بارود لـ “نداء الوطن”: اللاقرار بمثابة قرار ويرتب نتائج قانونية
بعيداً من كل التوصيفات والمبارزات الإعلامية والسياسية والتحليلات التي صدرت بعد قرار”اللاقرار” الذي أعلنه رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب، بشأن الطعن الذي تقدم به تكتل “لبنان القوي” في تعديلات قانون الإنتخاب، وتصوير الأمر وكأنه مرحلة مفصلية من تاريخ لبنان، وبمعزل عن السقطات أو السقطة والإنتكاسات أو النكسة والمصداقية أو الحياد الذي تم توصيف المجلس الدستوري به، والأسئلة الكثيرة والكبيرة التي طرحت حول دوره ومهامه السابقة والحالية والمستقبلية، وما يمكن أن يترتب عن ذلك من مواقف وإجراءات ذات طابع قانوني أو دستوري، يبقى الثابت أن قرار “اللاقرار” الذي انتهى إليه المجلس الدستوري هو سابقة تحصل للمرة الأولى وتتطلب، لا بل تستدعي التوقف عندها ومناقشتها من الزاوية القانونية والدستورية، سيما وأن هذا الإجراء قد رتب نتائج قانونية فرضت نفسها وتحتاج إلى متابعة من السلطات المعنية.
وفي هذا السياق، يرى الخبير الدستوري والقانوني الوزير السابق زياد بارود أن “هناك عدداً من الملاحظات التي يمكن أن تسجل على هذه الخطوة “القرار” التي ادت إلى نتائج قانونية واضحة”.
ويقول لـ”نداء الوطن”: “إن القرار أو اللاقرار هو بمثابة قرار لأن المادة 21 من قانون تنظيم عمل المجلس الدستوري تتحدث عن أنه عند إنقضاء مهلة الـ15 يوماً من أول جلسة مذاكرة يعقدها المجلس ولم يصدر القرار، يعتبر النص موضوع المراجعة مقبولاً، وبمعنى آخر وكأن المجلس الدستوري رد الطعن وهو يؤدي إلى سريان مفعول القانون المطعون به”.
أضاف: “أيضاً هناك المادة 37 من النظام الداخلي للمجلس الدستوري تتحدث عن تنظيم محضر بعدم التوصل إلى قرار، ويبلّغ للجهات الرسمية، وهذا ما حصل وقام به المجلس. وبالتالي فإن كل التعديلات التي نص عليها القانون أصبحت نافذة، أي أن المنتشرين سيصوتون في الدوائر الـ15 وكذلك فإن المهل التي نص عليها القانون اصبحت سارية المفعول وخصوصاً بالنسبة لتجميد القوائم الإنتخابية، وهذا يعني أنه يمكن تنظيم الإنتخابات إعتباراً من 27 آذار 2022”.
ويلفت بارود إلى أن “مرسوم دعوة الهيئات الناخبة يجب أن يصدرعلى الأقل بـ 90 يوماً قبل الإنتخابات وهذا يعني أنه يجب أن يصدر بتاريخ 27 كانون الأول الحالي، في حال كان هناك توجه لإجرائها في آذار، فهل يمكن أن يتم ذلك”؟ ويؤكد أن “الكلام عن أن هناك إمكانية لإعادة النظر بقرارالمجلس الدستوري في غير محله وهناك نتائج قانونية واضحة ترتبت على عدم إصدار القرار أو “اللاقرار”.
هذه القراءة القانونية والدستورية، لن تمنع البعض من الحديث عن فتح باب الإجتهاد والسجال الدستوري والقانوني حول النقاط التي كانت في متن الطعن، وخصوصاً ما يتعلق بإحتساب النصاب وصلاحية مجلس النواب في تفسير الدستور وكذلك تحديد موعد إجراء الإنتخابات.
فهناك من تحدث أيضاً عن فوضى تشريعية ودستورية وخسائر طاولت مختلف القوى والأطراف السياسية، وهناك من تحدث عن إنتصار حق المنتشرين الدستوري والقانوني، ومن ربط القرار بما كان يُحاك أو يجري الحديث عنه حول “الصفقة” التسوية التي يبدو أنها لن تعود إلى الحياة في المدى المنظور.
كل ما تقدم، وحتى كيفية توزع التصويت من قبل أعضاء المجلس الدستوري، لا يمنع من طرح سؤال أساسي ومهم وهو: هل أن قرار “اللاقرار” فتح الطريق أمام إجراء الإنتخابات النيابية؟ ومتى يمكن أن تكون، بعد حديث رئيس الجمهورية عن تمنعه توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قبل شهر أيار المقبل؟ أم أننا بدأنا مرحلة التحضير لنسف الإنتخابات وتطييرها بطرق ووسائل غير دستورية وغير قانونية؟
لننتظر ونرَ.