بات فتح صناديق الإقتراع مسألة ساعات معدودة، وحيث يُستدلّ من هذا الإستحقاق بأنه الأهم والأبرز في تاريخ الدورات الإنتخابية منذ الإستقلال إلى اليوم، باعتباره يأتي على وقع إفلاس البلد وانهياره والإنحدار الذي عصف بكل خصائصه المالية والإقتصادية والصحية والتربوية، ومما ساهم في زيادة أهميته ودلالاته.
أنه يأتي قبيل أشهر قليلة من الإستحقاق الرئاسي، والذي بدأ يشقّ طريقه في سوق التداول السياسي والحزبي، وحتى خارج حدود الوطن، من خلال معلومات وأجواء عن لقاءات تحصل في عواصم القرار بين شخصيات مرشّحة للإنتخابات الرئاسية، بهدف استمزاج رأي هذه الدولة وتلك، في حين أن إحدى الدول الأوروبية المعنية بالشأن اللبناني، استدعت البعض من أجل تسويقه ودعمه ليكون رئيساً للبلاد في حال نجحت في التوصّل مع الدول الأخرى المعنية إلى اتفاق في هذا الشأن.
وبالعودة إلى انتخابات يوم غد الأحد، فهي تتميّز بصراعات داخل اللوائح الواحدة، بعدما بات واضحاً أن حسم الإتجاهات سيكون من خلال شبكة علاقات المرشّحين المباشرة مع الناس، نظراً لما يحصل تحت الطاولة وفوقها، بمعنى أنه صراعات قاسية تدور داخل اللوائح الوحدة، وهناك حالة انعدام ثقة بين بعض المرشحين ورؤساء لوائحهم، وبالتالي، لن يركن هؤلاء لوعود رؤساء لوائحهم أو زعاماتهم ومرجعياتهم السياسية والحزبية، مما سيبقي نتائج الإنتخابات غير واضحة المعالم ومحسومة، حتى من قبل الماكينات الحزبية نظراً للتصدّع الحاصل في اللوائح وعدم الإلتزام الذي سيكون الصفة الرئيسية والأساسية لهذا الإستحقاق.
وينقل من قبل المتابعين لهذا المسار، بأن الإجتماعات التي عقدت في مراكز حزبية وسياسية، كانت صاخبة بمعظمها، ربطاً بالصراع القائم حول الصوت التفضيلي والخلافات التي بلغت ذروتها بين المرشحين على المقعد نفسه، وضمن اللائحة الواحدة، الأمر الذي سيشكّل مفاجآت في النتائج، ويقلب الحسابات رأساً على عقب، وتلك المسألة كانت مدار نقاش من بعض المرشحين ورؤساء كتلهم، بمعنى أنه، وفي حال لم يمنح الصوت التفضيلي بشكل متساوٍ بين المرشحين، كما تم الإتفاق عليه، فالإنسحاب يبقى خياراً، وبنتيجته، سوف تشهد أحزاب وتيارات بارزة، انقسامات عميقة ستؤدي لاحقاً إلى زعزعة صفوفها.
وعلى خط آخر، فإن المتابعين للحراك السياسي الإنتخابي، يؤكدون أن استحقاق الغد بات ممسوكاً أمنياً، ولكن وفق بعض الجهات الفاعلة، والتي لها خبرتها وحيثيتها، فإن البلد يعيش كل ساعة بساعتها، لا بل البعض سيعدّ الدقائق والثواني إلى حين إقفال صناديق الإقتراع، وذلك مردّه إلى حالة القلق والهواجس من حصول أي تطوّر ميداني في الشارع قد يغيّر الأمور وينسف الإستحقاق وكل ما أنجز من إجراءات وخطوات لوجستية وإدارية، باعتبار أن ذلك ليس للتهويل وإثارة القلق والمخاوف، ولكن يبقى لبنان بلداً متحركاً ويعاني من الأزمات والتوتر، وكل الإحتمالات واردة أكان على الصعيد الأمني أو سواه من عوامل من شأنها زعزعة الإستقرار، مع العلم أن نتائج الإنتخابات وكل ما يحيط بها، سيشكل نقطة انطلاق لتغيير المشهد السياسي العام في أكثر من حزب أو فريق أو تيّار.