مع توقّف المشهد الإنتخابي الرئاسي عند الخلافات المستحكمة بين القوى السياسية المتنوعة، تؤكد أوساط نيابية مسؤولة، أنه على الرغم من الأجواء المعقّدة، فإن مفاجآت غير محسوبة قد تطرأ في أي لحظة، وتؤدي إلى إعادة خلط الأوراق الإنتخابية من جديد باتجاه تسوية رئاسية مهما طال الوقت بانتظارها.
وتكشف المصادر نفسها، أن أكثر من عامل يدفع نحو الإسراع لإنجاز هذه التسوية خلال أسابيع وليس أشهر، بنتيجة الوضع المالي المتدهور، والوضع الإجتماعي الذي ينبئ بانهيار أكبر وزعزعة الإستقرار العام، وهذا ما كان حذّر منه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم منذ أيام، وبالتالي فإن الإنهيارات المرتقبة في شتى المجالات، تدفع، وكما تضيف المصادر النيابية، باتجاه توفير الأجواء المناسبة لأي مبادرة قد يتم العمل عليها في الكواليس السياسية والديبلوماسية، على الرغم من فشل مسار التوافق الذي كان قد حدّده رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والذي سيعود بقوة إلى الواجهة مع مطلع السنة الجديدة.
وتنقل المصادر عن عين التينة، إصرار بري على إطلاق حراك جديد لمقاربة الملف الرئاسي، ويهدف إلى صياغة تفاهم أو تسوية رئاسية تسمح بوضع حدّ لحال الشغور الرئاسي، الذي بات غير مقبول بأي شكل من الأشكال سياسياً وشعبياً، خصوصاً وأن تداعياته على أرض الواقع أصبحت كارثية، ولن تنجح الآلية الجديدة التي تم التوصل إليها في حكومة تصريف الأعمال، في مقاربة أي أزمة بدأت تطلّ برأسها على خلفية رزمة الضرائب والرسوم الجديدة، والتي تستعدّ إتحادات ونقابات المهن الحرة للتحرّك في الشارع ضدّها، والتلويح بتصعيد غير مسبوق تجاه ما يعتبرونه “قطعاً لأرزاقهم”، من قبل من يقف وراء إقرار هذه الضرائب والرسوم.
وبرأي هذه المصادر النيابية، لم يعد أمام اللبنانيين إلا الحوار والتوافق، وفتح صفحة جديدة تعمل خلالها كل المكوّنات السياسية الداخلية، على تخطّي كل الملاحظات والتحفّظات التي تنطلق من حسابات الربح والخسارة لديها، من أجل بلوغ مستوى الإعداد للمرحلة المقبلة. ولا تعزل المصادر ذاتها، الحراك الداخلي عن المشهد الإقليمي الذي يبرز بوضوح الإنشغال من قبل العواصم المعنية بالملف الرئاسي بأزماتها الداخلية، وهذا يؤكد على مسؤولية القيادات والمرجعيات السياسية والحزبية اللبنانية، في وضع خارطة طريق إنقاذية وإصلاحية، تبدأ في مراحلها الأولية من خلال انتخاب رئيس الجمهورية، ثم تأليف حكومة فاعلة تعمل على وضع حدّ للتدهور المخيف للوضع العام، وتؤمّن انتقال الساحة الداخلية من واقع الإنهيار إلى واقع الإنفراج.
وتشدّد المصادر النيابية نفسها، على أهمية عدم ترك الشغور في موقع رئاسة الجمهورية لأنه ينسحب على مؤسّسات أخرى، ولذا، فإن إدارة هذا الشغور مرحلياً من قبل حكومة تصريف الأعمال، لا يغني عن انتخاب الرئيس الجديد للجمهورية، ولن يكون مقبولاً في المرحلة الآتية، علماً أن تحديات جمّة تنتظر كل الأطراف، عندما يتحرّك الشارع من جديد في حال استمرّ التحليق الصاروخي لسعر صرف الدولار الأميركي، مع ما لذلك من تردّدات مأساوية على لبنان واللبنانيين.