مع عودة الملفات المتعدّدة إلى طاولة مجلس الوزراء، تتوقّع أوساط نيابية وسطية أن تشكّل جلسة مجلس الوزراء الأربعاء المقبل، مساحة لنقاشات مستفيضة تتناول كل التطورات المستجدة على الروزنامة الداخلية، بدءاً بوثيقة «اللقاء التشاوري» في قصر بعبدا، وصولاً إلى بدء الإستعدادات «التقنية» للإستحقاق النيابي المقبل. وتعتبر هذه الأوساط، أن الأجواء التفاؤلية التي سادت في الأسابيع الماضية، تتعرّض اليوم للإختبار، لا سيما في المجالات الإقتصادية والإنمائية، في ظل خارطة الطريق التي حدّدها «اللقاء» للمرحلة المقبلة. فالتحدّي كبير، تضيف الأوساط، وكذلك، فإن الفترة الزمنية قصيرة أمام السلطة للذهاب بشكل فعلي إلى ترجمة خطاب القَسَم والبيان الوزاري قبل الإنخراط في بحث مقرّرات «لقاء بعبدا».
فالملفات المؤجّلة منذ أشهر عدة، ومنها ما هو مؤجّل منذ سنوات، باتت في مرحلة الحسم، وذلك على الرغم من التباينات في وجهات النظر بين المكوّنات السياسية للحكومة. ويرتدي تفعيل العمل الحكومي، بحسب الأوساط نفسها، طابعاً مختلفاً هذه المرة، كونه سيتزامن مع عودة الزخم إلى المجلس النيابي، وذلك في سياق خطة متكاملة لمقاربة العناوين التي تحدّث عنها المجتمعون في قصر بعبدا بشكل موحّد، ثم أكد عليها الرؤساء، وبشكل خاص ملف سلسلة الرتب والرواتب الذي أخذه الرئيس نبيه بري على عاتقه.
لذلك، فإن طي صفحة قانون الإنتخاب، لا يعني طي صفحة الإنتاج الحكومي أو النيابي، بانتظار موعد الإنتخابات النيابية بعد نحو عام، كما تضيف الأوساط، لأن تركيز الحكومة فقط على الملف الإنتخابي سيدخلها في دوّامة المراوحة والتأجيل لأي قرارات فاعلة. واعتبرت في هذا المجال، أن وزارة الداخلية هي الجهة المخوّلة بالإنشغال بورشة الإنتخابات النيابية قبل موعدها البعيد، وأما بالنسبة لباقي الوزارات، فالإلتزام بالبيان الوزاري بات ملحّاً، خصوصاً وأن الحكومة أضاعت الكثير من الوقت خلال فترة التجاذبات حول قانون الإنتخاب، والتي عطّلت أي إنتاجية في ملفات أخرى.
وفي سياق متصل، دعت الأوساط النيابية إلى عدم ربط الواقع الحكومي، ولا سيما الإنمائي بالعناوين السياسية، وذلك لبلورة حدّ أدنى من الخطط النوعية الهادفة إلى نقل المشهد الداخلي من مزدحم بالأزمات إلى حلول لعدّة مواضيع ليس أقلّها ملف الكهرباء والنفايات والشؤون الإجتماعية والبنى التحتية. وحذّرت من نسج تحالفات إنتخابية بين مكوّنات الحكومة على حساب هذه الملفات، خصوصاً وأن التعاون هو ممر إلزامي لأية حلول، وذلك بصرف النظر عن التفاهمات الإنتخابية داخل الحكومة أو بين الكتل النيابية.
وإذا كانت الحكومة ما زالت تهدف إلى استعادة ثقة اللبنانيين، فإن الفرصة اليوم متاحة أمامها ولن تتكرّر، كما أشارت الأوساط نفسها، والتي نبّهت من دقّة الوضع الإقليمي المتفجّر والذي سيحمل متغيّرات ستترك أثراً كبيراً على مجمل المشهد الداخلي، الأمر الذي من شأنه فرملة عملية إعادة إطلاق ورشة الإصلاحات على كافة مستوياتها، وسيدخل لبنان مجدّداً نفق الصراعات الإقليمية التي لن تجد سبيلاً إلى الحلّ من دون مواجهات عسكرية.