«اذا استمرت الاستحقاقات الداخلية في لبنان مرتبطة بالحرب العدوانية على غزة فهذا يعني، بالضرورة، ان لبنان في كارثة متمادية، قد تتعذر قيامته منها ومسح اثارها، في المستقبل المنظور».
هذا ما قاله لنا ديبلوماسي أوروبي غربي خبير بالشأن اللبناني. واضاف: ان التخوف ان «تتفاعل» التطورات العسكرية الى درجة يتعذر معها ان تبقى «حرب الجنوب» محصورة في اطار قواعد الاشتباك التي باتت هشّة على كل حال، وبالتالي يدخل لبنان في دوّامة من الدمار اللامحدود. وهذا التخوف هو جدّي جداّ. فالحروب يُعرف كيف تُبدأ ويستحيل معرفة كيف تنتهي، وهنا يجب التوقف عند كلام سماحة السيد حسن نصرالله بأن الميدان هو الذي يحدد مسار المواجهة في الجنوب اللبناني. أضف الى ذلك ان للبنانيين تجربةً مرة، بل بالغة المرارة ، في «حرب السنتين» التي بدأت قتالاً بين الطرف المسيحي الأكبر (سنة 1975) أي حزب الكتائب والفلسطينيين لتتحول الى حروب ومواجهات لم يبقَ طرف واحد لم يشارك فيها.
ويمضي الديبلوماسي الأوروبي الغربي فيقول: اذا بقي بنيامين نتانياهو راكباً رأسه، وبقي الأميركي يدعمه ولو على مضض الاختلاف في وجهات النظر، فان الحرب على غزة مرشّحة لأن تستمر أشهراً وليس أسابيع وحسب، فما هي قدرة لبنان واللبنانيين على التحمل؟ لاسيما مع الفراغ الرئاسي الذي من أكثر أضراره الحال التطبيعية معه، فلقد اعتاد لبنان (بلداً وشعباً ومنظومة سياسية وحتى المؤسّسات) على التعايش معها… ولكنه تعايش مؤذٍ بشكل كبير، لأن نتيجته المباشرة هي سقوط ما لم يسقط بعد من مقوّمات الصمود.
وتساءل الديبلوماسي الأوروبي الغربي الذي يعشق لبنان: متى يتوقف دلال الجماعة السياسية اللبنانية عندكم ، وفي طليعتها التكتلات النيابية، فتبادر الى انتخاب رئيس للجمهورية؟ ويخطئ البعض اذا كان يظن ان الدول الفاعلة على الساحة اللبنانية، من الأميركي الى الايراني ومَن بينهما، سيتكرّر «توافقها» على رئيس للجمهورية كما توافقت على التمديد لقائد الجيش، فهذا شأن آخر، وان كان للعماد جوزاف عون مؤيدوه الكثر في الخارج كما في الداخل.
ويختم هذا الديبلوماسي الأوروبي الغربي بنصيحة الى اللبنانيين: بادروا الى انتخاب الرئيس قبل ان تحين ساعةّ لا ينفع فيها الندم، خصوصاً ان المطلوب الفصل بين ما يُدار في الجنوب من حرب «مدروسة حتى اشعار آخر» وما تتعرض له غزة من حرب قتل ودمار مجنونة ووحشية، مع اقتناعي بتعذر هذا الفصل وفق المعطيات الراهنة. فعلى الأقلّ بوجود رئيسٍ للجمهورية ربما تكون الأضرار أقلّ.