Site icon IMLebanon

إنتخاب الرّئيس ليس حلاً

 

 

الحديث عن أنّ مفتاح الحلّ للأزمة اللبنانيّة هو في انتخاب رئيس للجمهوريّة أصبح مجرّد “هراء” حتى لا نقول أكثر من ذلك، حتّى الآن الحلول لأزمات لبنان لا مفاتيح لها وأصعبها الأبواب السياسيّة الموصدة بألف قفل وقفل، في 31 تشرين الأوّل من العام 2016 عندما انتخب العماد ميشال وعلى الرّغم من مظاهر التّفاؤل التي سرت في البلاد بأنّ مصالحة حقيقيّة قامت بين المسيحيّين و”أوعى خيّك”، تلتها التّسوية السُنيّة ـ المسيحيّة التي حملت الجنرال الذي “عمل البحر طحينة” للبنانيّين ولم يلبث أن أعلن أنّنا ذاهبون إلى جهنّم، هذا مجرّد نموذج عن “خدعة” أنّ انتخاب الرّئيس هو الحلّ!

 

وحتى لا نظلم العهد البائد لا بُدّ من الإشارة إلى أنّ كلّ موعد انتخاب رئيس للجمهوريّة منذ العام 1943 كان محفوفاً بأزمات تتكرّر بحدّة أكبر بفعل تداخلها مع أزمات المنطقة، ولكن لنكون صادقين أثبتت تجربة عهد الرئيس ميشال عون أنّ منشأ وأصل العيب هو فينا لا في الدّول التي تتدخّل في شؤوننا لأنّنا نحن من يستدعي هذه الدّول للتّدخّل، منذ نكبة الأرمن والأكراد ثمّ نكبة فلسطين ثمّ عروبة عبد النّاصر مروراً بخيمة الاجتماع بالرئيس فؤاد شهاب على حدود البقاع لأنّ سوريا لا تعترف بلبنان دولة مستقلّة، ثمّ باتّفاق القاهرة الذي وافق اللبنانيّون عليه ووقّعه الرّئيس شارل حلو، وصولاً إلى حرب السنتيْن التي استدرجت الاحتلال السوري في اجتماع فخيم ضمّ إلى جانب الرّئيس السّوري حافظ الأسد وجوه الجبهة اللبنانيّة المسيحيّة التي ضمّت الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميّل والشيخ بشير الجميّل مناشدينه حماية المسيحيّين من الفلسطينيّين، ثمّ تنفّس اللبنانيون الصعداء مع خروج منظمة التحرير الفلسطينيّة من بيروت ولاحقاً هرب الجيش الإسرائيلي منها من دون الحاجة إلى السّلاح الإيراني ولا مقاومة حزب الله ولا بيئته الحاضنة التي استيقظت وبدأت تمدّ أصابع إيران في العبّ اللبناني هادمة عهد أمين الجميّل الذي أورث اللبنان للفراغ وسلّمه إلى مغامرة الجنرال ميشال عون المدمّرة وصولاً إلى انقلاب 6 شباط الإيراني وصولاً إلى إعادة الاحتلال السوري بعد معارك شباط العام 1987، وهكذا وصولاً إلى الطّائف، عند كلّ انتخاب رئيس كنّا نعيش كارثة!

 

من اغتيال الرئيس بشير الجميّل إلى اغتيال الرئيس رينيه معوّض بعد سبع سنوات ثمّ تنصيب تعطيل الاحتلال  السوري الرئيس الياس الهراوي يليه الرئيس إميل لحود الذي بدأ زلمة بشّار وانتهى به الحال زلمة المقاومة ـ كما كان يحلو للسيد حسن نصر الله وصفه بـ “الزلمي” ـ وبفضل الصراع والنّقار والخلاف اللبناني الدّائم و”تفرطع” فريق 14 آذار إنتخابيّاً ثمّ انهياره أخلاقيّاً وسياسيّاً بعدما افتتحت القيادات بازار مصالحها الشخصيّة منذ الاتفاق الرّباعي الإنتخابي، وصولاً إلى إقناع اللبنانيّين والأميركان والأوروبيّين بأنّ الانتخابات النيابيّة هي بوّابة التغيير لهذه الطبقة السياسيّة فأنتجت هذه الانتخابات برلماناً هزيلاً فيه “كراكوزات” التغيير، ونفس فلول الفساد العاجزة عن انتخاب رئيس!

 

إنتخاب الرّئيس ليس الحلّ، الحلّ في إخضاع لبنان “لفرمتة” تغيّره من شروشه، وبصدق نقول الطوائف كلّها ما طايقة تعيش مع بعضها أمرٌ واحد فقط يوحّدها هو أنّها مش طايقة العيش المشترك مع حزب الله، هم أمّة إيران ونحن الأمّة اللبنانيّة التي نصّ عليها الدّستور اللبناني ومعه اتفاق الطّائف المليء بالأفخاخ والثّقوب والخدع وعدم الوضوح وترك نصوص مبهمة وكلّه مقصود لإغراق السّفينة اللبنانيّة والحمد لله لقد غرقت، ولو قلنا تعالواْ نبدأ من جديد تأكّدوا أنّ الجميع لن يصلوا إلى اتّفاق بل إلى حرب أهليّة، المشهد في السّودان والحرب الدّائرة بين دويلة التّدخّل السّريع وهي في الأصل ميليشيا الجنجويد ودولة الجيش السوداني تشبه جنجويد لبنان متمثّلاً بدويلة حزب الله والجيش اللبناني وهو الدّولة التي تتلقّى المساعدات لإطعام الجنود والمحافظة على ما تبقّى من مشهد لبنان الدّولة!

 

“التّوك فينا” لا في الاحتلالات التي كنّا نستقوي بها من أيام القناصل قبل ثلاثة قرون بكلّ حروبها ومجازرها وتقسيماتها، الحلّ في أن يفرض علينا العالم صيغة حلّ لبضعة عقود ثمّ تعديلها بحسب نجاح أو فشل التطبيق، لأنّ انتخاب رئيس ليس حلّاً، لم يكن الرّئيس في لبنان إلا لإدارة الأزمة أو هو الأزمة بنفسها!