الرسالة الأميركيّة: لا نتبنّى اسماً للرئاسة ويهمّنا حكومة شفافة وموثوق بها تنجز الإصلاحات –
يتردد منذ نهاية العام المنصرم ان انتخاب رئيس الجمهورية سيكون في الربع الاول من العام الحالي او مطلع الربيع، غير ان هذه التوقعات لا تستند الى معطيات جدية او ملموسة.
وتعتمد هذه التكهنات على ما قاله الرئيس الفرنسي ماكرون في مؤتمر بغداد الاخير بانه سيسعى مع مطلع هذا العام الى زيادة التحرك بشأن الملف اللبناني، وعلى الضغوط المتصاعدة في الداخل الناجمة عن تفاقم الوضعين الاقتصادي والاجتماعي والتداعيات الخطرة التي لا يستبعد ان تنتقل الى الشارع.
ويقول مصدر نيابي على تماس مباشر مع الاجواء الفرنسية بحكم علاقته ومتابعته للتحرك الفرنسي بشان لبنان ان الكلام حول لقاء ثلاثي فرنسي -اميركي – سعودي مرتقب في منتصف هذا الشهر لبحث الملف اللبناني والاستحقاق الرئاسي والتعويل على هذا اللقاء هو كلام اعلامي لا يستند الى اي مصادر رسمية فرنسية، لكن هناك اجتماعات شبه دورية بين مسؤولين فرنسيين واميركيين للتداول في آخر المستجدات المتعلقة بالوضع اللبناني بما فيه الاستحقاق الرئاسي. كذلك هناك تواصل واجتماعات تاخذ منحى تدريجي بين الفرنسيين والسعوديين للبحث ايضا بالملف اللبناني، وقد حصل منذ اشهر اتفاق بينهما على التعاون في تقديم مساعدات اجتماعية واغاثية للبنان من خلال منظمات وهيئات مدنية واهلية.
ويضيف المصدر ان الرئيس الفرنسي سعى بعد ذلك الى توسيع البحث والتعاون مع المملكة ليشمل الاستحقاق الرئاسي وسبل مساهمتها في المساعدة على انجازه، لكن القيادة السعودية طلبت التريث ولم تتجاوب مباشرة مع رغبته لاسباب عديدة ربما تعود لترتيب اوراقها المتعلقة بهذا الموضوع ومعرفة ما سيؤول اليه الحوار والتفاوض مع طهران والذي يسير بوتيرة بطيئة جدا ويتناول قضايا وملفات اقليمية عديدة ابرزها الحرب اليمنية.
ووفقا للمعلومات المتوافرة يشير المصدر ان نوعا من الاتفاق المبدئي قد حصل في اواخر العام المنصرم على تنظيم وتنشيط التواصل الفرنسي السعودي للبحث في الوضع اللبناني، لكن لم توضع روزنامة محددة ودقيقة لبرنامج هذا التواصل.
وبرأيه ان باريس تحاول ان تنشط البحث المباشر مع الاميركيين والسعوديين لتعزيز فرصة نجاح تحركها من اجل المساعدة على توفير المناخ الافضل لانجاز الاستحقاق الرئاسي.
من هنا يمكن تفسير فكرة اللقاء الثلاثي الذي كثر الحديث عنه، لكن هذا اللقاء ان حصل لن يكون اللقاء الحاسم ولا يتوقع ان يخرج بقرارات حاسمة ومباشرة حول الاستحقاق الرئاسي او حول الرئيس الجديد.
لذلك، يعتبر المصدر، ان كل ما قيل حول هذا اللقاء هو كلام لبناني ربما يندرج في اطار التكهنات او التمنيات.
ما هي المعطيات الحقيقية داخليا وخارجيا حول الاستحقاق الرئاسي ؟
وفقا لقراءة مصدر سياسي مطلع فان ما قاله الرئيس بري مؤخرا حول محاذير استمرار ازمة انتخاب رئيس الجمهورية لاسابيع وليس لاشهر يعكس الواقع الداخلي المنهار والمرشح للتفاقم نتيجة التازم السياسي وانسداد افاق الحل، ويعكس ايضا ما سمعه من مسؤولين دوليين وسفراء لدول مؤثرة ومنهم السفيرة الفرنسية التي عبرت في لقائها الاخير معه عن المخاوف الجدية من استمرار الفراغ الرئاسي الذي يساهم في تفاقم الازمة على كل المستويات ويؤخر تشكيل حكومة جديدة تستكمل الخطوات الاصلاحية لتوفير الدعم للبنان.
ويشير المصدر الى ان الادارة الاميركية وفقا لمصادر دبلوماسية ولمسؤولين مكلفين متابعة الملف اللبناني ابلغت مراجع لبنانية انها تؤيد التحرك الفرنسي وتدعمه وان الدولتين متفقتان على اهمية وضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية في اسرع وقت، وهي لا تسمي احدا ولا تتبنى اسما معينا ولا تضع فيتو على احد اولا لانه لم يبحث هذا الموضوع معها مباشرة وثانيا لانها تعتبر ان هذا الامر يعود للبنانيين انفسهم . لكن الادارة الاميركية تركز بعد انتخاب الرئيس على تشكيل حكومة جديدة تحظى بثقة الشعب اللبناني وبثقة المجتمع الدولي لان على عاتقها مهمة اساسية هي انجاز الاستحقاقات ووضع برنامج عمل شفاف للحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي والدول والهيئات المانحة.
وعلى الصعيد الداخلي، يرى المصدر ان هناك عاملا واضحا يمكن ان يساهم في الدفع في اتجاه انتخاب رئيس للجمهورية في خلال شهرين او شهرين او على الاكثر خلال الربيع المقبل، وهو الخوف الجدي من انفلات الشارع بسبب الانهيار المالي والاجتماعي الذي يتفاقم بسرعة كبيرة . ولقد بدأنا نشهد توترات واحتجاجات نقابية وحوادث امنية متفرقة منها ما هو ناتج من الازمة المعيشيومنها ما هو ناجم عن تفكك مؤسسات وادارات الدولة.
لكنه يعتقد في الوقت نفسه ان الاطراف السياسية لا تاخذ بهذا الوضع على محمل الجد، وهي تتعاطى مع الاستحقاق الرئاسي اليوم وكانه بدأ امس، وكل طرف يتمسك ويراهن على تغليب خياره على الاخرين لذلك فشلت دعوة الرئيس بري للحوار.
وبرأي المصدر انه لم تصدر حتى الان اشارات جدية من اي طرف على تحريك ايجابي قريب للملف الرئاسي، وانه لن نشهد مثل هذا الامر ما لم يحصل تطور خارجي يساهم في الضغط باتجاه حسم هذا الاستحقاق.
ويستبعد المصدر ان تحصل قريبا تسويات على غرار ما حصل في انتخاب الرئيس ميشال عون، لكنه يعتقد ان قنوات التواصل ستستمر بين الاطراف وربما تنشط وتتوسع اكثر.