يطل عيد الإستقلال هذا العام بإحتفال مركزي له رونق خاص، وشعار معبر هو «بقي الوطن» مثبت على صورة كبيرة لجندي في الجيش اللبناني وإلى جانبه فتى يحمل كل منهما منظاره وينظر إلى المستقبل، لإيصال رسالة مفادها أن رهان كل الاجيال هو الجيش اللبناني، وأن الغياب عن الإحتفال الذي دام سنتين بسبب غياب «رأس الدولة» وما رافقه من محاولات «إرهابية» للنيل من لبنان وجيشه وشعبه، لم يستطع كتم أنفاس البلاد ومؤسساتها الدستورية، وإن كانت أصيبت بإعياء شديد وفقدان للتوازن نتيجة الشغور الرئاسي. هذا العام ومع إنتخاب العماد ميشال عون رئيسا إستعادت قيادة الجيش ومعها كل المؤسسات الرسمية والمدنية، «فرح» إحياء ذكرى الإستقلال كل على طريقته وبأدواته وأسلوبه الخاص، فقيادة الجيش ستترجم زخم إحتفائها بالعيد عبر عرض عسكري مركزي تقيمه لمناسبة عيد الاستقلال الثالث والسبعين في وسط بيروت بعد غياب لسنتين، بحضور أركان الدولة أي رئيس الجمهورية ورئيسي حكومة تصريف الاعمال والمكلف في حال لم تنجح الجهود لولادة الحكومة قبل العيد، وممثلين عن البعثات الدبلوماسية والمجتمع الاهلي، وكانت وحدات الجيش بدأت تدريباتها إستعداداً للذكرى منذ الايام الاولى لإنتخاب الرئيس عون، بمشاركة جميع وحدات الجيش والقوى الأمنية الأخرى، ووجهت الدعوات الى الشخصيات التي ستحضر المناسبة.
إذا لم يمنع ضيق الوقت قيادة الجيش من إقامة عرض عسكري كبير وفي وقت قياسي للتحضيرات (22 يوما)، تأكيدا منها على دعوة اللبنانيين إلى التمسك بإستقلالهم وبترسيخ دولتهم التي يتفيّأ الجميع تحت ظلّها، علما أن العرض العسكري الموسّع يتطلّب تحضيرات لوجستية قبل نحو شهرين تقريبا ،يتمّ خلالها سحب الآليات المطلوبة للعرض خصوصا الثقيلة منها كالدبابات والملالات والقاطرات إضافة الى المدافع والطوافات، لكن التدريبات جرت هذا العام على قدم وساق ليكون المشهد مكتملا يوم الثلاثاء، علما أن آخر»بروفة» عن العرض أجرتها قيادة الجيش صباح أمس(الاحد) على أرض القاعدة البحرية.
فرح إستعادة الإحتفال بالإستقلال لم يقتصر فقط على المؤسسة العسكرية، فالتجوال في أحياء بيروت والمناطق يظهر الاعلام اللبنانية التي رفعتها البلديات إحتفالا بالمناسبة، والشعارات التي تمجد الجيش وتضحياته، وفي الاسواق تكتظ واجهات المحال بالأعلام اللبنانية وبالبزات العسكرية المخصصة لطلاب المرحلة الابتدائية، الذين غالبا ما يرتدونها فرحين خلال الاحتفالات المدرسية التي تقام بالمناسبة، أما الكبار فحين يُسألون عن سبب فرحهم بعودة الاحتفال هذا العام، فيشيرون إلى أن حماستهم لا تعود لشعورهم بالإنتماء الوطني فقط «بل لأن الاحتفال المركزي والرسمي يعني أن المؤسسات الدستورية عادت إلى إنتظامها وحياتها الطبيعية بعد طول ركود أوصلهم إلى حافة اليأس».
في ساحة العرض غالبا ما يرافق الاحتفال لفتات خاصة مثل إستعراض جوي أو عرض فيلم من وحي المناسبة أو مقطوعات موسيقية، ليتوالى بعدها عرض الوحدات الراجلة التي تتألف منها ألوية الجيش ومنظمات المجتمع المدني. مع الاشارة إلى أن الغياب القسري للإحتفال بعيد الاستقلال بسبب الشغور الرئاسي الذي دام سنتين لم يكن الاول في تاريخ الجمهورية، فخلال الحرب الأهلية كانت الاحتفالات تنظم وفقاً للأوضاع الأمنية السائدة، وبعد الطائف بقيت الإحتفالات تُقام سنوياً إلى حين بدء جرائم الاغتيالات، ففي العام 2006 ألغي الاحتفال بالعيد بسبب إغتيال وزير الصناعة النائب الشهيد بيار الجميل، أثناء التحضير للإحتفال بذكرى الإستقلال في ساحة الشهداء، توقف الاحتفال يومها بقرار من قيادة الجيش، وبعدها بأسبوع إعتصمت قوى 8 آذار في ساحة رياض الصلح ووصل إنتشار مخيمها إلى ساحة الدباس الملاصقة لساحة الشهداء، وإستمر الاعتصام قرابة العامين فغاب الاحتفال بالإستقلال للمرة الثانية في العام 2007. لكن الفرق في إلغاء الاحتفال بالاستقلال منذ العام 2014 إلى اليوم هو أن السبب عدم إنتخاب رئيس للجمهورية.