رغبة لبنانية بأن تعمل فرنسا على الإعداد لمؤتمر دولي خاص بلبنان ينبثق عنه طائف جديد
إن أي مراقب لمسار الحركة السياسية في لبنان وما يشوبها من خطاب متشنج وتوتيري تتجمع فيه كل المفردات التحريضية والمذهبية ونبش للقبور، يدرك بأن المرحلة التي ستلي الساعات الأولى من انتهاء الانتخابات النيابية ستكون صعبة وخطيرة كون ان الخارطة السياسية التي ستنبثق عن هذه الانتخابات ستؤدي الى المزيد من الشرخ السياسي وعلى مستوى الشارع، وملامح المقدمات لذلك ظهر بوضوح تام في الحملات الانتخابية والمواقف السياسية التي كانت وحدها كفيلة في رسم معالم المرحلة المقبلة وما يمكن ان تحمله من زيادة في منسوب الشرخ الموجود اصلا على الساحة السياسية.
الأحد المقبل ستضع المعركة الانتخابية اوزارها ، وسيولد من داخل صناديق الاقتراع نوعٌ من الموزاييك السياسي من الوان متباعدة من شأنها ان تزيد الطين السياسي بلة وتذهب بالبلاد والعباد الى مزيد من الانقسام، فرحلة البحث عن اسم الرئيس المقبل للجمهورية ستبدأ بالتوازي مع الخوف من الوقوع مجددا في الفراغ الرئاسي، حيث بدأ الحديث في الصالونات السياسية في لبنان عن هذه المخاوف وما يمكن ان ينجم عن ذلك من مخاطر في حال حدوثه ، والبارز في ما يتم تداوله هو الحديث عن طائف جديد أو عقد إجتماعي كما ألمح اليه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في زيارته الثانية الى بيروت بعد انفجار المرفأ ، حيث ان بعض المعلومات تتحدث عن تماهي جهات دولية مع هذا الطرح الفرنسي ، وتلاقيها جهات سياسية وحزبية لبنانية ترى ان الوضع السياسي اللبناني في حالته الراهنة لا يمكنه ان ينقل لبنان من حالة الانهيار التي تحيط به من كل الجوانب، كما ان هناك شبه قناعة بأن مجلس النواب المقبل لن يحمل في توازناته الجديدة المعطيات الجدية لإحداث التغيير المطلوب انطلاقاً من داخل المؤسسات اللبنانية، ويقابل ذلك قناعة بأن الأفق الداخلي لحل الأزمة يواجه انسدادا لا يمكن خرقه الا من خلال تحركات دولية في اتجاه لبنان بغية اعادة اصلاح مؤسسات الدولة اللبنانية ويأتي في مقدمة هذه التحركات ما يمكن ان تقوم به باريس حيث تكشف بعض المعلومات ان قصر الاليزيه وضع في حساباته التحرك سريعا إما بالمباشر او عن طريق موفدين للحؤول دون وقوع لبنان مجددا في أي فراغ من شأنه ان يزيد من منسوب الانهيار الحاصل.
ووفق المعلومات فان جهات لبنانية ترغب بأن تقوم فرنسا بالتنسيق مع بعض الدول العربية والاجنبية على الاعداد لعقد بمؤتمر دولي مخصّص للازمة اللبنانية، يحاول ادخال تعديلات دستورية لتصحيح ما يعتبر خللاً في ممارسة السلطة، وليس أبدً على مستوى اعادة البحث في جوهر النظام اللبناني وتوازناته، مع الاشارة هنا الى ان ماكرون يواجه صعوبة في تأليف حكومة قوية، ويستعد لانتخابات حزيران البرلمانية ومنشغل بالحرب الاوكرانية، وهذا يعني ان أي تحرك فرنسي تجاه لبنان لن يكون ممكنا قبل ثلاثة او اربعة اشهر.
مخاوف من انفجار اجتماعي
تطال شظاياه مختلف الاستحقاقات
والى حين انقشاع الرؤية حول ما يمكن ان تقوم به فرنسا والمجتمع الدولي والاشقاء العرب حيال لبنان فان مصادر سياسية عليمة تعرب عن خشيتها مما قد ينجم في حال حصل التأخر في انتخاب رئيس جديد للجمهورية لأن الوضع الخطير لا يحتمل ابدا اي تأخير من هذا النوع ولو لأسبوع واحد، خصوصا وان محطات كثيرة من هذا النوع شهدها لبنان ما بعد الطائف وتركت أثاراً سلبية على مجمل الواقع اللبناني ومن بين هذه المحطات التي شهد لبنان فيها شغور طويل في منصب رئيس الجمهورية كانت لأول مرة بين ايلول 1988 وتشرين الثاني 1989، بعدما ترك الرئيس اللبناني آنذاك، أمين الجميّل، منصبه، تاركا البلاد تعيش فراغا رئاسيا وانقساما بين حكومتين واحدة مدنية وأخرى عسكرية، بعدما فشل مجلس النواب في اختيار مرشح بديل للجميّل، في خضم الحرب الأهلية.
وشهد لبنان ايضا بين تشرين الثاني 2007 وايار 2008 فراغا رئاسيا بعدما انتهت ولاية الرئيس إميل لحود، والسبب أيضا هذه المرة هو عدم التوافق على خليفة للرئيس المنتهية ولايته.
أما الشغور الرئاسي الأطول فكان بين ايار 2014 وتشرين الاول 2016، وبلغ 29 شهرا، وبدأ الشغور عندما انتهت ولاية الرئيس ميشال سليمان، ولم ينتهِ إلا بعد انتخاب ميشال عون رئيساً للبلاد.
وفي اعتقاد المصادر ان مسألة الوقوع في الفراغ الرئاسي واردة ، عازية السبب في ذلك الى الشرخ السياسي الموجود حيث ان القوى السياسية التي تختلف على أتفه سبب لا يمكن لها ان تتفاهم وبشكل طبيعي على استحقاق رئاسي، ناهيك عن الانشغالات الدولية بالمشاكل التي يعتبرونها اهم من مسألة انتخاب رئيس في لبنان او غيره من البلدان مع العلم ان فرنسا تحاول تدارك ذلك من خلال القيام بخطوة ما يمكن ان تجنب لبنان الانزلاق الى مزيد من المشاكل.
وتخشى المصادر ان تكون الايام الفاصلة عن موعد الدخول في مدار الانتخابات الرئاسية حبلى بالمشاكل التي قد تكون بدايتها عدم التفاهم على تأليف حكومة بعد الانتخابات النيابية، وأن يكون عمر حكومة تصريف الاعمال طويلا، وان يترافق ذلك مع تدهور غير مسبوق في سعر صرف الليرة وارتفاع كبير في اسعار المواد الغذائية والمحروقات بما يؤدي بالبلد الى انفجار اجتماعي تطال شظاياه مختلف الاستحقاقات ونكون بذلك امام نفق مظلم لا يعلم نهايته الا الله.