IMLebanon

أمام المسؤولين حتى حزيران للتوافق… وبوصعب ينتقل في مبادرته الى المرحلة الثانية

 

 

بدأت بوادر الإتفاق الإيراني- السعودي تظهر على الساحة الإقليمية، وآخرها اتخاذ مجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية قرار عودة سوريا الى مقعدها المعلّق في الجامعة منذ تشرين الثاني 2011، ومواصلة الجهود العربية لحلّ الأزمة السورية، ومعالجة انعكاساتها على دول الجوار والمنطقة والعالم، خصوصاً عبء اللجوء وخطر الإرهاب وخطر تهريب المخدرات.. ويؤمل أن تمتدّ تداعيات هذا الإتفاق الى لبنان، وتطال موضوع الإستحقاق الرئاسي وملف إعادة النازحين السوريين الى بلادهم.. فالحراك الداخلي لكلّ من السفير السعودي وليد البخاري في لبنان، ووزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الذي زار بيروت أخيراً والتقى المسؤولين، يُتوقّع منه أن ينعكس على مواقف الحلفاء في الداخل خلال الأيام المقبلة، بهدف تأمين إمّا الإتفاق المسيحي أقلّه على إسم رئيس الجمهورية المقبل، أو اتفاق كتلة مسيحية كبرى مع الثنائي الشيعي على مرشّحهما أو سواه.

 

وأمام المسؤولين اللبنانيين، على ما أكّدت مصادر سياسية متابعة، نحو شهر ونصف للتوافق فيما بينهم ليس فقط على الإستحقاق الرئاسي، إنّما أيضاً على مسار المرحلة المقبلة، وعلى تكييف أو تغيير النظام الحالي بما يتوافق مع التطوّرات الأخيرة التي طرأت على المنطقة، كما على علاقات الدول بين بعضها البعض. فشهر حزيران لا بدّ وأن يشهد انتخاب رئيس الجمهورية، إذا كان لبنان يودّ ركب موجة التغيير الجذري الذي تشهده العلاقات فيما بين دول المنطقة، وإلّا فسيبقى يُغرّد وحيداً خارج السرب. فبعد حزيران سيكون هناك مرحلة جديدة تبدأ حتى أيلول، ويُفترض أن تشهد تطوّرات على أكثر من صعيد في سوريا والسعودية وسواهما من دول المنطقة.

 

وتقول المصادر بأنّ المرحلة المقبلة يُفترض أن تأتي بالسلام والإستقرار لدول المنطقة، فضلاً عن التطوّر والإزدهار، في الوقت الذي يعيش فيه لبنان أسوأ ازمة إقتصادية ومالية ومعيشية غير مسبوقة في تاريخه. ولهذا عليه التحرّك الجدّي لمواكبة هذه المرحلة، ولعلّ ما يقوم به أخيراً نائب رئيس مجلس النوّاب الياس بو صعب يدخل ضمن التحرّك الداخلي المطلوب حالياً، وقد أنهى المرحلة الأولى من مبادرته، على ما أعلن، وسيحصل التقييم على ضوء نتائجها لينتقل فيما بعد الى المرحلة الثانية منها.

 

وفي المعطيات، أنّ المرحلة الثانية ستقوم بجوجلة الأسماء المرشّحة للرئاسة بهدف حصرها والخروج بإسم توافقي تؤيّده الأكثرية، وتكون له الحظوظ الأوفر في مجلس النوّاب للوصول الى قصر بعبدا. فالتوافق بين «التيّار الوطني الحرّ» ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، على ما أكّدت المصادر نفسها، جرى الحديث على ثلاثة أسماء، لكنها لم تصل الى نهاية سعيدة، لتنحصر المسألة بعد ذلك بإسمين. وتستمرّ المشاورات من أجل إيجاد سبل تطابق وجهات النظر بين بعضها البعض، وتعزيز التسوية الداخلية. أمّا الخطوات اللاحقة المرتقبة، فهي مقبولة من قبل غالبية الأطراف، وتهدف الى تحريك الجمود لا سيما على صعيد الإستحقاق الرئاسي.

