Site icon IMLebanon

قانون الإنتخابات.. العبرة في التنفيذ!

بعد طول أخذ ورد، وبعد الاستفاضة بالرقص على هاوية الفراغ الدستوري والمؤسساتي، تصاعد الدخان الأبيض من غرف شد الحبال، المعلن منها والسري، طويت صفحة قانون الانتخاب ، على الرغم من «تحفظ» الأغلبية السياسية ، كلٌّ على طريقته وعلى النقاط التي تنغص نصره السياسي المنشود من خلال هذا القانون. تم التوافق ، وقدم كل فريق بعض التنازلات تسهيلاً لإنتاج قانون قبل انتهاء ولاية مجلس النواب ووقوع الدولة ومؤسساتها بالفراغ ، حيث لا ينفع إصلاح ولا قدرة على تغيير الواقع المرير!

وعلى الرغم من اعلان كل فريق أبوته للقانون المعجزة، الا ان ذلك لا ينفي ثغرات عديدة رصدها المواطن على مضض بما انها جاءت دون الحد الأدنى من تطلعاته نحو قانون عصري وعادل يعطي الشباب والقوى العسكرية أدنى حقوقهم بالاقتراع، أضف الى حق المرأة ، نصف المجتمع، البديهي بكوتا تضمن تمثيلها الصحيح، أسوة بالتمثيل الطائفي الصحيح الذي هدد بنية الدولة ومؤسساتها بصميم وجودها، كي لا يبقى وجود المرأة رهن مزاجية الرجل وورقة اللحظة الاخيرة لتلميع صورته وتطوير شعبيته!

نعم، انتهى قطوع قانون الانتخابات وبات السؤال الْيَوْمَ ماذا بعد؟ أين المواطن من بازار المصالح العليا لكل فريق في خضم التحالفات الجديدة وحفلة خلط الأوراق التي لا تريد ان تنتهي؟  تمثل مرحلة ما بعد إقرار القانون نقطة مفصلية للأداء السياسي، حيث ستبلغ المنافسة الانتخابية اوجها ، لعل اللبناني يكون المستفيد الاول بعد طول فترة حرمان وإمعان رسمي بالإهمال ، فيستعيد بعضا من حقوقه المعيشية على من ولاّهم عليه بما ان التغيير السياسي والتشريعي بما يحاكي تطلعات شعب لا زالت فئة منه تؤمن بالوطن وتراهن بمستقبل اولادها على جدوى الصمود على ارض الأزمات المستمرة، لا يبشر انه موضوع على مفكرة اللاعبين السياسيين في المستقبل المنظور.

وبالتالي، هل يفتح السباق الانتخابي أبواب الفرج لمواطن تحمّل تبعات كباش السياسيين لأعوام طويلة ودفع ثمنه من قوته وصحته وسائر ابسط حقوقه، فيعود الهم المعيشي الى الواجهة من منطلق إيجاد الحلول الجدية والفاعلة بعيدا عن ثقافة الصفقات السائدة والتي حولت كل الملفات الحياتية الملحة الى مادة خلافية تؤدي الى الابتزاز والتعطيل او الى الاتفاق وتقاسم المغانم؟

ان الكثير من التعديلات والتقسيمات التي ادخلت على القانون إنما تخدم طائفة من هنا وفريق من هناك حيث ان الهاجس الطائفي المقيت بقي في التفاصيل، في حين تدهورت مصلحة الوطن والمواطن الى اخر سلّم الاولويات، فهل سينجح الناخب الْيَوْمَ في قلب قواعد اللعبة ووضع الجلاد في قفص الاتهام حتى يثبت براءته من تهمة خيانة مصلحة الوطن العليا؟ أم ان الطبقة السياسية قد أحكمت قبضتها على عنق اللبنانيين و جردتهم من أي سلاح يخولهم تطبيق مبدأ المحاسبة كما تمليه الديمقراطية الحقيقية، فيكون القانون الجديد مجرد فولكلور وممر لأخذ الوطن من نفق الفراغ المؤسساتي الى كهف التفريغ السياسي وتحويل ما تبقى من مفاهيم للوطن والمواطنة الى حفنة من الاوهام التي آمن بها الناخب الى ان ضربت ارض الواقع لتثبت مرة اخرى ان الدولة حيث تفصل القوانين على قياس الطوائف وزعاماتها ليست بدولة، بل مزرعة المحسوبيات والأزلام ..بأفضل احوالها!