الأمور في لبنان، العصبية المذهبية، هو السباق نحو غلبة سياسية لها طابع طائفي ومذهبي بالرغم من تنوّع التحالفات. وما يراد للغلبة ان تقود اليه هو الهيمنة على السلطة بما يمهّد الطريق لمشروع اقليمي كبير يواجه تحديات ومخاطر اقليمية ودولية ويثير مخاوف وهواجس لدى قسم كبير من اللبنانيين.

وقمة البؤس السياسي ان تصبح الانتخابات مثيرة للهواجس والمخاوف، بدل أن تكون فرصة للتجدد والمحاسبة على الماضي والرهان على بناء المستقبل. ومن علامات الأزمنة ان يراهن الخائفون من الانتخابات على تطورات دراماتيكية أمنية تؤجل أو تعطّل اجراءها، وان يصل اليها الخائفون عليها من دون برنامج سوى استمرار الستاتيكو الحالي ومشاكله السياسية والاقتصادية والمالية.

 

والبلبلة مستمرة. ولا شيء أسوأ من اللاانتخابات.