مرت على البلاد مناسبة الإنتخبات الإغترابية، فكانت مفاجآتها الإيجابية عديدة الوجوه والتوجهات، وفي طليعتها، إطلاق نُخَبٍ من الشباب والشابات الذين طاولهم التهجير القسري إلى بلاد الإغتراب المختلفة، فكانوا وفقا لمواقفهم وتصريحاتهم المعلنة، طليعة حادّة الوجود والتصرّف، وواضحة الدعوة إلى تفسير الأوضاع وقلبها على رؤوس ساسة العهود الموليّة، فقلبت معها جملة من أوضاع هذا الوطن بطابعه الطليعي المتميز الذي حافظ طويلا على تسمية «سويسرا الشرق»، حتى حلّت عليه جملة من المصائب المتفاقمة، خاصة تلك التي أقبلت إلينا مع إطلالة «العهد القوي» وممارساته الداعمة للتوجهات الإيرانية في وطن غُيّبت عنه الرعاية العربية التقليدية التي لطالما أمسكت به وقوّمت سقطاته وعثراته، وحافظت على وجوده مطعّما بسرقات السارقين والنهّابين الذين أوقعوه في جحيم الفقر والحاجة الماسّة وغيابٍ كامل لمقوّمات الحياة والعيش الكريم المتميز الذي أضاع الهوية اللبنانية بكل ركائزها الدولية والإقليمية، وبصورة خاصة، بكلّ علاقاتها العربية التي أضاعت لبنان في خضمّ الإنتماءات الغريبة والإنقسامات المريبة، وأطلقت إلى دنيا التخريب والدفع بأبنائه إلى الهجرة القسرية التي تبدّت معالمها الغاضبة والثائرة من خلال بروز عناصرها الشابة في الممارسة الإنتخابية الإغترابية والتي برزت فيها جملة من الفئات اللبنانية، أهمّها تلك التي أطلقت مواقفها وشعاراتها التغييرية، مضافا إليها جملة من الأحزاب التي برزت في نشاطات إغترابية معارضة كأحزاب الكتائب والإشتراكي والقوات اللبنانية، والتي حاول فيها الحزب العوني استقطاب الإهتمام والانتشار في بعض الأوساط المسيحية، فكان أن أدّت ممارساته السلبية وانتماءاته الإقليمية المرتبطة بالمواقف الإلتصاقية بحزب الله ورعايته الإيرانية، إلى تراجع ملحوظ في شعبيته التي قام بالمستحيل من الإجراءات والتصرفات، لطمسها بجملة من المواقع والمواقف والتصرفات التي دفعت به إلى نتائج غاية في التراجع والسلبية الجماهرية، ولعل الإنتخابات الإغترابية ونتائجها، تمثل واقعا له نتائجه وارتباطاته الأولية بالوضعية الإنتخابية العامة التي يؤمل أن يكون استحقاقها في منتصف هذا الشهر، بدايةً لتحولات هامة في الوضع السياسي الذي يتخوف الكثيرون من تحولات سلبية قد تواجه الوطن والمواطنين، بعد عملية الإنتخابات العامة التي ستتم في نهاية الأسبوع، ذلك أن الوضع المنتظر، ملطّخ حتى الآن بنظرة مشككة ومترددة وحافلة بالملاحظات السلبية لدى الكثيرين، حيث أن الوضع الإنتخابي العام، مشوب بمواقف سلبية عديدة يسعى فيها «الحزب» إلى الإمساك الكامل بالوضع الشيعي بغطاء ما زال قائما من خلال مواقف التيار العوني (بالرغم من تراجعاته) وبالرغم من كل السلبيات المقلقة، والمتمثل بعضها بكميات من الأموال الداخلية والخارجية التي تبذل في إطار المعركة الإنتخابية، (وبسيل من الأموال مختلفة المصادر التي يتم طرحها في شتى مواقع المداخلات المشبوهة)، مستغلّة حاجات المواطنين وتراجع إمكاناتهم المادية والهبوط الملحوظ في معنوياتهم وصمودهم في كل ميادين الحياة ومتطلباتها الملحّة. وعليه… هي مرحلة جديدة من حياة هذا الوطن المنكوب، ستبدأ في الأسبوع المقبل، تلاحقها جملة من الإحتمالات التي قد تنشب من خلال أي تطور للأوضاع في منحى الإتجاه السلبي الذي قد يتمثل بطاريء ما: (حدث أمني – موقف رئاسي، تطوّر إقليمي ولعل إرجاء زيارة قداسة البابا إلى لبنان، لموعد يحدد لاحقا، يدخل في هذا الإطار هو طاريء محتمل ضمن إطار هذه الإحتمالات)، دون أن يمنعنا ذلك، من الأخذ بعين الإعتبار، لأي من الإحتمالات الإيجابية التي قد ينعم بها الوضع اللبناني نتيجة لجملة من الجهود الدولية والإقليمية فضلا عن بعض التوقعات المحلية، وهي تستند لدى بعض المحللين والمطلعين على مجمل أوضاع المنطقة، وعلى ملاحظات وافتراضات ذات منحى إيجابي قد تسفر عنه بعض المستجدات والإفتراضات.
وبعد: لنحفظ جميعا حدّة التصريحات واللهجات الشعبوية التي ترافق مرحلة الإنتخابات العامة المقبلة، وهي حدّة لو تطورت سلبيا، فإنها ستضعنا قولا وفعلا في إطار جملة من المآزق والمزالق وتسهم في جرّ البلاد إلى الأودية التراجعية السحيقة التي أصبحنا في أقاصي هوّتها، ومع كل ذلك ورغم كل التناقضات الإفتراضية القائمة بصدد لواحق مرحلة الإنتخابات، آن الأوان لانتشال هذا الوطن، الغريق في «جهنم» من لهبها الموغل في أعماق الدّمار والخراب ومستجدّات الهجرة ومواكبها المتعاظمة والتي من إيجابياتها أنها نقلت كمّاً هائلا من الغضب اللبناني إلى تحرّكات إغترابية تمثلت وبرزت في انتخاباتها الأخيرة، بالخير والتمدد إلى إنتخابات نهاية هذا الأسبوع.