IMLebanon

هل هذه تغطية إعلامية للانتخابات أو للإعتداءات والمخالفات؟

 

إنها انتخابات «المخالفات». حيث إنه لم تستطع أي قناة لبنانية أن تخفي الانتهاكات الجسيمة، اعتداءً وضرباً وتلاسناً، وخطفاً كما في بدنايل، والتي وقع ضحيتها مناصرو القوات اللبنانية ومرشحوها ومندوبوها في مناطق يفترض أنها خاضعة للسلطة، وطالت مثلاً المرشح عن المقعد الشيعي في دائرة جبيل كسروان الدكتور محمود عواد. وصل «الجلد» بالمندوبين القواتيين الذي ملأ الشاشات لدرجة إصدار بيانات متعددة عن القوات لإعادة المسار الديمقراطي إلى «صوابه» في أكثر من نداء وجهه رئيس الحزب سمير جعجع. وكأن «النظام» اختفى هذا اليوم، وأصبح كله مصوباً نحو هذا الحزب. وبدا أن رئاسة الجمهورية كانت في وادٍ آخر من رسالة الرئيس ليل أمس الأول إلى اقتراعه أمس وكلامه التوجيهي الأمر الذي تذكره القصر الجمهوري عندما ذهب إلى اعتبار أن الرئيس لم يخرق الصمت الإنتخابي.

 

اتّسمت الصورة التي وصّفها فادي شهوان بالجدية خصوصاً عندما تعلق الأمر باقتراع رئيس الجمهورية ميشال عون وعقيلته في حارة حريك تاركاً الشاشة له، وركّزت الكلمة على ضرورة «الانحياز» في هذا اليوم، أي القيام بفعل الاقتراع، ونقلت قناة «الام تي في» عبر موقعها توقيف شربل تحومي، الذي توجه للرئيس بكلمات نابية. هذا «السكوب» نافسه آخر لـ»الجديد» ألا وهو نسيان تمام سلام هويته!

 

التسابق على التقاط «الخطايا» الانتخابية حدث إعلامي بحد ذاته، وقد بدأت به القنوات اللبنانية والعربية منذ ساعات الصباح الأولى. افتتحت حراجل سباق «الفوضى»، مع تبديل الأوراق الانتخابية بين جبيل وكسروان، وسجلت قناة الجديد انقطاع التيار الكهربائي في بعض مراكز الاقتراع في طرابلس لاسيما في منطقة التل، ورصد فريق موقع القوات اللبنانية انقطاع التيار الكهربائي عن 50% من مراكز الاقتراع في بيروت الثانية قرابة الثانية عشرة ظهراً الأمر الذي سبّب زحمة.

 

لم يخلُ الأمر في هذه العملية الانتخابية من بعض اللقطات المضحكة، على بساطة المخالفة التي تؤثر في كل العملية الانتخابية، ألا وهي نسيان رئيس قلم الختم والشمع الأحمر من وزارة الداخلية، ليتفرد موقع القوات بالعنونة الظريفة. هذه المنافسة بين المحطات ووسائل الإعلام أشعلت المواقع الالكترونية، التي انهالت على المواطن بالأخبار العاجلة نقلاً عن القنوات حتى يكاد الهاتف ينفجر أمام ضغط الرسائل. حاولت الـ»أم تي في» تقصي المشاكل التي يفتعلها «حزب الله» تباعاً بحق كل الأحزاب «المستضعفة»، بغض النظر عن قوتها الشعبية، فرصدت حادثة طرد مندوبي لائحة «بناء الدولة» التي تضم النائب أنطوان حبشي من بعض البلدات ومنها ريحا والكنيسة. بالمقابل المؤسسة اللبنانية للإرسال كانت تغطيتها باهتة، فاكتفت أن تسجل آراء من هنا وهناك دون أن تدخل في صلب التغطية.

