Site icon IMLebanon

قانون الانتخابات بداية “نفضة” النظام السياسيّ

 

إنّه زمن المتغيّرات. تتعارك مكونات الإقليم فوق صفيح ساخن من الرمال المتحركة. ولبنان ليس بعيداً منها أو معزولاً عنها. صبيحة يوم الأربعاء الأول من شهر تشرين الثاني المقبل، يفترض أن تتحدد هوية سيد البيت الأبيض الجديد إلّا اذا قرر دونالد ترامب الطعن بالنتائج، كما يلوّح، ما قد يؤدي إلى تأخير ساعة الحسم.

 

على الأثر، قد تدخل المنطقة برمّتها في مدار مفاوضات منتظرة، بين الإدارة الأميركية الجديدة وإيران، على الحامي أو البارد، ربطاً بالتطورات. أكثر من استحقاق داهم يستعجل حركة المشاورات العابرة للجبهات، ولعل أهمها الانتخابات الرئاسية السورية التي ستجرى بين نيسان وأيار 2021، والتي ستستدعي حكماً ترسيم حدود نفوذ قوى الأمر الواقع الدولية المعنية بالساحة السورية… ولبنان ربطاً.

 

ولهذا ثمة من يعتبر أنّ هناك حاجة إلى تحييد الملف اللبناني خلال هذه الأشهر الحاسمة كون الأزمة المالية الاقتصادية الضاغطة لا تحتمل وضع لبنان في ثلاجة انتظار بلورة المشهد الرئاسي السوري وما حوله، وذلك من خلال تأليف حكومة تضع قطار الاصلاحات على سكته ريثما تكتمل مشهدية المنطقة بتقسيماتها الجديدة.

 

اذاً، هي مرحلة انتقالية بكامل مندرجاتها. بهذه الروحية اقتحم الفرنسيون الساحة اللبنانية المنهكة على المستويات كافة: اقتصادياً ومعيشياً ومالياً وسياسياً. حتى النظام السياسي يكاد يلفظ أنفاسه الأخيرة ولكن ما من فريق محلي يجرؤ على مقاربته بجدية، والأهم على نحو علني. ولذلك كانت باريس تستعد لاستضافة ممثلي الكتل النيابية على هامش مؤتمر دعم لبنان، لتدشين طاولة حوار وطني يؤمل منها الغوص في صلب النقاشات التطويرية لاتفاق الطائف.

 

هكذا، يُفهم اقحام قانون الانتخابات وقانون إنشاء مجلس الشيوخ في صلب العمل البرلماني في هذه اللحظات المصيرية الصعبة. في موازاة الورشة الاصلاحية والتي ينتظر من البرلمان مواكبتها، وضعت كتلة “التحرير والتنمية” التي يترأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، مشروع القانون الانتخابي الذي تقدمت به على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، ومشروع إنشاء مجلس الشيوخ على طاولة النقاش النيابي. حتى الآن، تبدي مصادر نيابية مسيحية استغرابها من توقيت طرح قانون الانتخابات وقانون إنشاء مجلس الشيوخ في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة حيث الأولوية هي للملف المالي، كما الأهداف المبتغاة من هذا الطرح راهناً خصوصاً وأنّ المواقف المبدئية للقوى المسيحية أظهرت اعتراضاً على الاقتراح المقدم من جانب “التحرير والتنمية” ما يفقده الطابع الميثاقي، ولو أنّ رئيس “القوات” سمير جعجع برّر عدم استقالة نوابه بالقول: “برسم المزايدين: لولا وجودنا في المجلس النيابي لكانت مرّت بالأمس مؤامرة قانون الانتخاب”… ذلك لأنّ بدء النقاش في اللجان المشتركة لا يعني أبداً أنّ القانون سيقرّ أو أقرّ!

 

الأمر الذي دفع بري الى التدخل سريعاً للرد على جعجع معتبراً أنّ “كل قوانين الانتخابات السابقة يمكن إعتبارها مؤامرة على مستقبل لبنان ما عدا الاقتراح الحالي”. وأضاف: “إقرأ بروحية النصر للبنان وليس على الفريق الآخر”.

 

المهم، أنّ القوى المسيحية، بفرعيْها الموالي والمعارض، تفضّل عدم مقاربة قانون الانتخابات، أقله ليس من الباب الواسع الذي قد يطيح بالقانون الموجود من دون تأمين بديل يحمي الخصوصية المسيحية ويذيبها في قالب الأكثرية المسلمة، خصوصاً وأنّ المطروح في مجلس الشيوخ لا يمنحها أي تعويض على اعتبار أنّ الصلاحيات الواردة في قانون إنشائه لا تتعدى البت في المسائل الأساسية المنصوص عليها في المادة 65 في ما خصّ عمل مجلس الوزراء.

 

أكثر من ذلك، حتى أنّ الفرنسيين لا يترددون في مفاتحة أصدقائهم اللبنانيين في هذا الموضوع. يذهبون مباشرة إلى الجوهر: لا مانع من التعديل والانتقال إلى الدوائر الكبرى التي هي مطلب الثنائي الشيعي!

 

في المقابل، لا تعرف القوى المسيحية كيف تواجه المرحلة المقبلة بكل تحدياتها المصيرية. النظام برمته قد يوضع على المشرحة، وقد يكون قانون الانتخاب من ضمن أي “باكاج ديل” قد يتمّ التوصل إليه. ليس هناك من تصور واضح لدى الأطراف المسيحية وهي متأكدة بأنّ ذهابها متكسرة الأجنحة سيضعف من موقفها، سواء في ما يخصّ تطوير النظام، تعديله، أو قانون الانتخابات. جلّ ما يمكن لهذه القوى الإجابة عليه أو تقديمه هو اللامركزية الإدارية. أما غير ذلك، فلا يزال محاطاً بالغموض أو بالأحرى بالضياع والتخبط، فيما الوقت يمرّ سريعاً وقد يداهمها جميعها.