IMLebanon

صَبغَتْ أصابعَنا بلونٍ واحد

 

 

كان مهمّاً أنْ تجري الإنتخابات النيابية، وأهـمُّ ما فيها أنّها صبغَتْ أصابعنا بلونٍ واحد، فيما الأصابع متعدّدةُ الألوان الوطنية والتلوين الخارجي.

 

والمهـمُّ فيها أنْ نُحسن تعداد العِبـرِ منها قبل إحصاء عـدد المرشحين الفائزين.

 

ماذا.. لـوْ أنّ المجتمع المدني بكلِّ أعضائه وتجمعاته من قـوى الثورة والتغيير قـدْ توحّدوا في مواقفهم وبرامجهم وتوجّهاتهم ولوائحهم… ولَـوْ أنّهم لم يبعثروا أنفسهم في ثورةٍ ترشّحية عشوائية..؟

 

ماذا… لـوْ أنّ قـوى التغيير غيـرّوا ما بأنفسهم… وماذا لو أقدم الألوف من الذين أحجموا عن الإقتراع، أَفَمـا كان في وسعهم أنْ يبدّلوا تبديلاً…؟

 

عندما احتشد مليون مواطن في الشارع ذات يـوم من أيام تشرين، كان ذلك المشهد الحاشد إسمه الثورة…

 

وعندما انقسمت الثورة ثوراتٍ على نفسها أصبحتْ حراكاً أهـوج…

 

وعندما خاضت قـوى التغيير المعارك الإنتخابية بلوائح متعدّدة ، تواجـه بها لوائح السلطة، وتواجه نفسها بلوائحها، أصبحت كأنّها تخوض معركة التغيير لتغيير نفسها بنفسها.

 

ومع هذا المشهد المتضعضع والمتضارب، استطاعت أن تحقّـق قفـزةً ماديّة ومعنوية مرموقة.

 

من الملاحظ أنّ التغييريّين خاضوا الإنتخابات النيابية على أنّها معركةٌ ضـدّ السلاح، وقد تجلّى ذلك بما تيسّر لهم مِـنْ إسقاطِ مَـنْ اعتبروهم بعضَ رموزه، وكان للأحداث التي وقعت في فـرن الشباك – الطيونه، صـوتٌ اقتراعيٌ على السلاح ضـدّ السلاح.

 

كثيرون مِـمّن كانوا ضـدّ القوات اللبنانية انعطفوا إليها ليس حبّـاً «بالحكيم» بل نكاية بمن يظنّـون أنهم يعطّلون المحاكمة.

 

كان لافتاً تصويبُ التغييريّين على ما وصفوه بجهنّم الحكم وشيْطنـةِ ولـيّ العهد، بما سادَ في هذا العهد من انهيارات قاتلة مُنيَتْ بها البلاد، فبدَّدَت قامة الدولة وقيامها وقِيمَها على أيـدي أهـل الدولة مع ما تسبّبت بـهِ من فواجع ماليةٍ واقتصاديةٍ أقلُّهـا الموتُ البطيء والسعيُ الذليل نحو الهجرة والرغيف.

 

سواء كانت هذه التبريرات صحيحة أو مضخّمة إلاّ أنّها تحتاج إلى قراءة موضوعية متجرّدة يقتضي أنْ يتلقّفها العقليّون لإنقاذ الوطن من انهياراته الساحقة.

 

في مسؤولية الإنقاذ نتطلّع إلى حـزب اللـه الذي يتمتّـع بالقدرة الراجحة لاحتواء هذه الظاهرة ومعالجة أسبابها والحـدّ من استفحالها السلبي، حتّى لا تكون المعالجات بالمواجهات ، بين أصوات الصناديق وأصوات الرصاص.

 

وعلى التيار الوطني الحـرّ أن يُحسن قراءة المستجدّات من دون أنْ تكون القراءة على عتَمـةِ التيار الكهربائي.

 

مسؤولية حـزب اللـه في ما بعـدَ بعـدَ الخامس عشر من أيار، بمـا تحمل طوالع الأيام الآتية من مفاجآت واستحقاقات دستورية ، كلّ منها يشكّل قنبلةً موقوتة تنـذر بالإنفجار.

 

لقد عبّـر عن ذلك السيد حسن في إطلالته التلفزيونية أمس الأول، فخاطب كل الناس على طريقة «يا أيها الناس»، «ودعا إلى الشراكة والتعاون في تحمّل المسؤوليات في معزل عن الخصومات»، وهو الذي قال بعد أحداث الطيونة: «مسؤوليتنا الصبر والبصيرة وانفتاحٌ إسلامي مسيحي ولملمـة الجراح أكثر من أي يـوم مضى..».

 

أكثر من أيِّ يـوم مضى، بـات يتحـدّانا قـولُ الفيلسوف اليوناني «فيتاغوراس» «التقسيم شرط من شروط التوحيد».

 

من هـمُ إذاً، الذين يتّخذون المبادرة لتوحيد التقسيم ، من أجل أن «نحمي ونبنـي» ..؟