قانون الإنتخابات ذو طبيعة توافقية ولا يمكن لأي جهة فرضه على الآخرين فرضاً
بعض القوى تطرح إعلامياً ما يتعارض مع ما تطالب به في الجلسات المغلقة
كل الضغوط والتهديد بالنزول إلى الشارع لن تنفع بإقرار قانون الانتخاب ما لم يكن الجميع موافقين عليه
لا تزال التوقعات بإمكانية التوصّل إلى قانون انتخابات جديد يحظى بتوافق معظم القوى والأطراف السياسيين تصطدم بتعارض الصيغ المطروحة وتباين الافكار المعروضة وعدم القدرة على تقريب وجهات النظر بعضها من بعض وجمعها في اطار قانون واحد.
وفي اعتقاد مصدر نيابي يواكب مسار اللقاءات والاتصالات الجارية بخصوص قانون الانتخابات المرتجى، أن الضجيج الاعلامي والصخب السياسي المعلن من قبل أكثر من طرف سياسي، لا يعكسان بالضرورة ما يجري من نقاشات وجلسات متواصلة بين المعنيين بتخريج صيغة مقبولة لهذا القانون، بل يهدفان إلى رفع سقوف المواقف إلى أعلى حدّ ممكن في محاولة مكشوفة للتأثير على سير جلسات التفاوض والسعي قدر الامكان لتحقيق تنازلات من الخصوم، لافتاً الى ان تأثير ما يحصل لا يتعدى حدود التشويش السياسي وإثارة الرأي العام، بينما يبقى بلا تأثير تقريباً على مجرى النقاشات التي باتت محكومة بسقوف معروفة لكافة الأطراف السياسيين وأي تغيير او تبديل بشأنها لن يكون في الجوهر وبشكل جذري وإنما جزئياً ولا يتعدى مصالح وتوجهات اي طرف كان.
ويشير المصدر إلى انه خلافاً لما يعلن عن موقف مؤيد للنسبية هنا لهذا الطرف وموقف آخر معارض لهذه الصيغة او المشروع المقترح، يلاحظ ان النقاشات داخل الجلسات المغلقة وبعيداً من وسائل الإعلام، تعرض الأطراف نفسها صيغاً وأفكاراً مغايرة لا تعكس بتاتاً طروحاتها المعلنة ولا تحالفاتها وإنما تعبّر بشكل واضح عما تريده وتسعى الى تحقيقه.
فمن يدعي تمسكه النهائي بصيغة النسبية الكاملة في وسائل الإعلام ولا يقبل بأي صيغة أخرى مثلاً، يظهر جنوحاً لصيغة أخرى مختلفة تماماً داخل جلسات النقاش المغلقة هي اقرب إلى ما يطرحه خصومه السياسيون من مشاريع ويتعارض مع طروحات اقرب حلفائه السابقين والحاليين.
ويكشف المصدر النقاب عن أن كل الصيغ المطروحة عرضت على النقاش، كل صيغة على حدة، وتم تحديد النقاط التي يمكن التوافق بشأنها أو الاختلاف بخصوصها من هذا الطرف أو ذاك، وبالرغم من تعدد اللقاءات والاجتماعات بقي كل طرف متمسكاً بموقفه ولم يتم وضع مسودة قانون تقريبية يمكن ان تشكّل خارطة طريق باتجاه الوصول إلى توافق حول القانون العتيد، الا ان عدم التوصّل الى قواسم مشتركة، لن يؤدي الى وقف جلسات النقاش او انهائها، بل هناك رغبة مشتركة من كل الأطراف لمواصلة البحث والنقاش الجدي والمسؤول أملاً في تحقيق تقدم ما بهذا الشأن.
ويصف المصدر النيابي ما طرحه الوزير جبران باسيل بالأمس، بأنه يعبّر عن توجهات وتطلعات «التيار الوطني الحر»، إلا أن تسويقه يصطدم بالصيغ الأخرى المتعارضة معه، والاعلان عنه في هذه اللحظة بالذات لا يعطيه افضلية او تقدماً على الصيغ المطروحة، لأنه في النهاية لا يمكن إقرار اي قانون انتخابي جديد إذا لم يحظَ بتوافق جميع الأطراف الأساسيين والمؤثرين دون استثناء، فاعتراض أي طرف سياسي وازن على أي صيغة مطروحة من الاطراف الأخرى، سيشكل عائقاً امام بلورتها في قانون انتخابات جديد كما هو معروف مهما تم تلميع هذه الصيغة أو رفع السقوف السياسية والتهديد بالويل والثبور والتصعيد السياسي كما سمعنا بهذا الخصوص في الآونة الأخيرة، وحتى التهديد بالنزول إلى الشارع وما شابه، ولكن كل ذلك لا ينفع باقرار قانون انتخابات من دون موافقة الجميع عليه.
وتوقع المصدر النيابي تصاعد وتيرة التجاذبات السياسية ورفع سقوط المواقف بخصوص قانون الانتخابات من بعض الأطراف وتحديداً «التيار الوطني الحر» كما حصل بالأمس مع اقتراب موعد انتهاء مهل دعوة الهيئات الناخبة بعد أيام معدودة، في محاولة للتهويل والضغط على الخصوم السياسيين، تارة تحت التهديد بالفراغ وتارة أخرى بالفوضى السياسية وما شابه على أمل ان يحقق هذا الاسلوب مبتغاهم بالحصول على تنازلات أساسية من خصومهم وفرض قانون الانتخابات الذين يطمحون إليه، في حين أن سلوك هذا المنحى الخطر قد يزيد في تعقيد الامور ويزيد في تثبيت كل طرف بمواقفه خلافاً لما هو متوقع ويُدخل البلاد في مرحلة صعبة وخطرة. وفي حال لم تتبدل المواقف السائدة حالياً ولم يقتنع كل طرف بعدم جدوى محاولة فرض الصيغة التي تلائم طرحه السياسي على الاخرين واستعداده لتقديم تنازلات مقابل تنازلات من الأطراف الاخرين للتوصل إلى صيغة توافقية مقبولة من الاطراف السياسيين الآخرين، سيبقى النقاش الدائر حول قانون الانتخابات المرتجى عقيماً ويدور في حلقة مفرغة.
ويخلص المصدر النيابي إلى القول أن جلسات النقاش الطويلة التي استغرقتها جلسات البحث عن قانون الانتخابات المطلوب اصبحت كافية لمعرفة ما يريده كل طرف والأفكار الممكن اعتمادها، وإذا صفت النوايا فبالامكان التوصل الى الصيغة المقبولة والتوافقية في غضون أيام معدودة وإلا فلا قانون جديد للانتخابات ولا من يحزنون.