 

غير أنّ الدعوة الى الجلسة الـ 12 لانتخاب الرئيس، فلن تتمّ قبل حصول الإتفاق، على ما ترى المصادر، سيما وأنّ أي دعوة مقبلة للإنتخاب سيخرج منها الدخان الأبيض، ولن يكون هناك أي جلسة بمثابة «بروفا» يتمّ خلالها احتساب أصوات مرشَحَين متنافسَين، على ما ذكرت المصادر، لأنّ في ذلك إضاعة للوقت. فكلّ فريق يعلم تماماً عدد أصوات مرشّحه، ولن يكون هناك مفاجآت على هذا الصعيد، لهذا لا يتمّ اللجوء الى الدعوة لجلسة جديدة للإنتخاب.

 

ويبدو من أداء بعض القيادات والقوى السياسية التي تبدّلت بعض الشيء بأنّه سيتمّ التقاط الفرصة التي يوفّرها للبنان، التقارب العربي- العربي، والعربي- الإيراني، فضلاً عن العربي- التركي. فهذا هو الأمر الوحيد الذي بإمكانه إنقاذ لبنان من الشغور الرئاسي والفراغ السياسي الذي يعيشه، والذي يؤدّي بطبيعة الحال الى وضع حدّ للأزمة الإقتصادية والمالية والمعيشية الراهنة. فالتسوية الإقليمية سانحة للبنان، وليس صحيحاً أنّه مغيّب، أو أنّه ليس من ضمن الأولويات، وإلّا لما شهدنا التحرّك السعودي والإيراني في الداخل.

 

وتتوقّع المصادر أن يزداد الحَراك العربي والدولي تجاه الملف الرئاسي بعد القمة العربية التي تُعقد في 19 الجاري في السعودية، والتي ستؤكّد على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة لتبدأ عملية الإصلاح الشاملة. فالتسوية الإقليمية والدولية ستشمل لبنان بهدف إعادة استنهاضه من أزمته، وتحسين وضعه السياسي والإقتصادي، بما يتلاءم مع استثمارات الشركات العالمية في منطقته البحرية في مجال النفط والغاز، بعد بدء التنقيب عن الغاز في البلوك 9 في أيلول المقبل.

 

فالعالم كلّه أمام نقطة تحوّل حاسمة كبرى، على ما أضافت المصادر عينها، وعلى لبنان التموضع ليأخذ مكانه في المنطقة كبلد حرّ يتمتّع بالسيادة والإستقلال، ولا يدع أي وصاية خارجية تحكمه أو تتحكّم به، إنّما يُعيد رسم علاقاته مع جميع دول المنطقة والعالم على أسس جديدة، تقوم على مبدأ الإحترام وعدم التدخّل في الشؤون الداخلية لأي بلد آخر. فقطاع النفط واعِد في لبنان، ما سيجعل دول الخارج تتحرّك لمنع استمرار الإنهيار فيه، وإعادة ثقة المجتمع الدولي به. وهذا لا يحصل بالطبع من دون انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، وتشكيل حكومة إنقاذية قادرة على مواكبة التغيّرات الجذرية في المنطقة.

 

ولفتت المصادر الى أنّ ثمّة قرارا دوليا اتُخذ بعدم ترك لبنان يذهب الى الفوضى الشاملة، أو يستكمل الإنهيار الحاصل، أو يبقى الفراغ في المؤسسات العامّة، إنّما لدعمه ومساعدته ليستعيد نهوضه في أسرع وقت ممكن لمواكبة التسويات الإقليمية والدولية. فالمساعدات الدولية لن يحصل لبنان عليها من دون الإصلاحات، والإصلاحات من الصعب تحقيقها من دون انتخاب رئيس، كونه الإستحقاق المفتاح الذي يُخرج لبنان من المستنقع الذي يسبح فيه.