IMLebanon

قانونا الانتخاب والموازنة:  حصان خشبي هزّاز

ليس قليلا عدد العوامل الداخلية والخارجية التي تحكمت بالمسار في لبنان منذ اتفاق الدوحة. لكن الوضع الرسمي منذ ثماني سنوات هو من نتاج الانتخابات النيابية التي أجريت على أساس قانون الستين، وهو كقانون بوسطات ومحادل، أسوأ نموذج للنظام الأكثري الذي أساسه الدائرة الفردية، حيث صحة التمثيل من دون عدالته لأنه يحرم نصف الناخبين تقريبا من التمثيل حسب مبدأ الرابح يأخذ كل شيء. وليس بين الأشد راديكالية في انتقاد التركيبة السياسية من وصل الى حد القول ان الوضع الحالي أسوأ من الفراغ. أما بين الذين جعلهم أهل الحل والربط نوابا ووزراء واستغلوا الوضع الحالي الى أقصى الحدود، فان بعضهم يمارس خداع النفس والناس بالقول ان قانون الستين أسوأ من الفراغ.

ولا شيء أسوأ من الفراغ، سواء كان مجرد سقوط في هاوية الفوضى والمجهول أو مرحلة في خطة خطيرة يخسر في النهاية حتى المراهنون عليها. وليس بين الذين يرفضون الاعتراف بأننا في مرتبة الدولة الفاشلة، من يستطيع المكابرة حين تأخذنا التركيبة السياسية العاجزة والمدعية في آن الى الخيار بين ثلاثة مخارج سيّئة: قانون الستين، التمديد والفراغ. والأسوأ هو التنظير الدستوري المضحك – المبكي لاستمرار شرعية المجلس النيابي بعد انتهاء الولاية من دون اجراء انتخابات. كل شيء باستثناء الخيار الطبيعي: انتاج قانون انتخاب جديد، وإلاّ بقي قانون الستين نافذا وصار التخلف عن اجراء الانتخابات على أساسه في الربيع تحت طائلة المسؤولية.

لكن المفارقة ان الفشل في لبنان رأسمال سياسي يعطي توظيفه الطائفي والمذهبي أرباحا بدل الخسائر. فالمجلس النيابي الفاشل في انتاج قانون انتخاب كافأ نفسه على الفشل بالتمديد. ومن دفع ثمن الفشل في انتخاب رئيس للجمهورية على مدى عامين ونصف عام ليس المجلس بتقصير عمره الممدد بعد انتخاب الرئيس بل البلد والناس. واذا كان الرئيس سعد الحريري يعترف بأن العجز عن التفاهم على قانون انتخاب يعني ان الحكومة فاشلة، فانه يعرف ان الفشل يشمل كل المؤسسات.

في توصيف الوضع الأميركي الحالي ومدى التخبّط، استعار المعلق فريد زكريا قول ألفرد مونتابرت: لا تخلط بين الحركة والتقدم، فالحصان الخشبي الهزّاز يستمر في الحركة لكنه لا يصنع أي تقدم. وكان العنوان هو ادارة حصان خشبي هزّاز. لكن ما نتمناه، بصرف النظر عن انتظار ما تنتهي اليه حرب سوريا واستراتيجية موسكو وسياسة ترامب في لبنان والمنطقة، هو ألاّ يكون ما نراه في الموازنة وقانون الانتخاب حركة بلا تقدم على طريقة الحصان الخشبي الهزّاز.