 

وكأن السنّة افتُتحت صناديق اقتراعهم مع تقييم رئيس الوزراء نجيب ميقاتي لعملية الاقتراع، ولحقه رئيس الحكومة السابق حسّان دياب كما وزير الداخلية بسام مولوي الذي أدلى بصوته في ابي سمراء فتسابقت الكاميرات لتحاوره وتتبعه إلى الغرف الخارجية ليتحوّل «نجم الشاشة والانتخابات النيابية»، فركز آلان درغام (أم تي في) في دردشة على واقع طرابلس ولبنان وبثّ مولوي الأمل طارداً فكرة عدم سير العملية الانتخابية مكرراً «وعدت بأنني سأقوم بالانتخابات، وحصلت» مصوّباً على المقاطعة، مطيِّباً خاطر ضحايا زورق الموت الطرابلسي، مخففاً من حدة كلام بعض الأهالي في الأيام السابقة كي لا تنفجر القنبلة الذرية «الشعبية» الطرابلسية في هذا اليوم. حماس ريما حمدان (قناة الأو تي في) وعنفوانها في طرح الأسئلة، غلبت عليهما النفحة الهجومية على وزير الداخلية لمعرفة أسباب المخالفات، فكان ارتباك خفّت وتيرته مع توسّع الحديث مع الإعلام خصوصاً مع استنجاده بمعلومات قانونية ليظهر صلابة القاضي الحازم التي طغت على شخصية «الأمني» المستجد.

 

دارت جويس عقيقي (ام تي في)، في بيروت، لتستفز المقترعين بسؤال حول العملية الانتخابية، فقفز بعضهم فوق «فخ» الوجوه الجديدة بنهج قديم تارة، وطوراً تفشي مقترعة عن هوية صاحب الحظ الذي صوتت له. عقيقي ركزت على أهمية وضرورة الاقتراع ومسؤولية المقاطعة لتحفيز الناخبين. إذا «محاربة المقاطعة» سياسة محطة «الأم تي في» التي لاحقت بدقة عملية التنظيم وحركة الجيش والقوى الأمنية في زحلة وبعلبك، إضافة إلى التقاط حركة المندوبين.

 

وفي العودة إلى قناة «الجديد»، سطع نجم المراسلة راشيل كرم التي عادت إلى الجديد وإلى التغطية المباشرة فتلاعب معها الوزير جبران باسيل بالكلام متهماً إيّاها «بالتوقيع»، أي دفعه إلى خرق الصمت الانتخابي، فراحت الزميلة تمازح كل المرشحين في البترون حول المسألة فتحوّل باسيل إلى «نكتة» شعبية. وقد فتحت حواراً مع شباب البترون حول التغيير الذي يطمحون إليه.

 

كانت كاميرات كل القنوات بالمرصاد لمندوب حركة «أمل» في بعلبك، الذي راقب عن قرب إحدى الناخبات أثناء الإدلاء بصوتها دون أن يمنعه رئيس القلم، ونسيان المندوبين الثابتين في المتن للتيار الوطني الحر الاستحصال على تصاريحهم. وحمل بعض المواطنين، إلى إحدى القنوات، مشكلة اختفاء أسمائهم عن لوائح الشطب وتدوينها بشكل خاطئ ما أدى إلى حرمانهم من حق الاقتراع.

 

احتلت لطافة ستريدا بعينو (أم تي في) الشاشة، مع كل صعوبات النقل فنقلت شكوى امرأة تنتمي إلى القوات اللبنانية في الكنَيْسة، وتعنيفها وقد التجأت إلى الجيش اللبناني لمساعدتها. وضعت بعينو هذه الشكوى بيد الدولة اللبنانية فسألها الزميل فادي شهوان (أم تي في) عن المشهد، لتصف مخالفات «حزب الله» ومندوبيهم كما مخالفات الإعلام الذي «يستصرح» المرشحين في زحلة. فجأة وعندما كانت ترسل رسالتها، ظهرت مراسلة المؤسسة اللبنانية للإرسال على الشاشة تسأل المرشح ميشال ضاهر وتحاوره، فارتسمت على وجه مراسلة «الام تي في» علامات التعجب. هكذا كرّت سبحة المخالفات بعد ذلك من تصريح المرشح فؤاد السنيورة وأسامة سعد في صيدا، إلى قناة الجديد والمرشح مروان خير الدين الذي عبر عن شعوره «الدفين» نحو المودعين وحقوقهم او الوزير السابق سليمان فرنجية الذي ركز على الطاقات الشبابية. أما من المرشحين الذين يعتبرون أنفسهم من الوجوه الجديدة، فتزعمت النائبة السابقة بولا يعقوبيان لائحة «المخالفات» بظهورها إعلامياً، وبعض من مرشحي شمالنا كذلك الأمر فكسروا مبدأ الصمت الانتخابي الذي حملته جمعية «لادي» كمخالفة انتخابية.

