IMLebanon

قانون إنتخابات… يُحقّق المشارَكة

منذ العام 2005، تاريخ الانسحاب السوري من وطن الارز… يُعاني لبنان من أزمات دستورية وسياسية ووطنية لم يستطع نظام «الطائف» أن يَجد المخارج لها. كانت تتنقل هذه الأزمات من الانتخابات الرئاسية الى النيابية الى تشكيل الحكومات وتسمية رؤسائها… هذه المعارك والأزمات الدستورية كانت تخفي إشكالية تتمحور حول المشاركة في السلطة وخصوصاً مشاركة المسيحيين فيها، وفقاً لما جاء في «اتفاق الطائف».

وهذه الإشكالية كانت تترسّخ على مرّ السنوات وتعطى أسباباً عديدة، تارة كانت الحجة تكمن في تشرذم المسيحيين وعدم اتفاقهم، وطوراً كان غياب المشروع الواضح لديهم يُتّخذ كمبرِّر لكي لا يعودوا الى المشارَكة وفقاً لحقهم الدستوري ولحجمهم التمثيلي ولتاريخهم النضالي في إنشاء هذا الوطن.

ولكي لا نظلم المسيحيين كثيراً ونُحمّلهم أوزار عدم توصلهم الى المشاركة الحقيقية في السلطة، كونهم حاولوا طوال السنوات الماضية أن يسترجعوا دورهم عبر محاولات متعدّدة ومختلفة، لكنّها لم تصل لتاريخه الى الهدف المنشود ولم يُتح لها النجاح. ولعلّ السبب الأول لهذا الفشل يكمن في عدم اتفاقهم على قانون انتخابي يستطيع أن يؤمّن لهم أكبر تمثيل ويُبعد النواب «الودائع» من المجلس النيابي…

وقد يسأل المواطن هل يكفي فرض قانون انتخابي عادل على كلّ الأفرقاء لاستعادة الدور ولتأمين المشاركة؟ الجواب على هذا السؤال واضح. فقد أكدت التجربة الوطنية في لبنان أنّ الدور الذي يلعبه المجلس النيابي يمثل المدماك الأساس والأهم في بناء الحياة السياسية وفي تأمين مشاركة صحّية وصحيحة. فهو ينتخب الرئيس القوي ومنه تنبثق الحكومات وفي داخله تقرّ القوانين وتصادق على الموازانات…

باختصار المجلس النيابي هو حجر الزاوية في «اتفاق الطائف» لتأمين المشاركة المفقودة. من هنا لاستعادة الدور، ينبغي استعادة الحضور داخل أروقة المجلس عبر تكتلات يتمثل فيها جميع الأفرقاء وفقاً لأحجامهم الحقيقية ولتمثيلهم الشعبي.

وفي هذا الإطار، فإنّ الاتفاق بين «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» شكل مفصلاً كبيراً كان من الممكن الولوج منه لاستعادة حقوق المسيحيين، خصوصاً أنّ هذا التوافق طوى صفحة سوداء، وشكل أساساً في المعطى الداخلي اللبناني لكيفية انتخاب رئيس للجمهورية.

ولكن يبقى الأمر الاساس لنجاح هذا التلاقي هو الاتفاق على قانون انتخابي جديد وتسويقه لدى سائر الأفرقاء، كلّ ذلك بهدف إجراء الانتخابات النيابية المقبلة وفقاً لأحكامه. إنّ عدم التوصل الى اتفاق بين الفريقين يدخل الزيارات المتكرّرة بين معراب والرابية في عالم الروتين السياسي، ولن يدخلها في تاريخ صنع القرارات التي تؤسّس لقيام شراكة حقيقية يطالب بها المسيحيون منذ زمن.

من هنا، فإنّ خريطة الطريق أصبحت واضحة لتحقيق المشارَكة، وهذه الخريطة لا تكمن بطرح أفكار بعيدة من الواقع مثل الفيدرالية، ولا التلهي باجتماعات ولقاءات فولكلورية تكاد تُسجّل في كتاب «غينيس» لناحية العدد لا الإنتاجية، وبالتأكيد لا تُستعاد بمواقف إعلامية عنترية، أو بهدم الأحزاب القائمة والتيارات بحجة «تنظيفها»، خصوصاً أنّ التنظيف عند الحاجة اليه يبدأ من رأس الهرم كما «شطف» الدرج الذي يبدأ من فوق…

خريطة الطريق الحقيقية تكمن في توافق مسيحي على قانون انتخابي عادل ومنصف… قانون لا يشعر معه أحد بالغبن أو يبعد أحداً عن المشاركة الحقيقية والفعالة. وأعتقد بأنّ الظرف الداخلي والخارجي اليوم مؤات لطرح كهذا، وكلّ غير ذلك ضرب في المحال ومجهود في غير محلّه.