جلسات انتخاب الرئيس تقترب من معادلة رقم العام 2007
«لجنة التواصل» تنتظر القرار السياسي: حدّدنا نقاط الخلاف
لمن لا يعلم، فقد كان يوم أمس موعد الجلسة السادسة عشرة لانتخاب رئيس الجمهورية. وهو أيضاَ موعد التأجيل السابع عشر، والموعد الأخير في العام 2014، إذ إن رئيس مجلس النواب نبيه بري دعا إلى جلسة تعقد في السابع من كانون الثاني 2015.
بعدما اقترب عدد الجلسات التي لم تعقد من الرقم القياسي المسجل في العام 2007، حيث لم ينتخب حينها رئيس إلا في الجلسة العشرين، صار المشهد في المجلس آلياً. نواب يدخلون ممتشقي القامة إلى القاعة العامة. يتحادثون في أمور الدنيا والسياسة. ينتظرون الأمين العام للمجلس عدنان ضاهر لإعلان موعد التأجيل، ثم يغادرون بهدوء، إما إلى الخارج أو إلى حيث يتجمع الصحافيون.
في موازاة الجلسة الانتخابية، التي صارت فولكلوراً نيابياً، لا يشارك فيه من قيادات الصف الأول سوى الرئيس فؤاد السنيورة، كانت لجنة التواصل الانتخابي تجتمع مطمئنة إلى عدم تحول اجتماعاتها هي الأخرى إلى فولكلور، بسبب عملها المحدد بمهلة تنتهي في نهاية العام. وإلى ذلك التاريخ، يستمر أعضاؤها، الذين صار بعضهم خبيراً بالنظم الانتخابية، بتقطيع الوقت، بعدما أيقنوا أن طريق التوافق ستبقى مسدودة بوجههم إذا لم تفتح بقرار سياسي واضح المعالم.
معظم ممثلي الكتل يقولون علناً: لا قرار سياسياً بالتوافق. ومع ذلك هم مستمرون بالبحث التقني عن نقاط التقارب، وإن بدون إنجازات فعلية حتى الآن.
أمس لم يتغير الكثير سوى استشعار «اللقاء الديموقراطي» لحرج الاستمرار في الغياب عن اللجنة، لعدم قدرة النائب مروان حمادة على المشاركة، فحل محله النائب علاء الدين ترو. ولكي لا يعتبر غياب النائب سامي الجميل بداعي السفر موقفاً اعتراضياً على عمل اللجنة، حل محله النائب إيلي ماروني، فيما يغيب النائب أحمد فتفت لفترة طويلة نسبياً ويحل بدلاً منه النائب زياد القادري.
في المضمون، لم يسجل أي إنجاز لا في تقسيم الدوائر ولا في توزيع المقاعد. حتى تطابق عدد الدوائر بين مشروعي بري و»المستقبل» و«القوات» و«الاشتراكي» لم ينعكس على أعمال اللجنة. وفي ظل رفض «الكتائب» لأي تقسيم لا يعتمد الدوائر الصغرى، سُجل تحفظ النائب أغوب بقردونيان على تقسيم بيروت، مطالباً بنقل المدور التي تشكل ثقلاً أرمنياً من دائرة بيروت الثانية (الباشورة، المرفأ والمدور) إلى بيروت الأولى (الأشرفية، الرميل والصيفي)، وهو ما أيده به النائبان ألان عون واميل رحمة. وفيما شكك النائب أحمد فتفت بإمكانية حصول هذا النقل، لما يشكله من فتح للباب أمام مطالبات تبدأ ولا تنتهي، تُرك أمر معالجة هذا الأمر للهيئة العامة، خاصة أن مطلب «الطاشناق» جاء اعتراضياً على عدم مراعاة الخصوصية الأرمنية أسوة بالخصوصية الدرزية.
وفي اقتراح وُصف بغير الجدي وهدف إلى «زكزكة» الطاشناق، اقترح النائب سيرج طورسركيسيان نقل مقعدي الأرمن الأرثوذكس من بيروت إلى المتن على أن تستحدث دائرة ذات أغلبية أرمنية هناك.
لأن احتمالات النجاح شبه معدومة، بشهادة معظم النواب، بالرغم من تأكيدهم أنفسهم أن النقاط الخلافية ليست كبيرة، فإن تظهير الخلافات وتحديدها بدا أفضل الانجازات التي يمكن تحقيقها، بعدما ظهر جلياً أن التوافق مصيره الإخفاق الحتمي، ما دام القرار السياسي لم ينضج بعد.