 

وللتفاصيل ألف قصة مع «الجديد»، مدققة في توقيت فتح قلم غابات في قضاء جبيل وصناديقه، ولم حصل التأخير بالأساس، والذي كان سببه تعطل سيارة رئيس القلم. حددت القناة نسب الاقتراع في زغرتا صباحاً والتي بلغت 5% فتفرّدت بالحصول على الأرقام. إلا ان قناة «الأم تي في» بحثت عن الدقة قبل السرعة، باعتبارها حصلت على أرقام من الماكينة الانتخابية لـ»حركة الاستقلال» فاختلف الرقم عن الجديد بـ 0.9%. المضاربة في الأرقام بين المحطتين واضح فخلال نصف ساعة، من الثامنة والنصف إلى التاسعة جالت مراسلة الجديد على البقاع الثانية (البقاع العربي- راشيا) مفندة عدد المقترعين من أصل 844 ناخباً الذي اقترع منهم 767، بنسبة 3.5% شيعي وبنسبة 0.11% سنة، دون ذكر المصدر، لتكون بذلك مسألة غياب مصدر المراسل عقبة. وحسمت قرابة العاشرة والنصف وزارة الداخلية نسبة الاقتراع بـ1.6% وعادت القنوات اللبنانية تدور بين الماكينات الانتخابية لترصد حركة الاقتراع التي صنفها مراسلو «الأو تي في» و»الجديد» بالمتدنية في دردشة مع المرشح أشرف ريفي الذي ذكّر «بالصمت الانتخابي». ومع تقدم ساعات النهار بدأت ترتفع نسب الاقتراع ووصلت إلى31% في بعلبك وفق الجديد، على الرغم من كل الإشكالات و40% في كسروان و27% في الكورة والبترون 28% وفق ماكينة المردة، وذلك قرابة الساعة الثالثة. لم تكتف الجديد بالمرشحين بل أيضا حاورت منسق «لادي» في جزين حليم مراد، ورصدت الجمعية التصاق العازل برئيس القلم.

 

لم تغب وسائل التواصل الاجتماعي عن المشهد الإعلامي فسجل سلمان عنداري من «سكاي نيوز»، مغرداً، عن تدخل مندوبي الأحزاب ووقوفهم خلف العازل مع الناخبين، خصوصاً في مناطق سيطرة حركة «أمل» والذي ترجم تباعاً بأخبار عاجلة حول اعتداء على مندوبي ومناصري «القوات اللبنانية» حضروا داخل خيمة انتخابية في جزين – كفرحونا وإضاءة «الجديد» على بقع الدم المتناثرة. هذا وشنّت الزميلة ديانا مقلّد هجوماً على المرشح المصرفي مروان خير الدين معتبرة أنه «مفروض» من «حزب الله» باعتباره ثاني أكبر موظف. أما الوكالة الوطنية للإعلام، فزوّدت الوسائل الإعلامية بحركة «الأرض» وراحت تتبع حركة سير العملية وتوقفها كما الإشكالات ومنها الذي حصل أمام مستشفى الهراوي الحكومي في زحلة – المعلقة بين مجموعتين حزبيتين. ولم يتوقف فيديو «لبيك نصرالله»، من بيروت من أمام قلم الاقتراع، عن الانتشار. فهل يؤخذ بكل هذا العنف المنقول مباشرة كدليل للطعن؟