IMLebanon

الخلاف واجهته الرئاسة وأهدافه قوننة سلاح حزب الله للهيمنة على الدولة

 

انتخاب الرئيس ليس بحاجة لحوار إذا كان الهدف المصلحة الوطنية العليا

 

 

يبدو واضحا ان حزب الله اتخذ من الدعوة للحوار، لانهاء الفراغ الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية واجهة براقة مزيفة، تخفي في باطنها ما يضمره لتحقيق الاهداف الحقيقية التي يسعى اليها منذ تأسيسه، لتشريع وجود سلاحه غير الشرعي وقوننة الإمساك بمفاصل الدولة وقراراتها السياسية ومقدراتها الاقتصادية، أسوة بحالات مماثلة للمليشيات والمنظمات التابعة للنظام الايراني في العراق، التي تمعن في تكبيل مؤسسات الدولة واستنزاف جزء كبير من مواردها، تذهب لصالح طهران على حساب ومصالح الشعب العراقي.

هذه الظاهرة المرضية، بدأها الحزب تدريجياً منذ أن اطلق العنان لسلاحه غير الشرعي للتسلط على الواقع السياسي الداخلي بعد انسحاب القوات السورية من لبنان في ربيع العام ٢٠٠٥، إثر جريمة اغتيال الرئيس الشهيدرفيق الحريري التي ادين بارتكابها كوادر من الحزب، وكانت البداية باجتياح العاصمة بالسلاح وقتل أبنائها، وتهديم وحرق ممتلكاتهم في السابع من أيار عام ٢٠٠٨، واحتلال الوسط التجاري وتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية بالقوة، بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود، وانتهت الازمة يومها بعقد اتفاق الدوحة، بالتفاهم على انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، مكافأة له على ابقاء الجيش اللبناني على الحياد وعدم تدخله لمنع اجتياح بيروت، وتكريس اعطاء الثلث المعطل في تأليف الحكومات للحزب وحلفائه خلافا للدستور المنبثق عن الطائف، ما ادى إلى شلل في عمل الحكومات وخططها، وابقاء مصيرها معلقا على مصالح الحزب الاقليمية، والهيمنة على مؤسسات الدولة اللبنانية واداراتها.

واستكمل مخطط حزب الله بتعطيل الاستحقاق الرئاسي لأكثر من عامين كاملين بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في ربيع العام٢٠١٤، واضعا اللبنانيين، امام معادلة، إما انتخاب العماد ميشال عون حليف الحزب المطواع، بعد توقيعه على ورقة تفاهم مار مخايل، التي منحت الحزب الغطاء المسيحي للهيمنة على الدولة اللبنانية، وإما استمرار الفراغ الرئاسي وتداعياته السلبية الى أطول وقت ممكن، وإبقاء هذا الاستحقاق رهن صفقة المفاوضات الايرانية الجارية مع الولايات المتحدة الأميركية والغرب عموما حول الملف النووي الايراني، كما يحدث اليوم تماما.

وانتهت أزمة الفراغ الرئاسي يومها، بانتخاب ميشال عون، مرشح الحزب المطواع لرئاسة الجمهورية، بالتزامن مع توقيع الاتفاق النووي الايراني مع الغرب مباشرة، وبعد تسهيل مفضوح من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، بتوقيع تفاهم معراب مع غريمه التاريخي العماد عون، لقطع الطريق على ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية للرئاسة، بعدما رشحه رئيس تيار المستقبل سعد الحريري يومذاك.

وطوال ولاية عون التي امتدت لست سنوات، لم يحقق اي وعد قطعه في خطابه الرئاسي، ولم يتطرق الى موضوع سلاح حزب الله الايراني، لا من قريب اوبعيد، بل أكثر من ذلك، وفّر للحزب الغطاء اللازم لاستكمال الهيمنة على مفاصل الدولة اللبنانية، ولجعل لبنان منصة لاستعداء الدول العربية الشقيقة والصديقة وتهديد امنها واستقرارها، وساهم في عزل لبنان عن محيطه العربي والدولي.

هذه الأيام، يتكرر مشهد الفراغ الرئاسي في ظروف مشابهة، ولو اختلفت في بعض النواحي.

يتقلب الحزب في مواقفه وشعاراته لتعطيل الانتخابات الرئاسية. تارة يدعي بأنه لا يريد رئيسا يطعن «المقاومة» في الظهر، ليبرر معارضته لكل مرشحي المعارضة وخصومه السياسيين، وتارة يتلطى بالدعوة للحوار لإنهاء الفراغ الرئاسي والتشبث بمرشحه سليمان فرنجية للرئاسة، وكأنه بهذه التقلبات يتهرب من مسؤوليته المباشرة والاساسية في تعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية وابقاء لبنان بلا رئيس للجمهورية، في حين يعلم الجميع، بأن موضوع انتخاب رئيس الجمهوريه، ممكن حله بدون حوار كالذي يدعو إليه الحزب، لو صفت النوايا، وكان الحرص على المصلحة الوطنية العليا هو الهدف الحقيقي. ولذلك فالشعارات والعناوين الفارغة، لم تعد تنطلي على معظم اللبنانيين، ولا تقنع الا من يوجههم الحزب او يدورون بفلكه لمغريات سياسية او مادية.

 

ليس بمقدور أي رئيس للجمهورية أن يخاصم الحزب أو يطعنه في الظهر

 

الكل يعلم ان اي رئيس للجمهورية، حتى ولو كان من الدِّ خصوم الحزب السياسيين، إذا قيض له ان ينتخب رئيسا، ان يخاصم الحزب، أو يطعنه في الظهر كما يروج الحزب من وقت لآخر لهذا الامر، لأن ليس في مصلحته او مصلحة الدولة القيام بذلك، او حتى انه يعرف تمام المعرفة مترتبات وتداعيات مثل هذا التصرف. ولكن في المقابل لم يعد مقبولا ان يستمر الحزب بتوجيه سلاحه إلى الداخل اللبناني، متفلتا من كل الضوابط ومستبيحا الدستور والقوانين، للهيمنة ومصادرة قرار الدولة والشعب اللبناني لمصالح خارجية.

وعلى هذا الواقع يدور الخلاف، ويتخذ من انتخابات رئاسة الجمهورية الواجهة، التي تخفي وراءها الاهداف الباطنية والحقيقة للحزب، لتشريع تسلطه على الدولة اللبنانية والهيمنة عليها.