وفيما تعقد اللجنة اجتماعات مكثفة الأسبوع المقبل، حيث حددت مواعيد ثلاث جلسات تعقد الثلاثاء والأربعاء والخميس، فإنه يفترض أن يتم البدء بنقاش توزيع المقاعد بين الأكثري والنسبي، علماً أن الاتفاق بشأنها يبدو مستحيلاً وإن كان كل طرف يحتفظ بهامش للتنازلات، يتركه للجولات الأخيرة من النقاش، أو ربما لمرحلة التسوية. وفي كل الأحوال فقد صار واضحاً بالنسبة للبعض من أعضاء اللجنة أن مهمتها تنحصر في تكريس النظام المختلط مع الحد الأدنى من الخلافات، القاعدة الأساس لأي قانون انتخابي سيتم التوافق بشأنه.
ومع اقتراب موعد انتهاء المهلة المعطاة للجنة، يتركز الخلاف حول عقد جلسة إقرار قانون الانتخاب نفسها، حيث صار واضحاً أن بري لن يدعو لها بعد انتهاء مهلة الشهر كما كان متوقعاً. وفيما تركز مصادر رئيس المجلس على ما قاله في جلسة التمديد من أن جلسة قانون الانتخاب يجب أن يسبقها انتخاب الرئيس، يركز المصرون على عقد الجلسة على موقفه في الاجتماع الأول للجنة التواصل، والذي أشار فيه إلى أنه سيعمد فور انتهاء أعمال اللجنة إلى الدعوة إلى جلسة عامة.
وإلى أن تتضح بعض المواقف، يستمر ممثل «التيار» في اللجنة بالمشاركة في المناقشات وإبداء الملاحظات التفصيلية على النقاط التي تثار، من دون أن يعطي موافقة نهائية على أي منها، مؤكداً أن موقف «التيار» يتحدد في ضوء الصيغة النهائية للقانون. في المقابل، عُلم أن ممثل «حزب الله» النائب علي فياض، سينتقل من خانة مناقشة الأفكار المتداولة إلى خانة طرح أفكار جديدة تنطلق من مشروع بري.
أما النائب جورج عدوان، فقد أشار في تصريح بعد جلسة انتخاب الرئيس، إلى أن عدم تحديد جلسة للهيئة العامة سيشجع الأفرقاء في لجنة التواصل على إطالة البحث وعدم التوصل إلى نتيجة في قانون الانتخابات.
وسأل: هل نريد بالعقل قانوناً للانتخابات وهل نريده بأسرع وقت؟ أم نريد الهروب؟ وحذر من محاولات ربط قانون الانتخابات بقضايا اخرى أو بتسوية عامة، معتبراً ان من شأن هذا ان يفقد قانون الانتخابات إمكانية إقراره وإمكانية ان يراعي صحة التمثيل وان يشكل هذا القانون أول مدماك للتفاهم الوطني الذي نسعى له.
وقال إن «اللجنة وصلت الى حصر البحث في قانونين متقاربين بعضهما من بعض، فلماذا كل هذا التعب وهذا الانتظار ولا يزال أمامنا انتظار مرحلة ثانية لكي نتفاهم على قانون الانتخابات النيابية؟ فمن يريد السلة الواحدة، أو يريد أن يؤخر فهو لا يريد قانون انتخابات جديدا، ويفترض ان تكون لديه الجرأة لكي يقول للناس أنا لا أريد قانون انتخابات جديدا».
وقال النائب روبير غانم، بعد اجتماع لجنة التواصل إن «هناك نقاط خلاف تم تبيانها ووضعها كموضوع آخر يبت به في الجلسات اللاحقة، وإن هناك توافقاً على نقاط ايضا كثيرة بما يتعلق باقتراح القانون المقدم من الزميل علي بزي».
أضاف: «لقد تقدمنا في الطروحات الكثيرة وكان النقاش موضوعيا وجديا وخارج نطاق الخصوصيات». وأشار إلى أن «هناك رغبة وطروحات تتجاوز الى حد ما هذه الخصوصيات ليكون الطرح طرحا وطنيا على مستوى كل مكونات الوطن والتمثيل الصحيح الذي نعتمده لكل مكونات الوطن، لان هذا هو منطق دستور الطائف».